نشرت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية تقريرا تطرقت فيه لحصيلة خسائر معركة استعادة الموصل من براثن تنظيم الدولة، التي أسفرت عن مقتل الآلاف وأدت إلى تدمير أغنى وأعرق المدن العراقية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن أهالي المدينة العتيقة بالموصل عادوا إلى ديارهم ليجدوا أنها تحولت إلى كومة من الأنقاض والركام بعد أشهر من المعارك الطاحنة. ومن بين أهالي هذه المدينة، الذين اختاروا العودة إلى مسقط رأسهم، نذكر مهندس الطيران السابق لدى الجيش العراقي، راغب القهوجي.
وذكرت أن القهوجي عاد إلى موطنه الأصلي ليجد بيته على وشك الانهيار. وعثر برفقة أولاده على كومة من الملابس والمواد الغذائية التي خلفها عناصر تنظيم الدولة في الطابق الأرضي من بيته، حيث كان يملك متجرا للمواد الكهربائية الذي تحول بدوره إلى رماد. وفي هذا الصدد، أفاد قهوجي بأنه “أُتلفت وسُرقت كمية من السلع بقيمة نصف مليون دولار”.
وتابع مهندس الطيران السابق لدى الجيش العراقي قائلا: “لم يسرق عناصر تنظيم الدولة كل البضائع، بل تركوا صندوقا من المصابيح الكهربائية. في المقابل، نهبوا كل الأسلاك التي يحتاجونها لصناعة القنابل وحفر الأنفاق”.
وأشارت الصحيفة إلى أن القهوجي غادر الموصل عندما سيطر عليها تنظيم الدولة، لكنه عاد إليها بعد ثلاث سنوات ليساهم في إعادة إعمارها. وفيما مضى، كانت الموصل عاصمة العراق التجارية، فضلا عن أنها تعد ثاني أكبر مدينة عراقية.
وفي هذا الإطار، قال القهوجي: “تعتبر الموصل معقل الطائفة السنية، لذلك لن تسهر الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية على إعادة بنائها، لكن هذه المدينة ستظل غنية على الدوام، بالإضافة إلى أن أهاليها يعتزون بها مثلي أنا تماما”.
وفي سياق متصل أضاف القهوجي: “لم يأت تنظيم الدولة إلى هذه المدينة عبثا، بل توغلوا في شوارع المدينة قبل احتلالها وابتزوا رجال الأعمال ليحصلوا على الملايين من الدولارات شهريا”.
وبينت الصحيفة أن إعادة إعمار الموصل تعتبر تحديا صعبا لاسيما أن المدينة أصبحت بمثابة صحراء قاحلة، حيث دمر جسر الجمهورية وأصبحت الشوارع خالية إلا من العصافير التي تحلق في السماء.
وبين الفينة والأخرى، يسمع دوي إطلاق الرصاص والانفجارات. بالإضافة إلى ذلك، يواجه الأهالي خطر الألغام المزروعة تحت الأرض.
وأوضحت أن قوات الدفاع المدني العراقية أعلنت عن انتشال حوالي 2600 جثة من تحت الأنقاض في غرب الموصل منذ الإعلان عن استعادة المدينة بتاريخ 10 تموز/ يوليو الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن أغلب الضحايا مدنيون ينحدرون من المدينة القديمة الواقعة غربي الموصل. وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية قد حذرت الأهالي من مغبة البقاء في منازلهم، إلا أن هذه التحذيرات آتت أكلها في الجزء الشرقي من المدينة فحسب، بينما سقط أغلب أهالي الجزء الغربي ضحية المعارك الطاحنة.
وأوردت الصحيفة أن تقديرات الأمم المتحدة أشارت إلى أنه وقع تدمير 32 ألف مبنى في الموصل، خلال الغارات التي شنها التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة أو العمليات الانتحارية التي تقودها مليشيات تنظيم الدولة.
من جهة أخرى، لقي حوالي 1400 جندي عراقي حتفهم، بينما جرح قرابة 7 آلاف عنصر من القوات العراقية. ووفق المنظمة الدولية للهجرة، فإن أغلب أهالي شرق الموصل عادوا إلى ديارهم، بينما بقي ما يناهز الـ800 ألف مواطن منحدرين من غرب الموصل في مراكز اللجوء.
وذكرت الصحيفة أن عملية إعادة إعمار مدينة الموصل تحتاج إلى قرابة الـ700 مليون دولار، علما بأن مدينة الموصل تضم العديد من المواطنين المنتمين إلى أعراق مختلفة من سنة وشيعة وعرب وأكراد وتركمان، فضلا عن أنها تضم إرثا ثقافيا عريقا نُسف على يد مليشيات تنظيم الدولة.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن عناصر التنظيم فجروا جامع النوري بمئذنته الحدباء حتى لا يقع في أيدي قوات الجيش العراقي. وقبل سنوات خلت، أعلن زعيم تنظيم الدولة، أبو بكر البغدادي، عن إقامة دولة الخلافة من هذا الجامع الذي يعتبر أحد المعالم التاريخية العريقة في الموصل.
عربي 21