طغت التصريحات الإعلامية في اليوم الثالث من الهدنة السورية، أمس، على مراقبة مدى الالتزام بوقف إطلاق النار، رغم أنّ أصوات القذائف والمدافع وصدى المعارك لم يتوقف نتيجة الخروق التي بدأت بها قوات النظام وروسيا منذ بدء تنفيذ الاتفاق.
وتحرص موسكو على المضي قدماً في الهدنة السورية، رغم الخروق التي تنفذها طائراتها الحربية أو مدافع حليفها النظام السوري، ما يشير إلى تناقض في مواقفها الميدانية. لكنها في الوقت نفسه تفضل الخوض في تفاصيل الحلّ السياسي على الحسم العسكري. يأتي ذلك في وقت يتكرر فيه حديث الولايات المتحدة والسعودية عن اللجوء إلى الخطة (ب) والتلويح بالحسم العسكري في سورية عبر التدخل البرّي.
ويبرز التناقض الروسي في الميدان، من خلال إلقاء الطائرات الروسية تارة صواريخ على مناطق سيطرة المعارضة السورية، وتارة أخرى مناشير مذيلة بتوقيع “القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة”، وإرسال رسائل من قبيل أن الأمن والسلام أفضل بكثير من الحرب والدمار.
وفي تعليق له على وقف إطلاق النار في سورية، قال الكرملين، أمس ، إن “العملية مستمرة”، وإن كان واضحاً من البداية أنها لن تكون سهلة. وفيما يفسّر على أنه جس نبض روسي لموقف الولايات المتحدة من الخروق التي تحدثها موسكو والنظام السوري منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، قالت وزارة الخارجية الروسية إن “وزير الخارجية سيرجي لافروف ناقش مع نظيره الأميركي جون كيري في اتصال هاتفي تعزيز التعاون بين القوات المسلحة في البلدين فيما يتعلق بخطة وقف إطلاق النار في سورية”، مؤكدة على أن “لافروف هو من بادر بالاتصال”.
غير أنّ طمأنة الروس للولايات المتحدة يبدّدها حلف شمالي الأطلسي، الذي أعلن أنه غير مرتاح للحشد العسكري الروسي في سورية، وهو ما عبّر عنه بوضوح الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج، بقوله “نحن قلقون من الحشد العسكري الروسي الكبير الذي شهدناه في سورية بقوات برية وقوات بحرية في شرق المتوسط وقوات جوية تشنّ غارات”.
ميدانياً، واصلت قوات النظام السوري وروسيا خرق الهدنة لليوم الثالث على التوالي، وإن كان هذا اليوم أخف وطأة من سابقيه، وقال المتحدث الرسمي باسم “حركة تحرير حمص” صهيب العلي” لـ “العربي الجديد” إن هدوءاً حذراً لا يزال يسيطر على جبهات ريف حمص باستثناء جبهة الرستن، التي تُستهدف برشقات من طلقات “الشيلكا” من قبل كتيبة الهندسة المطلة على طخوم الرستن، كما استهدفت كتيبة الهندسة قرية حربنفسه بعدة قذائف صاروخية ومدفعية، بحسبه.
وأضاف العلي بأن “الطيران الروسي استهدف قرية حربنفسه بأكثر من 15 صاروخاً، فيما حاول النظام استغلال الهدنة والتقدم باتجاه قرية حربنفسه، مما أدى الى ارتقاء شهيد وعدد من الجرحى وهم يدافعون عن النفس ويمنعون تقدم النظام”.
بموازاة ذلك، كانت الطائرات الروسية تلقي صواريخها على ريف حمص الشمالي، وفي الوقت نفسه كان هناك طائرات روسية أخرى تلقي منشورات تدعو إلى ترك السلاح وتسوية أوضاع المقاتلين، فيما يدّل على اتباع موسكو سياسية تعرف بـ “بالعصا والجزرة”، وحصلت “العربي الجديد” على نسخة من ورقة أسقطت من طائرة روسية جواً على مدينة الرستن حملت عنوان “الأمن والسلام أفضل بكثير من الحرب والدمار”.
وجاء في نص الرسالة “أهلنا الكرام إن الحرب التي افتعلها الإرهابيون في وطننا ليست في مصلحة أحد من السوريين، الإرهابيون الذين دخلوا بينكم تسببوا بالدمار والمآسي للجميع، سنواصل قتال هؤلاء حتى نخرجهم من أرضنا، الجيش العربي السوري يعرض عليكم حقن الدماء، والعفو عمن غرر به، وتسوية أوضاع الذين يتخلون عن سلاحهم طواعية، ولن يتم ملاحقة أي منهم، إن الجيش العربي السوري، يضمن الحفاظ على حياتكم وبيوتكم وأرزاقكم، والعودة إلى حياتكم الطبيعة”.وفي خط عريض خلصت الرسالة بـ”اختيارك طريق الأمن والسلام هو أفضل بكثير من اختيارك لطريق الحرب والدمار”. وذُيلت بتوقيع “القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة”
في السياق، قال مركز حماة الإعلامي إن “الطيران الحربي الروسي يشن غارات جوية بالصواريخ الفراغية على بلدة طلف في ريف حماة الجنوبي”. أما في ريف إدلب، فقد استهدف الطيران المروحي بلدات الكندة ومرعند والناجية، في ريف جسر الشغور الغربي، بـ 6 براميل متفجرة، اثنان لكل منها، في وقت قال الناشط الإعلامي، أبو بهاء الإدلبي لـ “العربي الجديد” إن “البلدات الثلاث خالية تماماً من أي تواجد عسكري، وسبق أن تم إخلاء جميع مقرات “جبهة النصرة” فيها، وحتى إن جزءاً كبيراً من المدنيين نزحوا جراء القصف المتواصل”.
العربي الجديد –