الشطر الثاني من الثروة من قبل القطاع الصناعي والقطاعات الأخرى على جانب المحور الاقتصادي الرئيسي أو الفعال الممتد من دمشق إلى حلب، والمار بحمص وحماة، والمحور المتفرع عن الرئيسي الذي يمر بطرطوس واللاذقية، أما باقي المحافظات فكانت مساهماتها متواضعة أو بنسب قليلة مقارنة بالأقاليم الأخرى، مثل درعا والسويداء والقنيطرة في الجنوب والبادية السورية وادلب وريف حلب إلى حد ما.
ويشير المصبح إلى أنه وفق اتفاق أستانة، فإن المناطق المعنية بما يسمى خفض التوتر، ستكون ذات إنتاج متواضع، ويغلب عليها الإنتاج الأولي الزراعي والذي يورد معظمه إلى المدن الكبرى للاستهلاك النهائي.
ويلفت الخبير السوري، إلى أن المناطق الأربع، لا تنتج ما يكفيها من موارد وصناعات لكي تتمكن من البقاء لفترة طويلة في ظل عدم وجود علاقات مع المدن الرئيسية على المحور الاقتصادي الرئيسي، مما يجبرها إذا استمر سيناريو التقسيم على تعزيز العلاقات مع دول الجوار ولاسيما مع إسرائيل في الجنوب.
وحول ما قيل من فوائد اتفاق أستانة من عودة المهجرين وتأهيل البنى والمرافق، يجيب المصبح: إن موارد هذه المناطق الراهنة بالكاد تكفي السكان الموجودين الآن، وهم قادرون في ظروف سيناريو أستانة على إنتاج الحد الأدنى من الإنتاج للبقاء، متوقعاً عدم استمرار هذا السيناريو لعدم واقعيته من الناحية الاقتصادية على الأقل.
وأكد أن الدول المعنية بالشأن السوري، مطالبة بتمويل مشروعات إعادة تأهيل البنى التحتية اللازمة للاستمرار مثل الشوارع الرئيسية والمراكز الصحية وشبكات المياه والصرف الصحي.
اتفاق هش لتقطيع سورية
لم ير رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية أسامة القاضي أن مشروع “المناطق الأربع” واضح المعالم، إذ يغلب على الاتفاق الذي فرضه الضامنون، الجانبين الأمني والسياسي، ويضيف: “هي مناطق أمنية وليست آمنة، بحيث إنها لا توحي بأنها تقسيم لثروات البلاد فقط، لكنها تقطّع أوصال سورية وتشرعن الوجود الروسي والإيراني قبل أي تدخل أميركي، وهي مؤقتة حتى يحصل الحل السياسي الموعود”.
ويشير القاضي لـ “العربي الجديد”، إلى أنه لا يوجد ثروات مغرية كثيرا في بعض مناطق إدلب التي ذكرها اتفاق آستانة، وكذلك غير معروفة الأجزاء الريفية المقصودة من اللاذقية، وحماة، وحلب، ولا حتى الأجزاء المذكورة من شمال ريف حمص، أو في الغوطة الشرقية، فضلا عن ضبابية المناطق المقصودة في درعا والقنيطرة.
ويقول القاضي: “أعتقد أن الروس والإيرانيين سيسعون جهدهم كي يظهروا أن النظام السوري هو المسؤول عن إعادة إعمار جزئي وتأمين الخدمات اللازمة ولو صورياً حتى يكسبوه شرعية، نافياً بالوقت ذاته، أن يكون هناك أي مشروع حقيقي لإعادة الإعمار، ولن يكون هناك قطاع خاص يبني ما تم تدميره، وسيظل كل شيء مؤقتاً وعرضة للدمار ما لم يتم التوصل لحل سياسي ناجز وبإرادة أميركية، حسب القاضي.
حصة أميركا
وحول ما يتعلق بالثروات واستحواذها خارج المناطق الأربع، يجيب القاضي، بأن واقع الحال أن أميركا باستخدامها لقوى انفصالية ليست لها حاضنة شعبية لا عربية ولا كردية ستضع يدها على النفط في شمال شرقي سورية إضافة إلى الثروة الزراعية هناك، حتى تفشل أي معاهدات موقعة بين الروس والنظام السوري بشأن التنقيب عن النفط واستثماره، ولذلك على الأغلب سيتم استبدال مناطق سيطرة “داعش ” بمناطق تحت النفوذ الأميركي.
وتابع الخبير الاقتصادي: “سيظل الصراع مستمراً إلى أن تتم بلورة رؤية أميركية لإنشاء مناطق آمنة مؤقتة ودفعها باتجاه حل سياسي، مما قد لا يسمح للنظام بأن يبقي في يده أي جغرافيا مفيدة وتظل حلماً غير قابل للتطبيق، وبإمكانها أن تقلب عليه وعلى حلفائه الموازين في أي لحظة، لأن هذه المناطق هشة وسهل خرقها”. يذكر أن خسائر الحرب في سورية بلغت 275 مليار دولار، خلال السنوات الست التي أعقبت الثورة في مارس/آذار عام 2011، حسب تقرير للاتحاد العام لنقابات العمال في سورية.
العربي الجديد