أعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن رسميا عن تحرير مدينة الرقة السورية من قبضة مسلحي تنظيم “داعش”.
وهنأ التحالف في بيان له “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من قبله بهذا الإنجاز، مؤكدا أن تحرير الرقة والموصل العراقية من “داعش” هو نقطة تحول في الحرب على التنظيم الإرهابي، وسيسهم في بروز هوة بين قادته وعناصره الذين يتقلص تعدادهم
وأشاد مدير العمليات في التحالف الجنرال جوناثان براغا في البيان بمهنية وشجاعة مقاتلي “قوات سوريا الديمقراطية” المشاركين في عملية تحرير “عاصمة الخلافة”، قائلا إنهم كانوا يديرون عملياتهم باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة من أجل إجلاء السكان المحليين من مناطق القتال وتقليص الخسائر بين المدنيين قدر الإمكان
وقد أعلن رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي(الدوما)، يوري شفيتكين، أن قوات سوريا الديمقراطية لما استطاعت تحرير مدينة الرقة السورية بدون مساعدة قوات من الجيش السوري المدعومة من القوات الجوية الروسية
وأشار البرلمان الروسي إلى أن الحدث الاخير هو خدمة لجميع السوريين وهذا سيؤسس الى انتشار الامن والسلام في سوريا والمنطقة.
وأكد شفيتكين أن روسيا مستعدة للتعاون مع جميع المعنيين في مكافحة الإرهابيين في سوريا.
ووصف عضو البرلمان السوري، عمار الأسد في أكتوبر/تشرين الأول، عملية “تحرير الرقة” من قبل التحالف الدولي والقوات الموالية له بـ”المسرحية الهزلية”.
وتابع قائلا “داعش لا يتحرك إلا بغطاء من الاستخبارات الأمريكية، في إطار مهاجمته لنقاط الجيش العربي السوري”.
وأشار النائب السوري إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا هم من قادوا العدوان على سوريا، وإذا ما كانوا جادين في تقديم مساعداتهم المادية للشعب السوري، فعليهم أن ينتهجوا خطوتين:
الأولى: كفها عن دعم الإرهاب.
الثانية: التنسيق المباشر مع الدولة السورية والجيش العربي السوري.
تركيا والدخول الى ادلب
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واضحا عندما حدد الهدف من العملية التركية في إدلب بقوله إنه لن يسمح بإقامة “ممر إرهابي يبدأ من عفرين ويمتد إلى البحر المتوسط”، في إشارة إلى منع إقامة كيان كردي على حدود تركيا الجنوبية مع سوريا.
ورغم ذلك؛ فإنه من الجلي أن هذه العملية تحمل جملة من الأهداف الذهبية للسياسة التركية، بعد أن نجحت أنقرة في تأمين غطاء جوي روسي لها، وتفاهم مع موسكو وطهران على إقامة منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب، حيث تأمل تركيا منها إعطاء قوة دفع كبيرة لسياستها تجاه الأزمة السورية مستقبلا.
ويؤكد ذلك أن للعملية جملة من الأهداف الإستراتيجية، من أهمها:
1- قطع الطريق أمام تمدد الكرد وتطلعهم للوصول إلى البحر المتوسط، ففي صلب العملية التركية إقامة ممر يمتد من إدلب إلى إعزاز في حلبعبر ناحية جنديرس التابعة لعفرين، فضلا عن تطويق الأخيرة ووضعها تحت المراقبة التركية الحثيثة عبر نقاط عسكرية في إدلب.
ويعني ذلك تطويق المدينة وشل فعالية “وحدات حماية الشعب” (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي)، وربما التحرك مع فصائل الجيش الحر للسيطرة على المدينة في إطار محاربة حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تعده تركيا الفرعَ السوري لحزب العمال الكردستاني التركي.
2- أن من شأن هذه العملية ترسيخ دور تركيا في شمال سوريا وجعلها قوة مؤثرة أمنيا وسياسيا واقتصاديا، إذ إن المنطقة الممتدة من جرابلس على الفرات إلى إدلب -التي تشرف على الساحل السوري وتتصل جغرافياً بمحافظة حماة- ستصبح تحت التأثير التركي، ومثل هذا الأمر يعطي قوة دفع كبيرة للسياسة التركية في الأزمة السورية خلال المرحلة المقبلة.
لعل الأهم في العملية العسكرية التركية في إدلب هو تأمين الغطاء السياسي لها، فهي جاءت نتيجة لمباحثات الجولة الرابعة من محادثات أستانا، وتحت عنوان مكافحة الإرهاب، ولعل تأمين هذا الغطاء كان السبب الرئيسي في تأخير إطلاق تركيا لهذه العملية، إذ إن الاستعدادات العسكرية لها امتدت شهورا.
مع أن تركيا ظلت الحاضنة والداعمة الأساسية لمعظم الفصائل التي حاربت النظام السوري وطالبت بإسقاطه، إلا أن ثمة خشية تركية من المواجهة مع بعض الفصائل التي تسيطر على إدلب، ولا سيما “هيئة تحرير الشام” التي تشكل جبهة النصرة(سابقا) القوة الأساسية فيها.
حيث تسيطر الجبهة على أكثر من 80% من المحافظة وتدير المعابر الحدودية مع تركيا (باب الهوى وأطمة)، وتعود هذه الخشية أساسا إلى رفض الهيئة للدور الروسي في العملية، وإلى الحديث عن انقسام في صفوف الهيئة بين موافق على العملية ورافض لها.
إلا أن هذه الخشية لا تقلل من القناعة بأن لا خيار أمام الهيئة سوى التعاون مع تركيا، إذ إن المواجهة العسكرية معها ستؤدي إلى نهايتها، كما أن الانسحاب يعني انتهاء مشروعها السياسي، ولعل ثمة ما يوحي بأن الهيئة أدركت هذه الحقيقة بعد أن لوّحت في البداية بالمواجهة.
وعليه فإن معركة إدلب بالنسبة لتركيا تبدو استباقا لمواجهة تداعيات مرحلة ما بعد معركة الرقة، ولعل الأمر نفسه ينطبق على حسابات تركيا تجاه محور تحالف النظام وإيران وروسيا وحزب الله، لأن احتمال تحرك هذا التحالف باتجاه محافظة إدلب -بعد دير الزور- يبقى قائما، ولا سيما بعد أن أصبحت المحافظة وجهة للجماعات المسلحة، سواء برغبتها أو بالاتفاقات التي وقعتها مع النظام وإيران وحزب الله.
المركز الصحفي السوري_ زينة عوسجي