مع اقتراب بدء تنفيذ وقف الأعمال العدائية المرتقب بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام السوري، يكثّف الأخير حملته العسكرية على محيط دمشقالخاضع لسيطرة المعارضة، في محاولة منه لاسترداد بعض النقاط الإستراتيجية شرق وغرب العاصمة.
ففي غوطة دمشق الشرقية، شهدت منطقة المرج الواقعة في القطاع الجنوبي للغوطة عمليات عسكرية واسعة النطاق يرمي النظام من خلالها لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب في المنطقة التي يسيطر على جزء منها، وذلك بحسب أحد الناشطين الإعلاميين.
وفي حديث للجزيرة نت، يشير الناشط أبو زيد إلى أن قوات النظام وبمساندة سلاح الجو الروسي تمكنت خلال الأشهر القليلة الماضية من السيطرة على مطار المرج العسكري وكتيبة الرادار وبعض القطع العسكرية، مما سمح لها بالوصول لطريق الغوطة الرئيسي.
إلا أن الأيام القليلة الماضية شهدت تصعيدا غير مسبوق من قبل هذه القوات، بهدف السيطرة على تل فرزات الإستراتيجي وهو من أعلى النقاط المشرفة على عدد من بلدات الغوطة، إضافة للمعهد الزراعي وهو بناء محصّن شيده الفرنسيون أثناء احتلالهم للبلاد القرن الماضي، وكذلك مبنى مقر بث الفضائية السورية السابق والذي يتميز بارتفاعه.
قصف والتفاف
ويتخوف أبو زيد من نجاح النظام بالسيطرة على النقاط المذكورة، الأمر الذي سيعني سقوط بلدات كالنشابية وحزرما وبيت نايم، والالتفاف من محورين نحو بلدات زبدين ودير العصافير وغيرها جنوب الغوطة الشرقية.
ويرى الناشط الإعلامي أن النظام يحاول تحصيل أكبر قدر ممكن من المكاسب الميدانية قبل بداية الهدنة، والتمركز في نقاط إستراتيجية يمكن أن تكون منطلقا لحصار ما تبقى من بلدات الغوطة والإطباق عليها كفكي كماشة عند نهاية الهدنة أو في حال فشلها.
ويؤكد أبو زيد تخوف الأهالي من استخدام جبهة النصرة كشماعة لاستمرار قصف النظام لبلداتهم رغم إعلان الهدنة، ويضيف بأن آلاف العائلات تضطر للنزوح مراراً وتكراراً بسبب القصف، مما يسبب اكتظاظ مناطق في عمق الغوطة بالسكان، الأمر الذي يثير المزيد من المخاوف بشأن الهجمات المحتملة وخاصة باستخدام سلاح الطيران الحربي.
أحد المناشير التي ألقاها الطيران الحربي على حي القابون الدمشقي (ناشطون) |
ومن جهة أخرى، لم يمنع اتفاق وقف إطلاق النار المبرم منذ عامين بين قوات النظام وفصائل المعارضة في حي القابون شرق العاصمة من تصعيد مفاجئ خلال الأيام المنصرمة ذهب ضحيته عدد من المدنيين بين قتيل وجريح.
تساقط القذائف
وفي يوم الثلاثاء الماضي فوجئ سكان الحي -الذي يقطنه أكثر من مئة ألف مدني نصفهم من النازحين- بتساقط عشرات القذائف الثقيلة والمتوسطة والهاون دون سابق إنذار. وترافق ذلك مع اشتباكات على أطراف الحي استمرت لعدة أيام، في محاولة من قوات النظام للسيطرة على بعض النقاط والأبنية.
كما ألقى الطيران الحربي منشورات تدعو الأهالي “لاختيار طريق السلم وتسليم المقاتلين الغرباء وتسوية أوضاع حاملي السلاح”، وتؤكد “اقتراب الحرب من نهايتها”.
وفي حديث للجزيرة نت، يشير الناشط الإعلامي عدي عودة لخرق النظام اتفاق وقف إطلاق النار في الحي عدة مرات خلال العامين الماضين، إلا أن التصعيد الأخير أثار ذعر الأهالي نظراً لعنفه غير المسبوق واكتظاظ المنطقة بالمدنيين والنساء والأطفال، وفق روايات ميدانية.
ويتفق عودة -وهو عضو المكتب الإعلامي بحي القابون- مع أبي زيد في تأكيد تخوف الأهالي من استخدام حجة مهاجمة جبهة النصرة لاستمرار القصف، في حين يؤكد خلو المنطقة بشكل تام من أي عناصر تابعين لتنظيم الدولة الإسلامية.
كما يسخر من محاولات النظام الترويج لانتصاراته وإقناع من ثاروا ضده “بالعودة لحضن الوطن وحقن الدماء وتجنب الدمار”، وهي محاولات “لم تلقَ إلا التهكم من أهالي الحي سواء من المدنيين أو المقاتلين”.