ساعات قليلة من الزمن كانت كفيلة بقتل أكثر من 65 شخصاً في ريف إدلب الجنوبي من خلال عدة غارات جوية روسية وسورية استهدفت عددا من البلدات والمدن في ذلك الريف وكانت تلك الحصيلة الأكبر للضحايا بعد القصف الذي تعرضت له مدينتا كفرنبل ومعرة النعمان.
يوم دامٍ في ريف إدلب الجنوبي ولا سيما في معرة النعمان وكفرنبل، حيث قامت طائرات حربية بإلقاء صواريخ فراغية على سوق المدينة أحد أهم وأكبر أسواق المنطقة ويعرف بسوق الخضار، دائماً ما يكون به أعداد كبيرة من الأهالي بعد إلقاء هذه الصواريخ حدث ما كان يتخوف منه أهالي تلك المدينة على الدوام.. لكن صعوبة الحياة في ظل أوضاع الحرب التي تزداد سوءاً مع قلة الإمكانات وضعف الحال أرغم الكثير من الأهالي على مزاولة أعمالهم اليومية لتحسين الوضع المعيشي الذي تخطى خط الفقر هبوطا متسارع بتواتر متواصل.
رعب وهلع سيطر على أهالي المدينتين خلال وبعد الغارات العنيفة التي شهدتها، وعلى الجهة الأخرى دمار هائل وحفر عميقة نتيجة صواريخ حديثة يتفنن صانعوها ويسعد من يرميها بمدى فاعليتها على الأرض.
لدى حديثنا مع أحد الناجين من مجزرة السوق في معرة النعمان “أبو بلال” كشف لنا عن حزنه العميق قائلاً “الله لا يوفقهم هدموا السوق بثواني وحصدوا أرواح الأبرياء، ممن لا ذنب لهم سوى أنهم من مدينة خرجت عن الطاعة وبات الانتقام أولى المهام لنظام يثلج صدره برؤية الموت الذي يحدثه في تلك الأراضي”.
أما إدلب أو المحافظة السورية الخضراء تشهد مع أريافها حملة تدمير شرسة واسعة النطاق تنفذها مقاتلات النظام وحلفائه الروس التي لم ولن تشبع من دماء الأبرياء يوماً، أكثر من خمس عشرة غارة متتالية استهدفت بشكل مباشر الريف الجنوبي الأسواق ومحيطها والأحياء السكنية والمراكز الخدمية كالمشافي ومراكز الدفاع المدني وغيرها.
الحصيلة كانت مجزرة بدت تفاصيلها واضحة سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى المدنيين، من رواد السوق ومن بينهم نساء وأطفال وشيوخ.
القصف أصاب أيضاً مواقع مختلفة بينها سوق أخرى في بلدة كفرنبل ومواقع في جسر الشغور وخان شيخون والتمانعة وكفر سجنه وحيش بريف إدلب الجنوبي أيضاً.
وفي غمرة تواصل القصف العشوائي لا يستطيع أحد إحصاء العدد الحقيقي للضحايا المدنيين، لكن كثيرين يصفون حملات القصف الواسعة الراهنة والممنهجة في إدلب أنها الأعنف منذ بداية الثورة الشعبية على نظام الأسد في الثامن عشر من مارس/ آذار عام 2011 وتتحدث نكبة إدلب وأريافها عن نفسها بلا أصوات لكن بدماء الشهداء من وسط أشلاء الأهالي وركام الأسواق والمشافي وحطام البنى التحتية، لكن كسائر ما تشهده المدن والبلدات السورية في غمرة صراع الاستراتيجيات الدولية والإقليمية الراهن لا بد من الإقرار أنه ما من أفق للحل أو الخلاص سوى اللجوء إلى الله أما من سواه فكأن “لا حياة لمن تنادي”.
أشلاء أطفال ومدنيين أبرياء احترقت، كذلك المحال التجارية والعربات وحتى الدراجات النارية داخل السوق الشعبي.
فالمشهد لا يوصف لا بصوت ولا بصورة من شدة الألم وهوله، كالمشاهد التي كانت تصدر من أحياء حلب الشرقية واليوم انتقل السيناريو من حلب إلى الجارة إدلب لتشهد معها فظاعة من فقد الشرعية الدولية. والأخلاقية والإنسانية.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد