لم تكن ظاهرة التهريب وليدة الأزمة السورية فقط، لكن الحرب ساهمت في تفشيها وانتشارها بشكل ملحوظ، وبالأخص ظاهرة تهريب المخدرات والعقاقير الطبية وآثارها السلبية في تدمير المجتمع السوري .
وللنظام السوري ارتباط وثيق بعمليات تهريب المخدرات عبر البقاع اللبناني المعروف بزراعة المخدرات عن طريق المافيا والقوات التابعة له، والتي تعود عليه بمرابح مالية تقدر بمليارات الدولارات سنويا.
حيث كشفت وزارة الداخلية التابعة لحكومة النظام في إحصائية قامت بها في عام 2014 عن ضبط عدد من الشبكات التي قامت بتهريب وترويج المخدرات والتي تحتوي على أكثر من 528 كغ من الحشيش المخدر، و27,5 كغ من الهيرويين، و4066 كغ مواد أولية تستخدم كمواد أولية في صناعة العقاقير والحبوب المخدرة.
وتوضح الإحصائيات ارتفاع نسبة المتعاطين للمواد المخدرة والذين لا تتجاوز أعمارهم الثمانية عشر عاماً، إذ بلغ عددهم 6 آلاف متعاط بحسب الإحصائية.
ولعل الهدف من هذه الإحصائية إبعاد الأنظار عن المافيا المحمية من قبل النظام الذي يقوم بدعمها في عمليات التهريب، ومن جانب آخر ليحمل ما يسميهم “بالعصابات المسلحة الإرهابية” مسؤولية التهريب والترويج لتعاطي المخدرات، حيث أكد رئيس غرفة الإحالة في محكمة النقض، المستشار أحمد البكري، في تصريح له لصحيفة الوطن الموالية للنظام بقوله :”إن العصابات المسلحة تسعى إلى نشر مادة المخدرات بين الشباب سواء كانوا في مناطق وجودهم أو المناطق المحيطة بهم لاستدراجهم لها وكسب أموال طائلة “.
وفي نهاية عام 2013 أصدرت مجموعة ” دراسات حول الصراع والإرهاب” تقريرا بينت فيه دور حزب الله اللبناني في إنتاج وتصنيع المستحضرات الدوائية المزيفة، حيث ضبطت السلطات اللبنانية شبكة تهريب” كبتاجون” التي يديرها أعضاء بارزون من حزب الله، وتنتج الشبكة عشرات الآلاف من حبوب الهلوسة في اليوم، ليتم تهريبها بعد ذلك إلى سوريا .
ساهمت الحرب في سوريا بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية على المواطنين السوريين بانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات، والتي بدأت بتناول الحبوب المهدئة والمنومة التي لا تعطى إلا بوصفة طبية ولحالات مرضية مزمنة، لكن في ظل غياب الرقابة عن الصيادلة الذين يبتغون ربحاً من وراء بيعها متناسين قسم شرف المهنة، وبالأخص في المناطق المحررة.
حسام شاب في العشرين من عمره يقول:” بسبب شظية من برميل متفجر من طائرة النظام الحاقد فقدت ذراعي، ودخلت بحالة من الاكتئاب والإحباط شعرت أن الدنيا اسودت في وجهي، ولجأت إلى أحد الصيادلة وطلبت منه حبوبا مهدئة ومنشطة مقابل مبلغ من المال، لأصبح مدمنا فيما بعد، أشعر أنني بورطة فقد حاولت الهرب من واقعي المؤلم لأقع بواقع أصعب “.
يعتبر القانون السوري المتعاطي مريضا صحيا وليس مجرما ويجب علاجه في إحدى المصحات، في حين ينساق عدد كبير من الشباب السوري وراء ظواهر تنافي القيم الأخلاقية علها تنسيهم واقعهم المريض والضغوط النفسية الكبيرة التي رمت بأثقالها عليهم، وذلك في وقت يستمتع فيه المهربون وعصابات المافيا من جني الأرباح الهائلة من عملية ترويج بيع المخدرات.
المركز الصحفي السوري – سماح خالد