كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن سياسة جديدة تجاه كوبا تقوض ما أنجزه سلفه باراك أوباما الذي تكبد عناء كبيرا لإعادة العلاقات مع الجزيرة الشيوعية.
وتتعلق الاستراتيجية الأميركية الجديدة بإعادة فرض بعض القيود على السفر من الولايات المتحدة إلى كوبا والتجارة معها، وذلك بعد انفتاح واسع النطاق يعتبره أوباما أحد إنجازاته في مجال العلاقات الخارجية.
وقال المسؤولون الذين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم في إفادة للصحافيين قبيل الإعلان عن تلك الإجراءات، إن تلك الخطوة ترمي إلى استهداف العناصر القمعية بالنظام الكوبي بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، ولا تستهدف الشعب الكوبي.
وأضافوا أن ترامب سيعلن حظر “التعاملات المالية” مع مجموعة الشركات السياحية “غايسا” المدعومة من الجيش الكوبي من خلال إنهاء تبادل الوفود السياحية الذي تم السماح به، والهدف من ذلك هو عدم إلحاق الضرر بالشركات الأميركية التي بدأت بالفعل العمل في كوبا في ظل تقارب أوباما، وسوف تكون هناك استثناءات في اللوائح لشركات الطيران والسفن السياحية وغيرها من الشركات في الولايات المتحدة، بحسب المسؤولين.
ولم يعلن ترامب عن تغييرات على خطوات أخرى اتخذها أوباما تجاه كوبا، مثل العلاقات الدبلوماسية التي أعيدت بعد قطيعة استمرت نصف قرن، وذلك خلال زيارة أجراها الجمعة إلى حي “ليتل هافانا” حيث يعيش عدد كبير من الكوبيين-الأميركيين المنفيين.
وقال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية إن “المحرك الرئيسي لهذه السياسة هو القلق من أن السياسة السابقة تدعم الجيش وأجهزة الاستخبارات التي تسهم بشكل كبير في القمع على الجزيرة”.
وأضاف “هذا نقيض ما كان يريد التوصل إليه” موضحا أن خطوة ترامب ليست عودة إلى الحظر الذي فرض في فترة الحرب الباردة وبدأ أوباما في تفكيكه، بل إقرار بأن أمام نظام راؤول كاسترو التسلطي طريق طويل لتنفيذ عهوده بالإصلاح.
وتابع المسؤول “إن أمل الإدارة هو أن يرى النظام الكوبي ذلك فرصة له لتطبيق إصلاحات كذب بشأنها لسنتين لكنها لم تطبق أبدا بما يخدم مصلحة الشعب الكوبي”. وأوضح أن ترامب “ليس بصدد معارضة أي اتفاق مع كوبا، بل يعارض اتفاقا سيئا مع كوبا”.
ويتوقع أن تكون هناك استثناءات تشمل منتجات زراعية وبعض العمليات الجوية والبحرية، غير أنها تؤشر على موقف أكثر تشددا يمكن أن يخفف عدد الأميركيين الذين بدأوا بالتوجه إلى كوبا لتمضية عطل في هافانا أو عطلة نهاية أسبوع مطولة على الشاطئ. وحتى مع تلك الاستثناءات، فإن السياسة الجديدة يمكن أن تمثل مشكلات بالنسبة لبعض المصالح الأميركية ومنها الفنادق وشركات الطيران التي وضعت جدول رحلات منتظمة بين الولايات المتحدة والعاصمة الكوبية.
وسيتمكن المواطنون الأميركيون من السفر على متن رحلات تجارية إلى كوبا، ولكن فقط بموجب 12 سببا محددا، تتراوح من النشاطات الصحافية إلى التعليمية، وسيكون تطبيقها أكثر صرامة.
وكان تنشيط حركة السفر هدفا رئيسيا لجهود أوباما المضنية لإعادة العلاقات مع الجزيرة الشيوعية، والتي شملت زيارة للرئيس آنذاك في 2016. وزار نحو 285 ألف شخص الدولة الكاريبية في 2016، أي بزيادة بنسبة 74 بالمئة عن 2015، وكان الأميركيون ثالث أكبر فئة منهم بعد الكنديين والمغتربين الكوبيين.
وقال بن رودز مهندس سياسة أوباما لكوبا “إن قيودا جديدة على التعامل مع الاقتصاد الكوبي من شأنها فقط دفع كوبا إلى الصين وروسيا اللتين ستعوضان الفرق بسرور”.
وأضاف “أي قيود على السفر تؤذي أصحاب المصالح الكوبيين الصغار؛ مطاعم، محلات، سيارات أجرة التي تعتمد في مداخيلها على المسافرين.
وتفيد مجموعة الضغط “انغيج كوبا” التي تسعى لإلغاء الحظر بأن 10 آلاف وظيفة أميركية في قطاع الطيران والرحلات البحرية تعتمد على كوبا.
كما وجهت نحو 50 سيدة كوبية من قطاع الأعمال ممن استفدن من الانفتاح المحدود للسوق الحرة، رسالة لإيفانكا ترامب ابنة الرئيس ومستشارته.
دعت السيدات إيفانكا لزيارة الجزيرة والاطلاع بنفسها وشددن على أن “الملايين من الكوبيين” يستفيدون الآن من ارتفاع حجم السياحة والتجارة. وكتبن “إن أي انتكاسة في العلاقة قد تؤدي إلى انهيار العديد من مصالحنا التجارية ومعها معاناة جميع العائلات التي تعتمد عليها”.
وأقر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الثلاثاء بأن تعزيز التعاون يساعد الدولتين ويوفر الفرص لكوبيين تعرضوا للقمع، غير أنه ذكر أيضا “الجانب المظلم” لنظام كوبا قائلا إن المراجعة التي قام بها ترامب وجدت أن بعض العلاقات التجارية المتجددة تساعد في تمويل النظام.
العرب اللندنية