تبادل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الساعي للفوز بولاية رئاسية ثانية ومنافسه الديمقراطي جو بايدن انتقادات حادة مع دخول السباق الرئاسي مرحلته الأخيرة.
ووصف الرئيس الجمهوري خصمه الديمقراطي بأنه “غبي”، ليرد نائب الرئيس السابق بالقول إن سيد البيت الأبيض يفتقر إلى “جرأة” التصدي لجائحة فيروس كورونا “كوفيد-19”.
وفي حين توجه بايدن والسيناتورة كامالا هاريس التي اختارها لمنصب نائب الرئيس إلى ولايتي ويسكونسن وبنسلفانيا المتأرجحتين، عقد الرئيس مؤتمرا صحفيا مفاجئا في البيت الأبيض.
ومجددا، طرح ترامب إمكان التوصل إلى لقاح مضاد لوباء كورونا بحلول موعد الاستحقاق الرئاسي، وهو ما يستبعده خبراء كثر، واتهم خصميه في الانتخابات بإقحام السياسة في موضوع اللقاح، بعدما قالت هاريس إنها لن تثق بما يقوله ترامب بشأن مدى سلامة مثل هذا اللقاح وفعاليته.
وتحدث ترامب عن تسارع وتيرة خلق فرص العمل بعد فقدان عشرات ملايين الوظائف، وشدد على أن الولايات المتحدة في طريقها لتخطي الجائحة، ووصف بايدن بأنه “غبي” و”يريد إلقاء بلادنا في أحضان الفيروس، وإلقاء عائلاتنا في أحضان غوغائية اليساريين، وإلقاء وظائفنا في أحضان الصين”.
تنافس غير تقليدي
وتقليديا، تعطي عطلة عيد العمال (يوم عطلة عامة في أميركا يتم الاحتفال به في أول يوم اثنين من شهر سبتمبر/أيلول) إشارة انطلاق المرحلة الأخيرة من السباق الرئاسي قبل أقل من شهرين من موعد انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني، التي تشهد حملتها مواجهة أبعد ما تكون عن التنافس التقليدي، وتتداخل فيها أزمات متعددة.
فالمرشحون الذين عادة ما ينتقلون يوميا من ولاية إلى أخرى لإلقاء خطابات أمام حشود غفيرة يحدون من تنقلاتهم ويعتمدون بشكل أكبر على مشاركات عبر الفيديو.
وغالبا ما تضيف الاحتجاجات المناهضة للعنصرية والتحركات المقابلة على الحملات الانتخابية عناصر لا يمكن التكهن بتداعياتها، آخرها تنظيم مواكب سيارة مؤيدة لترامب في ضواحي بورتلاند.
وتوجه بايدن أمس الاثنين إلى بنسلفانيا مسقط رأسه، حيث التقى قياديين نقابيين، ثم عقد اجتماعا مع قادة الاتحاد الأميركي للعمل ومؤتمر المنظمات الصناعية.
وخلال اللقاء قال بايدن إن ترامب “افتقر إلى جرأة التصدي لكوفيد-19”. وتابع “ندرك أن أصدقاءه الأغنياء يعتبرونه رائعا، لكن بقيتنا لا تعتبره كذلك”، موجها انتقادات لترامب على خلفية تقرير لصحيفة “ذي أتلانتيك” يتهم المرشح الجمهوري بإهانة العسكريين وقدامى المحاربين. وقال بايدن “إنه بصراحة غير أميركي”.
وعلى الرغم من أن ترامب نفى صحة ما ورد في التقرير ووصفه بأنه “خدعة”، فإن استطلاعا للرأي أظهر أن حجم التأييد الذي يحظى به الرئيس الجمهوري لدى العسكريين أدنى مقارنة بحجم تأييدهم لبايدن.
وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض “أنا لا أقول إن (القيادة) العسكرية واقعة في حبي، بل الجنود”.
كسب أصوات ويسكونسن
وسرّع بايدن “77 عاما” الأسبوع الماضي من وتيرة حملته الانتخابية، لكنه ونظرا لمخاطر “كوفيد-19” أكثر حذرا من ترامب “74 عاما” الذي شارك في تجمعات انتخابية ضم كل منها مئات من مؤيديه.
ولا تزال الاستطلاعات تظهر تقدم بايدن بثبات على ترامب الذي، على غرار منافسه، يركز بشكل متزايد على ولايات الغرب الأوسط الأساسية، مثل ويسكونسن التي يتوقع أن تشهد سباقا محموما.
وتوجهت هاريس إلى ويسكونسن، حيث حذت حذو المرشح الرئاسي الديمقراطي، إذ التقت عائلة جاكوب بليك، الأميركي المنحدر من أصول أفريقية، والذي أثارت إصابته الشهر الماضي برصاص الشرطة موجة احتجاجات عارمة وأعمال شغب.
ويعتقد مراقبون أن توجهها إلى ويسكونسن يمكن أن يشكل عاملا مؤثرا في السباق نظرا إلى أن نسبة مشاركة السود في الانتخابات في هذه الولاية تراجعت في عام 2016.
بدوره، توجه مايك بنس نائب الرئيس الأميركي، إلى ويسكونسن حيث سيلقي خطابا في مدينة “لاكروس” (Lacrosse).
مواجهة العنصرية
وإلى الآن، أسكت فيروس كورونا إلى حد بعيد صخب الحملات الانتخابية، إذ أجبر بايدن على تمضية جزء كبير من وقته في منزله في ديلاوير، ما دفع ترامب إلى توجيه انتقادات لاذعة له ودعوته للخروج من “قبوه”.
لكن الاحتجاجات المناهضة للعنصرية التي تشهد أحيانا أعمال عنف والمستمرة دون انقطاع تشيع جوا من التوتر وتستدعي خطابات حادة من المرشحين.
ويحمّل ترامب “الراديكاليين” و”مثيري الفوضى” مسؤولية أعمال العنف، ويطرح نفسه مرشح فرض القانون والنظام ويدعم علنا محتجين من اليمين المتطرف.
وتفاقمت التوترات في بورتلاند أمس الاثنين، بعدما تجمع المئات من مؤيدي ترامب، بعضهم يحمل الأسلحة وبزي عسكري، للمشاركة في مواكب سيارة في المدينة التي شهدت احتجاجات استمرت أكثر من 100 يوم وأسفرت عن قتيلين.
كذلك يتوقع أن تنظم احتجاجات لليلة السادسة في مدينة روتشستر في ولاية نيويورك حيث قضى الأميركي الأسود دانيال برود، الذي كان يعاني من اضطرابات نفسية بعدما وضع عناصر الشرطة كيسا من قماش على رأسه لمنعه بحسب قولهم، من البصق، وأبقوه مثبتا على الأرض بالقوة حتى فقد وعيه.
ومؤخرا، شجب بايدن بشدة أعمال العنف والنهب التي تخللت بعض الاحتجاجات لكنه تعهد برفع الصوت ضد العنصرية، واصفا إياها بأنها “الخطيئة الأصلية” في البلاد.
نقلا عن الجزيرة