لم تخطئ نيران المعارضة السورية “رؤوسا كبيرة” من القوات الإيرانية، وربما وصلت إلى قائد “فيلق القدس” بالحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني الذي راجت بشأنه أنباء بإصابته بجروح وصفت بالخطيرة في رأسه جراء شظايا قذيفة قبل أسبوعين جنوبي حلب.
لم تثن الخسائر “الثقيلة” التي تكبدتها إيران جراء تدخلها في سوريا، طهران عن مواصلة دعم الرئيس السوري بشار الأسد، فالحليفان يؤكدان أنهما ماضيان في طريق واحد حتى تحقيق هدفهم “بالقضاء على الإرهاب” في المنطقة، مهما بلغت كلفة ذلك.
كلفة موّقعة بدماء العشرات من المقاتلين الإيرانيين بينهم ضباط كبار وجنرالات، وحتى وإن تجاوزت الحصيلة “المعلنة” سبعين قتيلا حتى الآن، فإن طهران مصممة على مواصلة حرب تعتبرها مشروعة على الأراضي السورية، حماية لحليفها الأسد أولا ولمصالحها في المنطقة ثانيا.
آخر تطورات جبهات القتال السورية تشير إلى مقتل سبعة إيرانيين من قوات التعبئة المعروفة باسم (الباسيج) في معارك مع المعارضة السورية في حلب شماليّ سوريا، ليبلغ عدد القتلى 71، منذ إعلان الحرس الثوري زيادة عدد مقاتليه بسوريا تزامنا مع تدخل روسيا نهاية سبتمبر/أيلول الماضي.
ولم تخطئ نيران المعارضة السورية “رؤوسا كبيرة” من القوات الإيرانية، وتتداول المعارضة الإيرانية وقوات المعارضة السورية أنباء عن إصابة قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، بإصابات وصفت بالخطيرة في رأسه جراء شظايا قذيفة قبل أسبوعين جنوبي حلب.
فشل وتحالف
موقع ميديا برات الفرنسي رأى في هذا الأمر “فشلا ذريعا للنظام الإيراني”. وقال “إن الخسائر التي لا تحصى لقوات الحرس الثوري الإيراني منذ ثلاثة أشهر تعد شاهدا على الفشل الذريع لإستراتيجية طهران في إنقاذ الأسد”.
ومضى يقول “في الحقيقة فإن التضحيات الجسام التي قدّمتها طهران، والدور الروسي (في سوريا) بتحريض إيراني، لم يحقق انفراجة حقيقية في الحرب مع قوات المعارضة، فبدلا من ذلك تمّكن الجيش الحر وحلفاؤه من التألق على الأرض على الرغم من الضربة القوية للغاية، وفق تعبيره.
غير أن هذا الأمر لم يكن له أي أثر في تصريحات الرئيس السوري، خلال لقائه علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، فقد اعتبر الأسد أن هناك إنجازات مهمة على الأرض تحققت بمساعدة من سماهم الأصدقاء لاستعادة الأراضي التي خسرتها قواته في وقت سابق.
وبكل ثقة، يجدد الأسد التأكيد على “تصميم سوريا وأصدقائها على المضي قدما في مكافحة الإرهاب لأنهم واثقون أن ذلك سيشكل الخطوة الأساسية في إرساء استقرار المنطقة والعالم”.
دعم الأسد
ومن دمشق، يجدد بدوره ولايتي التأكيد على دعم الأسد “الصامد في الدفاع عن شعبه منذ خمس سنوات” وعلى مواصلة هذا الدعم لمن وصفها بالحكومة الشرعية.
ويربط مستشار خامنئي مستقبل المنطقة بالتعاون السوري الروسي الإيراني، آملا في أن ينجح الحلفاء الثلاثة في تحقيق السلام في المنطقة التي تشهد حروبا بالوكالة بين أنظمة متعارضة ومصالح متضاربة.
رؤية طهران
ورغم مرور السنوات وتعمّق مأساة ملايين السوريين، وتضاعف عدد القتلى والجرحى واليتامى والمهجرين، فإن رؤية طهران لا تزال كما هي.
ومنذ بداية الثورة السورية عام 2011، قام النظام الإيراني بـ”جهد واسع النطاق، مكلف ومتكامل للحفاظ على بقاء نظام الأسد في السلطة لأطول فترة ممكنة” وقد تعددت أوجه مساعدة النظام وقواته على الأرض، بدءا بتقديم أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية للمشورة ومساعدة قوات الجيش السوري.
وطبقا لدراسة نشرها معهد دراسات الحرب الأميركي، فإن هذه الجهود تحوّلت في مرحلة ثانية إلى مهمة تدريب مشاة باستخدام فيلق الحرس الثوري الإيراني، في مؤشر على ما أسمته “التوسع الملحوظ واللافت لجهة استعداد إيران وقدرتها على استعراض قوتها العسكرية خارج حدودها”.
كما قامت إيران بتزويد نظام الرئيس السوري باللوازم والإمدادات العسكرية الضرورية، وقدّمت أيضا المساعدة للمليشيات الموالية للحكومة، وبعد فترة من التكتّم عن دور حقيقي للقتال على الأرض أصبحت طهران تعلن عن أعداد قتلاها بالمعارك الدائرة في سوريا، وهو أمر لم يخل من دلالات.
وفي الوقت الذي تتضارب فيه الأرقام بشأن عدد المقاتلين الإيرانيين في سوريا، فإن عدة مصادر أميركية تشير إلى وجود مئات من المقاتلين، بينما تتحدث مصادر أخرى عن الآلاف.
المصدر: الجزيرة – مواقع