“لا أحد يعلم كمية الألم التي تفجرت في صدري ولا أحد يعلم عدد الآهات التي حرقت أنفاسي.. إلى متى سأعاني من قسوة الفراق وتواليه من نظام لا يرحم.. نظام حكم على أحبتي بالموت.. فقد باتوا ينتظرونه الواحد تلو الآخر بالتزامن، لكن اليوم أخذهم بالجملة، عاشوا رفاقا وماتوا رفاقا”.
تلك كلمات “الغزاوية” الجدّة العظيمة التي تشهد فراق الحياة ليس لها، بل لمن كان قريباً منها ويمد لها يد العون كونها في سن تحتاج فيه للرعاية والعطف بعد أن تركت وراءها سنين طوال من البذل والتضحية وخصوصاً بعد فراقها زوجها من بداية عقدها الثالث من العمر، كان زوجها المعيل الوحيد من بعد الله، لكنها تقتنع أن الرزق على اللع وهو الذي خلقنا وهو الذي يدبر عيشنا.
بكت الغزاوية بمرارة لدى سماعها بخبر استهداف طائرة مجهولة مقراً للفرقة الشمالية في شمالي حماه باستخدام نوع جديد من الأسلحة الحديثة-الصواريخ والقنابل الارتجاجية- ما أدى لتدمير المقر بالكامل ولسوء الحظ ينتمي كل العناصر المتواجدين فيه لمدينة “كفرنبل” مدينة الجدة الغزاويةالتي عرفتهم شخصياً وكانت ممن يشهد على مسيرتهم العطرة وحبهم للوطن ودفاعهم عنه.
أي ألم خيم على مدينة “كفرنبل” حزن يجلب حزنا وألم تزداد مرارته يوما بعد يوم مع نظام يستعين بأمثاله لا حرمة لديهم للبشر والحجر تزداد أطماعهم يوماً بعد يوم بوطننا سوريا ويسعون بكل ما لديهم من تقنيات حديثة يتفننون بها لتحصد المزيد من الأرواح التي تقف عائقاً أمام تنفيذ مخططاتهم في المنطقة لنيل مآربهم ومصالحهم المتفق عليها من نظام فقد شرعيته الدولية.
كما رجح أن الطائرة استخدمت نوعاً من القنابل أو الصواريخ الحديثة التي تنتمي إلى المني-نووي الخالية من الاشعاع، تعمل هذه الصواريخ على تدمير التسليح الصخري أو الاسمنتي مهما كانت سماكته وتستطيع تحطيم كافة أنواع التسليح الحديدي، ولم يتم استخدام مثل هذا السلاح في العالم سوى من قبل إسرائيل، واليوم في سوريا الجريحة “حقل تجارب لأسلحة الدول الكبرى”!!
والآن حماه وحلب تقصفان بتلك الأسلحة في يوم واحد، فقد طالت حلب المحاصرة عشرات الغارات بتلك الأسلحة لتساعد النظام في التقدم والسيطرة على أحياء حلب الشرقية المحاصرة، ولو كان الثمن تدمير المنطقة بالكامل وموت المزيد من الأبرياء المدنيين بصواريخ تحفر لهم قبوراً جماعية، من أطفال ونساء ذنبهم الوحيد خروجهم عن سلطة من لا يرحم، قبوراً ستشهد لهم عل مر الزمان قسوة ظالمهم وتفننه في قتلهم.
بخطىً بطيئة ودموع غزيرة تسبق خطوات الجدة وهي تدخل بيتاً وتخرج من آخر معزية أهالي الشهداء من ألم الفراق الذي أصابهم ولسان حالها يقول “كم سأشتاق لأبنائي الأعزاء الذين كانوا يسألونني دائماً ويطلبون مني الاهتمام بصحتي.. ليتهم يعلمون الآن أنني فقدت نفسي حينما فقدتهم”.
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد