لم تعلم فاطمة (11 عام ) من ريف حماة الشمالي بأن فرح الفصائل بتحقيق تقدم في ريف حلب سيتحول لمأساة تعيشها كل يوم، بعد أن أخترق مقذوف بارد جمجمتها الصغيرة وهي تلعب أمام منزلها الجديد، بعد نزوح عدة مرات، فرحة المقاتلين جعلتها بإعاقة دائمة.
تعاني المناطق الخارجة عن سيطرة النظام من ظاهرة إطلاق النار العشوائي في الأفراح والأتراح وهي من الأعمال الخطرة، والتي ساهمت في كثير من الأحيان لتحويل الفرح إلى عزاء ، لتشكل هذه الظاهرة كابوس وخطر على المدنيين، لما تنشره من رعب وخوف بالإضافة للإصابات المباشرة التي قد تحدث نتيجة لخطأ أو كثافة النيران التي تزيد من احتمال حدوث اصابات بالمقذوف، حالة خوف وإرهاب الصغار دون التفكير بأبعاد هذه الظاهرة ومخاطرها في أن يتحوّل الفرح إلى بيت عزاء في حال إصابة شخص ما بعيار ناري، فيظن من يطلق النار في السماء أنه لن يصيب ولن يؤذي أحداً، دون أن يفكر أنها ستسقط من السماء بعد ذلك، واحتمال أن تصيب أحداً، أو تحدث أضراراً مادية جسيمة.
يمارس هذه العادة المزعجة والخطرة العناصر وبعض قادة الفصائل، الذين تقدم لهم الذخيرة والاسلحة لاستخدامها في المعارك ضد ميليشيات الاسد الطائفية، فيستغل البعض وجود الذخيرة الوافرة، لإطلاقها في الهواء والتعبير عن الفرح أو الحزن بطريقة تنشر الرعب، وتزداد كثافة النيران المستخدمة بأرتفاع رتبة العريس في فصيله، فإذا كان صاحب الفرحة، قائد أو أمير فهذا يعني اطلاق نار لساعات وممكن استخدام الاسلحة المتوسطة ومضاد الطيران في بعض الأحيان، يتجول العناصر يحملون سلاحهم في الطرقات والأسواق وحتى المدراس والمشافي لا تخلو من مظاهر حمل السلاح أحيانا.. وكأن السلاح اصبح بطاقة تعريف تضمن لحامله حصانة عسكرية.
خاطبت المربية سهام (52 عام من ريف حماة) مطلقي النار قائلة ” يا مطلقي النار والذخائر !!! هل تعرف بأن رصاصاكم الذي تطلقوه سوف يتعدى فرحكم لجيرانكم وحتى بيوت الجيران البعيدة فقد تصابون زجاج سيارة أو رأس طفلة فرحة لاهية … هل تعلمون أنكم تروعون المرضى والأطفال وتزعجون الطلاب، برصاص فرحكم قد تسببون انهيار عصبي أو أزمات قلبية لبعض الأشخاص، رصاصكم ادخروه للدفاع عن اهلكم، وسلاحكم للمعارك يا مقاتلين وليس للأعراس فقد مللنا من تصرفاتكم الصبيانية “.
اصبح صوت الرصاص مقرون لدى غالبية الناس بالاشتباكات والمعارك التي أذاقتهم المرارة ووزعتهم في أصقاع الأرض ومشارقها، يتوقف عدد وكمية الذخيرة المهدورة في الافراح على مكانة الشخص في فصيله فكلما ارتفعت مرتبته كلما كان يستحق ذخائر، وترويع للأمنين أكثر، ففي ابسط المناسبات يهدر فيها ما قيمته أكثر من 1000 دولار ذخيرة وقد يتضاعف هذا المبلغ عشرات المرات ان كان قائد لفصيل أو مدير منظمة صاحب الفرحة.
تفاقم هذه الظاهرة أصبح يشكّل ازعاجاً ﻻ يطاق، وحان الأوان لمحاربتها واستئصالها، من خلال نشر الوعي ومساعدة الشرطة الحرة، وتشكيل لجان مدنية لمتابعة انتشار واستخدام السلاح بين المدنيين، بالإضافة لضرورة إصدار قرارات رادعة من قبل المحاكم وطرح مبادرات، وقرارات ونداءات من المشايخ والوجهاء للقضاء على هذه الظاهرة, وسوف تبقى المعضلة الكبرى والقرارات دون جدوى، لكون المخالفين للقرارات هم من القادة الذي بعضهم فوق القرارات، ومن الحلول المقترحة للتخفيف من استخدام الأسلحة النارية في المناسبات في ظل غياب القوانين والجهات الفاعلة التي تلاحق مطلقي النار، هي العقوبات المجتمعية، بمقاطعة الأفراح التي يطلق بها النار.
فإلى متى سيظل من يملك السلاح والذي أعده ليكون على الجبهات، وساحات المعارك يطلق النار بين المدنيين؟ الى متى سوف تبقى الأفراح تحول حياة بعض الناس لمأساة كما حصل مع الطفلة فاطمة التي أصبحت معاقة نتيجة لطلقة في فرح.
المركز الصحفي السوري