الدعم النفسي ومكافحة خطاب الكراهية والتطرف والأخبار الكاذبة على الانترنت ثلاث مشاريع، لسيدات من “تجمع نساء حياة”، هدفها الرئيسي تعزيز التماسك المجتمعي لمجتمع اللاجئين السوريين في مدينة إسطنبول، وتمكين اللاجئات السوريات وإكسابهم معارف تساعدهم على الاندماج و الانخراط في سوق العمل، وتنمية بعض المهارات النفسية الاجتماعية لتمكينهن من إدارة حياتهن على المستوى الفردي والأسري والمجتمعي.
تجمع نساء حياة
شاركت سيدات “تجمع نساء حياة” بدعم من ” أطلس للإغاثة والتنمية الدولية_ أرضي” في دراسة بحثية رصدت المشاكل والصعوبات التي يتعرض لها اللاجئين في مدينة إسطنبول، تقول الأستاذة رزان شلب الشام، المديرة العامة لمنظمة “أرضي” إلى “سيريا برس”، عملت منظمة أرضي مع 15 امرأة من مجموعة حياة للاجئات السوريات من أجل تطوير أسئلة استقصائية متعمقة تتعلق باحتياجات وتحديات وتجارب اللاجئين السوريين المقيمين في منطقتي “إسينيورت والفاتح” في إسطنبول بتركيا. كان الغرض من هذه الدراسة هو تمكين منظمة “أرضي” و”تجمع نساء حياة” من فهم الوضع الحالي بشكل أفضل على أرض الواقع قبل المضي قدمًا لتصميم مشاريع صغيرة مجتمعية تلبي الاحتياجات والتحديات المحددة من بيانات المسح. أرادت “أرضي” التأكيد على أهمية، تعزيز وجود “نساء حياة” في كل مرحلة من مراحل المشروع ، لذلك عقدنا عدة جلسات حوار بين نساء الحياة لمناقشة خبراتهن المتعلقة بثلاثة مجالات رئيسية يركز عليها المشروع 1) خطاب الكراهية والتمييز، 2) التطرف والمعلومات المضللة عبر الإنترنت، و 3) الدعم النفسي والاجتماعي والصحة العقلية. من محادثاتنا مع نساء الحياة ، طورت أرضي أسئلة استبيان تم التحقق من صحتها من قبل نساء حياة أيضًا. بعد ذلك ، وبدعم من ARDI ، شاركت نساء HAYAT أنفسهن الاستبيان على نطاق واسع ضمن مجتمع اللاجئين في إسطنبول. قام فريق أرضي بتحليل البيانات من نتائج المسح وناقش النتائج مع نساء حياة وبناءً على نتائج البيانات تم اختيار موضوعات مشاريع المنح الصغيرة الثلاثة.
وأضافت السيدة “شلب الشام” تم تشكيل تجمع حياة اللاجئات السوريات من قبل أطلس للإغاثة والتنمية الدولية (أرضي) في إسطنبول، بهدف الجمع بين مجموعة من 15 لاجئات سوريات ذات قدرات عالية وطموحة ومتنوعة لتطوير مهاراتهن القيادية وإدارة المشاريع وتعزيز قدرتهم على قيادة مبادرات التوعية وزيادة شبكاتهم من خلال المجتمع المدني، نحن كمنظمة أرضي لدينا سنوات عديدة من الخبرة في العمل لدعم المجتمعات السورية ومنظمات المجتمع المدني داخل وخارج سوريا. نحن نؤمن بشدة بقدرات النساء السوريات المذهلة على إحداث تغيير مؤثر ودائم لمصلحة مجتمعاتهن ومستقبلهن. ولقد أجرينا من خلال مشروع “أرضي” في إسطنبول محادثات مع العديد من الأشخاص المختلفين لفهم التحديات الرئيسية التي تواجه مجتمع اللاجئين ومن ثم قررنا العمل فورًا مع اللاجئات السوريات لأننا نعلم أنهم سيكونون في طليعة معالجة الاحتياجات والتحديات التي تواجه السوريين في إسطنبول.
من خلال هذا المشروع طويل الأمد لدعم النساء اللاجئات السوريات من تجمع حياة يتمثل الدور الرئيسي لـ أرضي في تزويد نساء حياة بتدريب بناء القدرات في العديد من المجالات المتنوعة و المختلفة وتقديم الدعم التقني المستمر كامل فترة المشروع للنساء للتعاون بشكل مقرب مع أرضي لقيادة العديد من المشاريع والنشاطات بما في ذلك مسح تقييم احتياجات مجتمع اللاجئين، ودليل موارد المجتمع متضمنا معلومات عن مقدمي الخدمات / الموارد الذين يركزون على اللاجئين في إسطنبول، وندوتين عبر الإنترنت تركزان على “خطاب الكراهية / التمييز” و”التطرف / التضليل عبر الإنترنت” ومقابلات مجتمعية بين اللاجئين الذين يعيشون في إسطنبول، ومبادرة تصوير لإظهار أفراح وتحديات الحياة في إسطنبول من منظور اللاجئات، ساعد تدريب بناء القدرات الذي قدمته “أرضي” نساء حياة على اكتساب المهارات والخبرات اللازمة لقيادة هذه الجهود كمجموعة.
لذلك، وفر برنامج ARDI تدريبًا متخصصًا على أفضل الطرق لتطوير مقترح فكرة وكتابة المشروع، بما في ذلك كيفية تصميم ملخص سردي لفكرة المشروع ، والجدول الزمني للمشروع، وميزانية المشروع ، وخطة المتابعة والتقييم، لقد مكنت هذه المهارات نساء حياة من تشكيل ثلاث مجموعات في ثلاثة مجالات تركيز مختلفة ويعملن الآن معًا لوضع اللمسات الأخيرة على ثلاثة مقترحات مشاريع وبمجرد الانتهاء من البرنامج ستقدم منظمة أرضي منح تمويل صغيرة لتمكين تجمع نساء حياة من تنفيذ مشاريعهن الصغيرة في اسطنبول.
وأكدت السيدة “شلب الشام” في شهر أيار 2021، ستستضيف منظمة “أرضي” و “تجمع نساء حياة” اجتماع يهدف لجمع أعضاء من المجتمع المدني المحلي والدولي والحكومات الدولية بالإضافة إلى القادة السياسيين والناشطين للتعرف على تجمع حياة اللاجئات السوريات، ومشاريعهن الصغيرة، وغيرها من الأنشطة ولمشاركة نتائج الدراسة والاستبيان القائم على تقييم احتياجات المجتمع وسنقوم بتقديم مقترحات وتوصيات للمعنيين بالأمر.
مشروع الدعم النفسي
قالت السيدة وسام الحموي، عضو منظمة “ارضي” و”تجمع نساء حياة” واختصاصية إرشاد نفسي اجتماعي واستشارية علاقات أسرية وزوجية، يعتبر الدعم النفسي الاجتماعي حاجة طبيعية وملحة للمجتمعات التي عانت ومازالت تعاني من الأزمات والكوارث والحروب، سيما وأن الكثير من الدراسات والأبحاث أثبتت ضرورة اللجوء إلى هذا النوع من الدعم في هذه الأوقات والظروف ومن هنا انطلق مشروعنا (المساهمة في تنمية بعض المهارات النفسية الاجتماعية لعينة من السيدات السوريات في مدينة اسطنبول، بهدف تمكينهن من إدارة حياتهن على المستوى الفردي و الأسري والمجتمعي)، وللمساعدة في تقوية وتدعيم أولئك الأفراد وخاصة النساء من ناحية العمل على رفع وعيهن الصحي والنفسي والاجتماعي وزيادة كفاءاتهن ومهاراتهن في التعامل مع هذه الأزمات والضغوط والعوائق والتحديات، مما ينعكس على حياتهن وتوافقهن وانجازاتهن بشكل إيجابي وفعال بحيث يسهم في تحفيزهن على البحث المستمر عن حقوقهن في الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي وذلك لأهميته البالغة فى تحسين مستوى حياتهن على كافة الأصعدة وخاصة تلك المتعلقة بتوافقهن الشخصي والمهني والاجتماعي.
وأضافت السيدة الحموي، أن معاناة اللاجئين لا تنتهي بمجرد مغادرتهم مكان الحرب فهم ينقلون معهم الكثير من الندبات والكدمات الجسدية والنفسية والخبرات السلبية الموروثة من بلد اللجوء. ولقد أثبتت الكثير من الدراسات النفسية ان الحرب والتهجير قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية متنوعة وهذا ما وجدناه عند الكثير من اللاجئين السوريين مثل( الاكتئاب، القلق، اضطرابات ما بعد الصدمة، اضطرابات عاطفية ومشكلات أسرية، عنف جسدي واجتماعي، اضطرابات الأمن النفسي، اضطرابات النوم، واضطرابات نفسية جسدية ) والكثير من الاضطرابات الأخرى التي قد تترك آثار بليغة لايمكن الاستهانة بتأثيرها على الأفراد طيلة فترة حياتهم إن لم تتم معالجتها خاصة عند النساء والأطفال والذين يعدون الخاسر الأكبر في معظم الأحيان، ومن هنا وجب التركيز على تقديم كافة أشكال الدعم النفسي والاجتماعي لأولئك الأفراد بشكل عام والنساء بشكل خاص لما لهن من دور عظيم في إعادة تأهيل وترميم مجتمع اللاجئين بشكل عام. فمساعدة النساء وتنمية وعيهن وزيادة مهاراتهن وقدراتهن سوف ينعكس بالإيجاب والانجاز على المجتمع ككل.
حقوق المصابين بالاضطرابات النفسية
إن حماية الحقوق وتعزيزها وتحسينها عن طريق تشريعات الصحة النفسية وفقاً لأهداف ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية، تعتبر حقوق الإنسان منطلقاً أساسياً لهذه التشريعات، وتقر المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بهذا الحق إذ تنص على أن: “لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية …”
وتقر المادة 12 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بحق الأفراد بمن فيهم المصابين بالاضطرابات النفسية بالتمتع بأعلى معيار يمكن الحصول عليه من الصحة النفسية والبدنية.
كما توفر المادة 7 من الميثاق الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية لجميع المصابين بالاضطرابات النفسية الحماية من التعذيب والقسوة والمعالجات غير الإنسانية أو المذلة أو العقاب بالإضافة إلى الحق بعدم الدخول في تجربة طبية أو علمية من دون موافقة مستنيرة.
في عام 1991 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 64/119 الذي يشمل مبادىء حماية الحقوق الإنسانية للمصابين بالأمراض النفسية، التي يحترمها المجتمع الدولي ولايمكن انتهاكها في المجتمع أو في المواضيع العلاجية، وتغطي المبادىء الخمس والعشرون جوانب عديدة منها ” تعريف الاعتلالات النفسية، حماية السرية، معايير الرعاية والمعالجة وحقوق المصابين في المرافق الصحية النفسية، دور المجتمع والثقافة، مراجعة الآليات والإجراءات الواقية التي توفر الحماية من انتهاك حقوق المصابين بالاضطرابات النفسية”.
مكافحة خطاب الكراهية
اعتبرت الأمم المتّحدة أنّ “خطاب الكراهية” هو أيّ نوع من التواصل الشفهيّ أو الخطيّ أو السلوكيّ، ينطوي على تهجّم أو يستخدم لغة سلبيّة أو تمييزيّة عند الإشارة إلى شخص أو مجموعة من الأشخاص على أساس هويّتهم، أيّ على أساس دينهم أو عنصرهم أو جنسيّتهم أو عرقهم أو لونهم أو نسبهم أو جنسهم أو أيّ عامل أخر يحدّدهم.
أثر خطاب الكراهية المتصاعد على حياة اللاجئين السوريين في تركيا، ففي دراسة حول التباعد الاجتماعي بين السوريين والأتراك، أجرتها مؤسسة “KOND” المتخصصة في استطلاعات الرأي العام والاستشارات، ظهر أن مستوى التباعد الاجتماعي في تركيا قد ازداد في عام 2019، مقارنة بالسنوات السابقة. وفي عام 2016 وفقاً لنتائج هذه الدراسة كان الأتراك يقبلون بوجود السوريين معهم في مدينة واحدة بنسبة وصلت إلى 72,4% . و 57,1 % يقبلون بوجودهم في الحي أو مكان العمل أو المدرسة، و 40,8 % كجيران أو أصدقاء، و 13.7 % في المنزل أو داخل الأسرة.
وعندما أعادت المؤسسة KONDA طرح السؤال نفسه مرة أخرى، بعد ثلاث سنوات؛ أظهرت النتائج أن الموقف الإيجابي تجاه العلاقة مع السوريين في تركيا انخفض إلى النصف؛ حيث انخفضت نسبة الذين يقولون “يمكنني العيش مع سوريين في نفس المدينة”، من 72 % إلى 40 ،% وفي نفس الحي من 57 % إلى 31 %، وفي نفس البناء أو كصديق من 41 % إلى 21 % وفي نفس المنزل من 14 % إلى 7 %.
تقول المهندسة ريما القاضي، عضو منظمة “أرضي” و “تجمع نساء حياة” أن الهدف الرئيسي لمشروع الحد من خطاب الكراهية والتمييز، الذي تعمل عليه مع مجموعة من السيدات في التجمع، أن يكون خطوة باتجاه تحقيق التوافق الاجتماعي بين اللاجئين السوريين والمجتمع التركي، من خلال التعرف على الأسباب التي أدت إلى ارتفاع وتيرة هذا الخطاب، والعمل على معالجتها، وذلك بتصحيح بعض المعلومات الخاطئة المنتشرة بين المواطنين الأتراك عن السوريين الموجودين على أراضيهم، وتوعية اللاجئين بالقوانين في تركيا بما يخص تجريم خطاب الكراهية والتمييز وآلية اللجوء للقضاء.
وأضافت السيدة القاضي، للحد من خطاب الكراهية، نتطلع لإقامة عدة نشاطات تجمع الأتراك والسوريين، بنشاطات مشتركه بين الطرفين لكسر الحواجز والتعارف وخلق جو من الألفة بينهم، وتغيير بعض المفاهيم الخاطئة بين الطرفين بالاحتكاك المباشر بينهم، كما نخطط لعقد جلستين حواريتين، سنتطرق لقصص لاجئين سوريين تعرضوا لخطاب الكراهية والتمييز وكيف أثر هذا على حياتهم، وسوف ننشر قصصهم على منصة السوشال ميديا باللغة التركية، لتصل لأكبر عدد من الأشخاص في المجتمع المضيف، كما سنتناول قصص لاجئين سوريين نجحوا بالاستقرار في تركيا لنتعرف على العوامل التي ساعدتهم على تخطي الصعاب، والنجاح في فتح مشاريع تجارية ساهمت في رفد الاقتصاد التركي، حيث أفاد تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي السوري بأن تركيا شهدت منذ 2011 تسجيل أكثر من 6500 شركة ونشاط اقتصادي، أنشأها أو أسهم في إنشائها سوريون.
إن تنامي خطاب الكراهية وتداعياته على المجتمع، دفعت أمين عام الأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش، في حزيران/ يونيو 2019، لإطلاق استراتيجيّة وخطة عمل الأمم المتّحدة لمكافحة خطاب الكراهية. ويشكّل احترام حقوق الإنسان بعيدًا عن أيّ شكل من أشكال التمييز إحدى المقوّمات الأساسيّة لهذه الاستراتيجيّة، وحدّدت 13 التزامًا، يجب تنفيذها على المستوى العالميّ والوطنيّ على حدّ سواء. وهي تنطوي على مجموعة واسعة من الإجراءات، منها” تحسين فهم خطاب الكراهية وتأثيره على المجتمعات ورصدهما، وتحديد وإعداد برامج تعالج حوافز خطاب الكراهية وأسبابه الجذريّة، إضافة إلى دعم الروايات البديلة والإيجابيّة لمواجهة خطاب الكراهية”.
وحرصاً على عدم الخلط بين مكافحة خطاب الكراهية وتقييد حريّة الرأي والتعبير، تم تحديد معايير دولية بشأن مسألة “خطاب الكراهية” من خلال التوازن في المادتين 19 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. والضمانات السابقة هي: الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق الحرية في التماس المعلومات وتلقيها ونقلها، والتماس الأفكار من جميع الأنواع، بصرف النظر عن الحدود، وتحدد المادة 19 القيود التي يمكن أن ترتبط بهذا الحق، بما في ذلك “احترام حقوق الآخرين أو احترام سمعتهم”. وحظرت المادة 20 “أية دعاية للحرب” و”أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف”.
التطرف والأخبار الكاذبة
ينظر إلى التّطرّف على أنه سلوك يرمي إلى تحقيق أهداف سياسية أو أيديولوجية أو دينية، أو بوصفه الوسيلة الّتي تستخدمها الجماعات الرافضة للديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، ولقد أصبح التّطرّف العنيف تهديداً خطيراً يواجه العالم برمته، وأعرب مجلس حقوق الإنسان عن قلقه العميق من الخطر الكبير الّذي تشكله الأعمال الناجمة عن التّطرّف والتجاوزات الخطيرة الّتي تطال حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي الإنساني الّتي ترتكبها مجموعه متطرفة وإرهابية عنيفة. وهذا ما أكده المجلس في قراره رقم 30/15.
وتؤكد إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب (A/RES/60/288)، كالعديد من قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، التزامات الدول الأعضاء في مجال حقوق الإنسان بموجب القانون الدولي. يستلزم القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي للاجئين على وجه الخصوص تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها في سياق مكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب.
ودعا الإعلان العالمي الأممي المشترك حول التشهير بالأديان، الصادر في الذكرى الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلى تقييد تعريف الإرهاب على الأقل من حيث علاقته بالقيود على حرية التعبير وحصره في جرائم العنف التي تكون دوافعها أيديولوجية أو دينية أو سياسية أو جريمة منظمة والتي تستهدف التأثير على السلطات العامة من خلال ترويع المواطنين. وطالب الإعلان المشترك باحترام دور الإعلام كأداة رئيسية لتحقيق حرية التعبير وتوعية الجمهور في كافة قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف، فللجمهور حق معرفة الأعمال الإرهابية التي ترتكب ولا ينبغي معاقبة وسائل الإعلام بسبب تقديم تلك المعلومات.
وأوردت المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن حرية الرأي والتعبير، حق أساسي من حقوق الإنسان، وتصب حرية الإعلام والوصول إلى المعلومات في الهدف التنموي الأوسع نطاقا والمتمثل في تمكين الناس، من خلال الوصول إلى معلومات دقيقة ونزيهة وحيادية.
كما وأن الحق في حرية التعبير محمي أيضا بموجب إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة في عام 1998 بتوافق الآراء. ويشير الإعلان إلى السبلٍ المحددة لممارسة المدافعين عن حقوق الإنسان لحقهم في حرية التعبير، على سبيل المثال نشر التقارير والمناقشة العلنية لأوضاع حقوق الإنسان، وانتقاد سياسات الحكومة.
تُفيد السيدة براء كرمان عضو منظمة “أرضي” و”تجمع نساء حياة” بأن الخطاب المتطرف الممارس من بعض الجماعات الدينية والفكرية والسياسية، ساهم في تضليل بعض اللاجئين السوريين، ودفعهم لبعض الممارسات التي تتسم بالعنف أو الإقصاء وعدم تقبل الرأي الآخر والتشبث بأفكار هدامة من شأنها تهديد السلم المجتمعي، وقد تؤدي في كثير من الأحيان إلى تبعات قانونية تعرضهم للمساءلة.
كما تأثر مجتمع اللاجئين السوريين في اسطنبول من تداعيات نشر وترويج أخبار كاذبة عن السوريين، مارسته بعض وسائل الإعلام ومنصات السوشال ميديا، ترتب عليها ارتفاع وتيرة خطاب الكراهية، ونشأ عنها ردات فعل عنصرية وتمييزية أدت إلى أعمال عنف، وأضرار بشرية ومادية، أثرت بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي للاجئين، وكذلك على أمنهم الشخصي، وقدرتهم على الاندماج، وتقبل المجتمع المضيف لهم، للأسباب السابقة أنطلق مشروع “مكافحة التطرف والأخبار الكاذبة على الانترنت” كون الفضاء الأزرق ساعد في انتشار وغرس الأفكار المتطرفة، وكان أداة خطيرة استغلها البعض في السيطرة على العقول وتسخير وتضليل فئات من المجتمع، وانتشرت مواقع وصفحات تضخ الكثير من المعلومات المضللة والكاذبة لعدة غايات منها خداع الرأي العام ومنها للاحتيال والابتزاز ونشر الفوضى وتجنيد الشباب أو لإثارة نعرات طائفية او دينية او مناطقية ..الخ، لذلك هدفنا الأساسي من هذا المشروع التوعية بمخاطر التطرف وآثاره على الفرد والمجتمع، والمساهمة في الحد من تأثير الأخبار الكاذبة عبر الانترنت، من خلال تعزيز مهارات اللاجئين بتمييز هذه الأخبار وتمكينهم من الوصول إلى المعلومات الموثوقة عبر الانترنت، وتزويدهم ببعض المهارات للتعامل مع وسائل الإعلام ومنصات السوشال ميديا المختلفة.
لماذا تجمع نساء حياة مختلف؟!
يقول الأستاذ تمّام العاني، منسق المتابعة والتقييم في منظمة أرضي (أطلس للإغاثة والتنمية)، باعتقادي أن ما يميّز مشروع تجمع نساء حياة بالدرجة الأولى هو (التنوّع) حيث أن التجمّع يضم نساء من خلفيات ثقافية واجتماعية مختلفة تعكس بشكل تقريبي جميع أنواع وخلفيات المجتمع السوري المتواجدة في تركيا بشكل عام وفي اسطنبول بشكل خاص، وبأنه تم تأهيله منذ البداية لدعم اللاجئين السوريين في المواضيع الحساسة مثل خطاب الكراهية والتمييز العنصري والدعم النفسي والوعي بخطورة الأخبار الكاذبة وغيرها من المواضيع التي تؤثر بشكل كبير على اندماج اللاجئين السوريين بالمجتمع التركي وعلى حياتهم في تركيا بشكل عام وفي اسطنبول بشكل خاص.
كما يتميز تجمع نساء حياة وفق رأي العاني، أن تأهيله كان خطوة بخطوة منذ البداية، حيث قامت منظمة أرضي بدعمه تعليميا، توعوياً و مالياً لدعم المشاريع الثلاثة التي تم اختيارها من قبلهم كونهم لاجئين وعانوا ما يعانيه كل لاجيء في تركيا بشكل عام واسطنبول بشكل خاص، ولم تقتصر منظمة “أرضي” بدعمها على التأهيل والتحضير لتجمّع نساء حياة فقط، بل قامت باعطائهم فرصة لإثبات وجودهم بين التجمعات والمؤسسات في تركيا وذلك من خلال مشروع طويل الأمد على ثلاث مراحل (مشروع تأهيلي) مدعوم ماديا كأي مشروع آخر ولكن تحت متابعة منظمة أرضي وتقييمها وذلك لاعطائهم فرصة في تطبيق كل ما تم تجهيزهم له بشكل عملي على ارض الواقع.
وبرأي العاني المطلوب من المنظمات الشبيهة في تركيا لدعم مجتمع النازحين، “الديمومة وتحقيق الفرص الأولى”، حيث الكثير من المنظمات تقوم بإعطاء تدريبات تأهيلية متميزة لمجموعات كثيرة لعدد لا يحصى من اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا بشكل عام ولكن أغلب تلك التدريبات تفتقر لعنصر مهم جدا ألا وهو مرحلة ” قياس الأثر”، ويتساءل العاني كيف لي أن أقيس أثر هذا التدريب على مجموعة ما بدون اعطاءهم ولو فرصة واحدة على أرض الواقع لتطبيق ما تعلموه من الجلسات التي تم صرف ملايين الدولارات عليها وذلك فقط لمجرد التظاهر بالعمل والظهور على الإعلام، نحن نعمل في منظمة أرضي على تخطي كل تلك الشكليات والتوجه بشكل مباشر تجاه اللاجئين ومعاناتهم وذلك لدعمهم بشكل مباشر بكل ما يحتاجوه خطوة بخطوة بدأً بمرحلة التدريب والتأهيل وانتهاءً بدعم مشاريعهم الخاصة على أرض الواقع وهذا ما قصدت به في بداية حديثي عن الديمومة وتحقيق الفرص الأولى.
يذكر أنه بتاريخ 8 أيار/ مايو 2020، بلغ عدد السوريين في تركيا 3,579,008 وهم المسجلون في قيود دائرة الهجرة وشعبة الأجانب، بحسب آخر تحديث لوزارة الداخلية التركية، والمديرية العامة لإدارة الهجرة في الولايات التركية كافة، منهم 496.775 تحت بند الحماية المؤقتة في مدينة اسطنبول
غصون أبو الذهب _ سيريا برس