“تأخر النطق عند الأطفال”…من مخلفات الحرب على نفوس أطفال سوريا الغضة

ينتظر جميع الآباء والأمهات أن يكبر أطفالهم أمام أعينهم التي تراقبهم بنظرات حانية بكافة مراحلهم العمرية من بزوغ أول سن وعندما يبدأ الطفل بالحبو والتعثر في المشي إلى أن يتمكن منه، لكن عندما يبدأ بنطق أولى كلماته وترديدها على مسامعهم تلك الفرحة لا يضاهيها شيء آخر.

إلا أن كثيرا من الأهالي في سوريا حرموا من هذه الفرحة نتيجة ظهور عدة حالات من تأخر النطق عند الأطفال، فالعمر الطبيعي لبدء النطق والكلام عندهم من عمر السنة ببعض الأحرف والكلمات البسيطة، وفي عمر السنتين يمكنهم نطق جمل قصيرة، وعند ثلاث سنوات يشرعون بلفظ جمل طويلة وسرد القصص الطفولية.

وتعود مشاكل النطق عند الأطفال لعدة أسباب منها العضوية والنفسية والبيئية، وهناك عدة عوامل ترجع للجانب العضوي كاللسان المربوط بحزام نسيجي إلى الأسفل، أو شق سقف الحلق وشفة الأرنب وتضخم اللوزتين وغيرها من مشاكل الفك والأسنان، ويمكن معالجتها طبيا بعد أن يكشف الطبيب المختص عن حالة الطفل ويحدد نوع المشكلة وطريقة المعالجة.

ولعل العوامل النفسية والاضطراب والتوتر من أهم أسباب مشاكل النطق عند أطفال سوريا وبالأخص للذين يعيشون في مناطق سيطرة الثوار نظرا لانعدام الأمان وتواصل القصف الهمجي والعشوائي على المدنيين ما أثر سلبا على نفوسهم الغضة وسلوكياتهم في الحياة.

تروي لنا “أم عبادة” من مدينة ادلب تجربتها مع طفلها بعد أن عجز الأطباء عن إيجاد علاج لتأخره عن الكلام :” عقب تحرير مدينتنا من قبضة النظام انهالت الغارات علينا واستهدفت إحداها البناء الذي نسكن فيه ليلا، وكان ابني عبادة نائما حينها، فاستيقظ على أثر القصف يصرخ من هول الحادثة، ورغم أنه لم يصبنا مكروه إلا أنه وحتى اليوم لم ينطق حرفا واحدا، وكان قبلها ينطق بعض الكلمات غير المفهومة كغيره من الأطفال، والآن عمره ثلاث سنوات ويعجز عن التعبير بأي كلمة، كم أشعر بالقهر والعجز عندما أرى أطفالا يتكلمون وولدي كان ضحية لإجرام النظام”.

ليس القصف والرعب الذي يعيشه أطفال سوريا وحده ما ساهم بتلك المشكلة عند الأطفال، فقصة الطفلة “سارة” 4 أعوام التي حرمت من والديها وهي بعمر العامين خير مثال على مايعانيه أولئك الأطفال الذين أفقدتهم الحرب ذويهم ليعيشوا أيتاما ويكملوا حياتهم بمفردهم وهم لايعون شيئا ويجبروا أن يكبروا بعيدا عن حنان الأم وعطف الأب.

وتحدثنا “رانيا” عمة سارة عن حالتها بعد أن تكفلت بتربيتها :” قررت أن أكون لها معيلا وسندا وأعوضها عن حنان والديها، إلا أنني لاحظت عليها تغيرا في سلوكها، وتحب دوما أن تجلس بمفردها بمعزل عمن حولها، في البداية تخوفت جدا وظننت أنها مصابة بالتوحد بسبب عدم كلامها وبقائها صامتة طيلة الوقت، فأخذتها إلى الطبيب الذي أخبرني أنها لاتعاني من مشكلة عضوية، بل نفسية وتحتاج لوقت لتشفى”.

أطفال أبرياء حرموا من أبسط حقوقهم وسط حرب لا ذنب لهم فيها سوى أنهم ولدوا في بلد يفتقر لأدنى مستوى من الإنسانية، وبحجة محاربة الإرهاب لم يعد بوسع بعضهم حتى الكلام والتعبير عن غضبهم، لكن سيأتي يوم وتنطق شفاههم ماحل بهم من إجرام وعنف.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist