شهد قطاع الزراعة في سوريا تراجعًا كبيرًا منذ آذار 2011، انعكس على حجم الصادرات والواردات، وتسبب بعجز اقتصادي كبير، تحولت البلاد من خلاله إلى مستورد لمعظم المنتجات الزراعية، ولا سيما القمح والشعير.
فنتيجة للضغوطات الجمة جراء الحرب المشتعلة منذ أكثر من خمس سنوات، تقلصت المساحات المزروعة كثيراً بسبب سوء الأوضاع الأمنية بعد أن كانت تحتل الأراضي الزراعية نسبة 30% من إجمالي المساحة، وهي الأعلى في الوطن العربي, ونتج عن هذا التراجع في الإنتاج الزراعي تراجعُ الناتج المحلي السوري وضعفٌ في الموازنة، إضافة لانعكاس ذلك على ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، أدى لانخفاض مساهمة الزراعة في الناتج المحلي من 17.9% خلال 2010 إلى 5% خلال 2013، وخلال 2014، فيما انخفضت نسبة مساحة القمح 76%، والشعير 83%، والشوندر السكري إلى 60%، ومساحة القطن إلى 38%.
إن صعوبة وصول الفلاحين إلى أراضيهم في كثير من الأحيان دفع عدداً من الفلاحين للعزوف عن العمل الزراعي تاركين أراضيهم، والبعض الآخر، لم يتمكن من جني المحاصيل ولا الاستفادة من خصوبة الأرض, ومع ارتفاع مستلزمات الإنتاج من بذار وأسمدة وزيادة أسعارها بشكل كبير ساهم في تراجع كميات الإنتاج, ولصعوبة توفر المياه لجأ بعض المزارعين إلى اعتماد الزراعة البعلية المحدودة التي تعتمد على الأمطار، فظلَّ الفلاح مرهونا بالعوامل الطبيعية، مضطراً للاعتماد على الموسم الشتوي فقط، وصيفاً لم يُقدم العديد من الفلاحين على زراعة أراضيهم خوفاً من عدم القدرة على توفير مياه الري.
وارتفاع أسعار المحروقات أثر كثيراً على تكاليف الإنتاج، ما دفع المزارعين إلى تقليص العناية بمنتجاتهم لتقليل الأعباء المادية وهو ما انعكس على مردودية وحدة المساحة.
في حين قدرت “منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة – الفاو” أضرار القطاع الزراعي خلال 2013 بنحو 1.8 مليار دولار، كما قُدّرت الخسائر التي طالت البنى التحتية لـ”وزارة الزراعة” بـ27 مليار ليرة، تراوحت بين آليات ومبان وتجهيزات وشبكات ري ومراكز بحوث وبنوك وراثية، وفي أيار 2014 حذرت “الفاو” من أن ظروف الجفاف، مقرونة باستمرار الأزمة، ستُفاقِم من حجم الضغوط على الأمن الغذائي في سورية، وتزيد من احتمالات الانخفاض الحاد في إنتاج القمح والشعير بالمناطق الزراعية الرئيسية.
فقد ذكرت المنظمة أن النقص الذي تعاني منه سوريا في محصول القمح يزداد سوءًا، بعد تقلص المساحات المزروعة للعام 2015.
وأوضحت المنظمة بأن المساحة المزروعة بالقمح والشعير لموسم 2015-2016 تقلصت إلى 2.16 مليون هكتار، بعد أن كانت 2.38 مليون هكتار في الموسم السابق، موضحةً أن المساحة الحالية تمثل 68% من الحجم الذي يستهدفه النظام.
كثير من مراكز الابحاث الزراعية توقفت عن العمل، إما لتدمير مبانيها أو لصعوبة الوصول إليها لوقوعها في مناطق الصراع, والبعض الآخر تم نقله خارج سورية كبنك جينات البذور في حلب التابع للمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة “إيكاردا” فقد تم تأمين محتوى بنك الجينات بإيداع نسخ مطابقة من موارده الوراثية ببنوك جينات خارج سوريا؛ استوعب قبو سفالبارد العالمي للبذور في النرويج ما يربو على 80% منها.
أما النسبة المتبقية وُزعت في المقرات التي انتقل لها مركز إيكاردا الرئيسي في كل من تونس ولبنان والمغرب.
لقد بدأ نقل نسخ من السلالات قبل الثورة في سوريا، وتم التعجيل به بعد اندلاعها، للحفاظ على السلالات من مغبة الصراع الدائر.
فيما تبقى المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام الأسوأ حظاً، فصعوبة تأمين البزار الزراعية والوقود اللازم لضخ المياه هي المشكلات الأبرز التي يعاني منها معظم فلاحي تلك المناطق.
المركز الصحفي السوري – أسماء العبد