حمل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو رسالة للسعوديين مفادها: «طفل الكيل، ارفعوا الحصار عن قطر».
وجاءت رسالة المسؤول الأمريكي البارز في أول جولة له منذ مصادقة الكونغرس على تعيينه وزيراً للحارجية تضم أوروبا والسعودية وإسرائيل والأردن.
وفي بداية تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» جاء فيه أن السعوية تفكر بحفر قناة مائية على طول حدودها مع دولة قطر بشكل يحولها إلى جزيرة. وسيتم رمي النفايات النووية في هذه القناة «سلوى» بشكل يمنع التواصل بين البلدين، إلا أن رسالة وزير الخارجية بومبيو في أول زيارة له للمملكة بصفته الجديدة كانت: طفح الكيل أو إن شئت بلغ السيل الزبى.
وقالت إن صبر واشنطن فيما يتعلق بالخلاف الصاخب داخل دول مجلس التعاون الخليجي قد نفد. وحسب مسؤول في الخارجية الأمريكية الذي أطلع صحافيين على ما جرى في اللقاء لكنه لم يعط الصلاحية بالكشف عن اسمه فقد أبلغ بومبيو نظيره السعودي عادل الجبير بضرورة حل الخلاف.
وأشارت الصحيفة إلى قرار السعودية والإمارات العام الماضي فرض حصار جوي وبحري وبري على دولة قطر حيث اتهمتا الدولة الخليجية الثرية بدعم الإرهاب والتقارب مع إيران واستقبال معارضي هذه الدول. وزادت سنوات من الإهانات التي مارستها الأطراف إلى من المرارة المتبادلة.
وقضى وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون معظم فترته هو يحاول التوسط بين الأطراف المتنازعة التي انضمت إليها مصر والبحرين، ولكن بدون نجاح، فقد كان يعرف السعوديون الذين يراقبون الدينامية السياسية الداخلية في الولايات المتحدة أن علاقة تيلرسون مع الرئيس دونالد ترامب ليست جيدة ولهذا تجاهلوا مناشداته ووساطاته، خاصة أن ترامب وقف في الأيام الأولى من النزاع مع السعودية ومعسكرها.
وبخلاف تيلرسون فبومبيو من المقربين للرئيس ولهذا فهو رمز مهم. كما أن قطر ومنذ الأزمة التي مضى عليها 11 شهراً أنفقت ملايين الدولارات على حملة كسب للرأي العام في واشنطن والتي أعطت ثمارها بداية الشهر الحالي في استقبال الرئيس ترامب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر في البيت الأبيض حيث عبر الرئيس ترامب عن دعمه القوي للبلد.
وتقول الصحيفة إن بومبيو، جاء إلى الرياض يحمل نفس الرسالة في لقائه الذي عقده في المطار مع عادل الجبير ولولي العهد الأمير محمد بن سلمان في لقاء عقد مساء السبت والملك سلمان في لقائه أمس الأحد. وترى الولايات المتحدة أن مواجهة تأثير إيرات وتحقيق الإستقرار في سوريا والعراق وهزيمة ما تبقى من جيوب لتنظيم الدولة ووقف الحرب الكارثية في اليمن ينظر إليها في واشنطن كأولويات لا يمكن معالجتها بدون موقف عربي موحد.
وتزامن وصول بومبيو للرياض مع صواريخ ثمانية أطلقها المتمردون الحوثيون على منطقة جازان، جنوبي السعودية وأدت لمقتل شخص. وتعلق الصحيفة أن وابل الصواريخ هو إشارة جديدة إلى تزايد تهديد النزاع في اليمن على المنطقة.
وتعلق الصحيفة أن الأزمة الإنسانية في اليمن أصبحت محل اهتمام في الكونغرس لدرجة أخذ أعضاء مؤثرون في مجلس الشيوخ بمناقشة فرض قيود على صفقات السلاح مع السعودية. وهو ما سيؤثر على أولويات الإدارة الأخرى من مثل زيادة مبيعات السلاح ودفع السعودية للعب دور فاعل لتحقيق الاستقرار في سوريا ومواجهة إيران.
وتقول الصحيفة إن أخطاء الطيران السعودي في ضرب الأهداف بالإضافة للحصار المفروض على الموانئ اليمنية أسهم بشكل كبير في تدهور الوضع الإنساني في اليمن. وأخبر بومبيو الجبير يوم السبت بأهمية فتح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية والبضائع لليمن بما في ذلك الوقود.
وجاء بومبيو إلى الشرق الأوسط لمناقشة الإتفاقية النووية والتي يقول المراقبون أن الرئيس ترامب سيقوم بالخروج منها في 12 أيار(مايو) خاصة أنه وصفها «بالأسوأ أبدا». وسيزور بومبيو إسرائيل وبعدها سيسافر إلى العاصمة الأردنية عمان، لمقابلة الملك عبدالله الثاني. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قد زارا واشنطن الأسبوع الماضي وحثا الرئيس على الحفاظ على الإتفاقية النووية دونما نجاح على ما يبدو.
وتعهد ترامب بأن لا تحصل إيران على سلاح نووي مهما حدث، وهو أمر لن يمنع قادة الجمهورية الإسلامية من استئناف برنامجهم النووي لو خرجت إيران من الاتفاقية. كما تعهد ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا وطلب من الدول الأخرى في الشرق الأوسط المساهمة وتحمل جزء من العبء.
وسواء نجحت الولايات المتحدة في إقناع حلفائها لعمل المزيد والطلب من السعودية تخفيف حملتها على اليمن وقطر أمر غير واضح. وكيف سيرد الإيرانيون على تهديدات ترامب وهو يخطط للخروج من سوريا، أمر لا تعرف نتائجه أيضاً. وسيعود بومبيو إلى واشنطن يوم الاثنين للتحضير للقمة المحفوفة بالمخاطر مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جون- أونغ والذي قابله بومبيو سرا في كوريا أثناء عطلة عيد الفصح.
… و«واشنطن بوست»: تحذير له من دور إيران في صواريخ الحوثيين
وفي السياق نفس نقلت صحيفة «واشنطن بوست» ما أكده مراسل «أسوسيتدبرس» ماثيو لي عن مسؤولين بارزين رافقوا بومبيو في زيارته حيث حمّلوا إيران مسؤولية تهريب الصواريخ للحوثيين وهي التي يطلقونها بشكل مستمر ضد الأراضي السعودية.
وقالوا إن تزامن إطلاق الصواريخ على جازان يؤكد رؤية الرئيس ترامب بضرورة مواجهة العدوان الإيراني في المنطقة. فقد دعمت إيران الحوثيين في اليمن والرئيس بشار الأسد في سوريا. وقال المسؤولون الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم إنه يجب مواجهة برنامج إيران من الصواريخ الطويلة والمتوسطة المدى كجزء من محاولات إيران تعزيز قدراتها النووية. وقالوا إن بومبيو دعا الدول الأخرى لفرض عقوبات مشددة على الشعب الإيراني والوكالات التجارية والحكومية التي لها علاقة بتطوير الصواريخ الباليستية. وأضافوا أنه أكد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن السعودية وإسرائيل وبقية الحلفاء في المنطقة. وقالوا أنه أكد على أهمية الدور السعودي والمساهمة في إحلال الاستقرار في المناطق التي تم طرد تنظيم الدولة الإسلامية منه. وإن بومبيو أكد للمسؤولين السعوديين على أهمية إنهاء الخلاف مع قطر وذلك كجزء من جهود مواجهة إيران. ولم تنجح جهود الوساطة التي قادتها الكويت ولا دعوات تيلرسون قبل عزله على دفع الدول المحاصرة لقطر رفعه. فقد منح الخلاف «مساحة للعب» وعرقل التعاون في قضايا متعددة بما في ذلك مواجهة التطرف النابع من تنظيم الدولة والجماعات الأخرى. وتأتي زيارة بومبيو قبل إعلان ترامب عن خروجه من الإتفاقية النووية مع إيران كما لمح في لقائه الأسبوع الماضي مع الرئيس الفرنسي ماكرون، وبعد يومين سيقوم ترامب بافتتاح السفارة الأمريكية في القدس، وهي مناسبة تعبر عن تحول كبير في السياسة الأمريكية في اتجاه الدفع بحل للدولتين تكون القدس عاصمة لهما. ويعارض الفلسطينيون نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ويخططون لتظاهرات واسعة في اليوم الذي يتذكرونه بالنكبة. وكان بومبيو قد تعهد في بروكسل، محطته الأولى بالخروج من الاتفاقية النووية إلا في حالة عدلت وقدمت بشكل قوي.
المصدر:القدس العربي