نشر موقع “بوليتكو” تقريرا نقل فيه عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن إيران تبحث عن طرق للانتقام لمقتل القائد العسكري قاسم سليماني.
وقالت ناحال توسي، وناتاشا بيرتراند، إن الحكومة الإيرانية تفكر في محاولة لاغتيال السفيرة الأمريكية في جنوب أفريقيا حسبما كشفت التقارير الاستخباراتية. وجاءت التقارير وسط استمرار إيران البحث عن طرق للانتقام من مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، سليماني هذا العام، وذلك عندما أصدر الرئيس دونالد ترامب قرارا بقتله بعدما هبطت طائرته في مطار بغداد.
ويشير الموقع إلى إن استهداف السفيرة الأمريكية لو نفّذ لزاد من التوتر الحالي بين الولايات المتحدة وإيران، ولأضاف ضغوطا على الرئيس ترامب للرد وسط حملة اتتخابية مكثفة.
وكان المسؤولون الأمريكيون على معرفة بالتهديدات التي تحيط بالسفيرة لانا ماركس منذ الربيع. إلا أن التقارير الأمنية عن خطط لاغتيالها زادت في الأسابيع الأخيرة. وأشار الموقع إلى أن السفارة الإيرانية في بريتوريا على علاقة بالمؤامرة.
وتأتي التقارير الاستخباراتية في ظل ما قاله وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في حينه، إن قتل سليماني جاء من أجل ردع إيران. وبناء على الأمر المعروف في داخل مجتمع الاستخبارات “واجب التحذير” فمن واجب وكالات التجسس الأمريكية إخبار الضحية المحتملة لو كانت المعلومات الاستخباراتية تظهر أن حياتها ستكون في خطر.
وفي حالة المسؤولين العاملين في الحكومة الأمريكية، يتم عادة شمل التقارير الأمنية الموثوقة في الإيجازات التي تقدمها وكالات التجسس يوميا للرئيس. وتم إبلاغ السفيرة ماركس بالمؤامرة، وضمنت المعلومات في التقرير الذي تعده وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) والمعروف بمراجعة الاستخبارات العالمية، وهو تقرير لا يتوفر إلا للمسؤولين البارزين في أجهزة الحكومة الأمريكية وبعض المشرعين والعاملين معهم.
وعُينت ماركس (66 عاما) سفيرة في جنوب أفريقيا في تشرين الأول/ أكتوبر، وتعرف ترامب منذ عقدين، وهي جزء من ناديه في مار- إي- لاغو بولاية فلوريدا. ويمقتها نقاد ترامب ويصفونها بـ”مصممة حقائب اليد”، ويرد الداعمون لها بأنها سيدة أعمال ناجحة، ويصل سعر حقيبة اليد الواحدة التي تبيعها إلى 40 ألف دولار، ولديها علاقات دولية، ومن بين أصدقائها كانت الأميرة ديانا.
ولدت ماركس في جنوب أفريقيا وتعرف لغات البلد مثل أفريكانز وخوسا. ولا يعرف العاملون في مجتمع الاستخبارات السبب وراء استهداف إيران للسفيرة ماركس التي لا يوجد لديها علاقات مع إيران. وربما كانت علاقتها الطويلة مع ترامب وراء استهدافها كما يقول مسؤولون أمريكيون. ولاحظ المسؤولون أن الحكومة الإيرانية تدير شبكة سرية في جنوب أفريقيا، وأنشأت موطئ قدم لها فيها منذ عقود. وفي عام 2015 نشرت قناة الجزيرة وصحيفة الغارديان وثائق عن الشبكة الإيرانية العاملة في جنوب أفريقيا. وربما كانت ماركس هدفا سهلا أكثر من الدبلوماسيين الأمريكيين حول العالم، خاصة في أوروبا الغربية، حيث تقيم الولايات المتحدة علاقات قوية مع قوات الأمن وحفظ النظام.
ولدى إيران تاريخ طويل من العمليات الخارجية وعمليات اختطاف رهائن بعد الثورة الإسلامية عام 1979، ولكنها تجنبت في العقود الماضية استهداف الدبلوماسيين الأمريكيين مع أنها دعمت ميليشيات قامت بضرب المصالح الدبلوماسية الأمريكية في العراق.
وزعم ترامب أن قتل سليماني جاء بعد تقارير عن خطط إيرانية لضرب بعثات دبلوماسية أمريكية، مع أن الاستخبارات الأمريكية قللت لاحقا من أهمية هذا الزعم.
وقال ترامب في كانون الثاني/يناير: “كانوا يخططون لتفجير سفارتنا”، في إشارة إلى السفارة الأمريكية المحصنة في بغداد. وبعد ذلك قال في تصريحات لفوكس نيوز: “يمكنني الكشف أنها أربع سفارات”.
وبعد أيام من اغتيال سليماني، شنت إيران هجمات على قواعد عسكرية أمريكية في العراق، مما تسبب بارتجاجات دماغية لعدد من الجنود الأمريكيين. وقال ترامب إن إيران تتراجع وهو أمر جيد للأمريكيين والعالم، ولكنه فرض عليها عقوبات جديدة وحذرها من الانتقام.
وقال محللون في حينه إن إيران قد تبحث عن طرق أخرى للانتقام لسليماني. وقال الجنرال كينث ماكينزي، قائد القيادة المركزية الشهر الماضي إنه يتوقع “ردا” جديدا من إيران على الوجود الأمريكي في العراق. وقال: “لا أعرف طبيعة الرد. ولكن بالتأكيد نحن جاهزون له”.
وأعلن ماكينزي أن الولايات المتحدة ستخفض عدد القوات الأمريكية في العراق من 5.200 إلى 3.000 بنهاية أيلول/ سبتمبر. وفي ندوة عقدت في شهر آب/ أغسطس عبر الإنترنت، قال ماكينزي إن إيران “هي مشكلتنا الرئيسية” في المنطقة، واعترف أن مخاطر الجماعات الوكيلة عن إيران في العراق عقدت من مهمة مكافحة تنظيم “الدولة” أو ما تبقى منه.
وأضاف أن “التهديد على قواتنا من الميليشيات الشيعية أدى بنا لتخصيص مصادر كنا سنستخدمها ضد تنظيم الدولة للدفاع عن أنفسنا وخفضت من قدرتنا على العمل بكفاءة ضدهم” أي تنظيم “الدولة”.
ولم يعلق مجلس الأمن القومي أو بعثة إيران في الأمم المتحدة على التقارير، ولا السفارة في جنوب أفريقيا، أو سي آي إيه أو البنتاغون.
وتخوض الولايات المتحدة حرب ظل مع إيران في الشرق الأوسط، ووصل البلدان في ظل إدارة ترامب إلى حالة المواجهة المباشرة. ففي صيف عام 2019 حملت الولايات المتحدة إيران مسؤولية تخريب سلسلة من ناقلات النفط في الخليج، وأسقطت إيران طائرة تجسس أمريكية بدون طيار، وردت أمريكا بإسقاط طائرة إيرانية.
واعترف ترامب أنه أمر بالهجوم العسكري على إيران لكنه أوقفه قبل دقائق من التنفيذ عندما اكتشف كما زعم أنه سيؤدي إلى مقتل 150 شخصا.
وزادت الخلافات بين البلدين في العراق في كانون الأول/ ديسمبر بعد مقتل متعهد أمريكي. وردت أمريكا بضرب معسكرات لجماعات شيعية تدعمها إيران، التي ردت بتظاهرة زحفت نحو السفارة الأمريكية في بغداد.
وفي بداية كانون الثاني/ يناير، قتلت أمريكا قاسم سليماني الذي خرج مع نائب قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس من مطار بغداد. ووصف المسؤولون الأمريكية العملية بأنها “دفاع عن النفس”. وتعاونت إيران مع جنوب أفريقيا في عدد من المجالات بما في ذلك في الأمم المتحدة، حيث دعمت جنوب أفريقيا إيران عدة مرات.
ويعتقد أن ثروة اليورانيوم في جنوب أفريقيا هي مصدر اهتمام إيران التي تزيد من نشاطات التخصيب لبرامجها النووية. ووقّع البلدان معاهدات دفاع مشتركة. والغريب أن المؤامرة الإيرانية تم الكشف عنها قبل تنفيذها حسب الموقع.
نقلا عن القدس العربي