قـــــــراءة فـــــي الصحــــف
نبدأ قراءتنا من صحيفة الـ “نيـويـورك تايمز” الأمريكية
تشابهت العديد من العوامل المشتركة بين الجرائم الإنسانية المُرتكبة في مدينة حلب السورية، و”جروزني” عاصمة الشيشان، فقد عانت الشيشان من نفس ظروف سوريا الوحشية في مطلع الألفية الجديدة، لكن في سوريا، حاول زعماء الغرب إنقاذ السوريين المحاصرين، عكس ما حدث في الشيشان، حيث حاولت قلة من الدبلوماسيين مساعدة هذا الشعب منذ عقد ونصف تقريبًا، عندما تحرك فلاديمير بوتين -بعد أشهر من توليه مقاليد الحكم في روسيا- حتى يعيد سيطرة بلاده على الشيشان -التي انفصلت عن موسكو بعد حرب قصيرة بغيضة في منتصف التسعينيات- ولم يهتم العالم وقتها بالمجازر الإنسانية التي تسبب بها بوتين في الشيشان.
وبالطبع هذا الأسلوب ليس حكرًا على بوتين وحده، حيث يحاول الزعماء الغربيون حل القضايا المعقدة، دون المخاطرة بأي اتصال مباشر مع العدو، لكن يختلف بوتين عن غيره من منافسيه، فلا يضغط أي صحفي أو سياسي أو ناشط في روسيا على بوتين لإنقاذ مواطني حلب، تمامًا كما لم يكن هناك أي متعاطف روسي واحد مع معاناة الشعب الشيشاني، المُحاصر في جروزني أثناء قصف الصواريخ للمدينة.
فوجئ كل من زار الشيشان، عقب الحرب الروسية، بمظاهر الدمار التي لحقت بها؛ فأصبحت عبارة عن فدادين من الأبنية المهدّمة، والمصانع المدقوقة على الأرض، والأسوار المخترقة، مع أن العديد من الناس يرون أن الدول الغربية تتساوى مع روسيا في أعمالهم السيئة تجاه الإنسانية، لكن لا بد أن نعترف أن الدول الغربية ليست بنفس قدر الوحشية الروسية: فأي حكومة غربية تتجرأ على التسبب فيما قام به بوتين، سواء في جروزني أو في حلب؟.
وعلى الرغم من عدم حاجة بوتين للقلق من الرأي العام الداخلي في روسيا، فإنه في حاجة ماسة إلى رأي العالمي، فآراء الناقدين الأجانب المعترضة على سياساته في الشيشان، أثّرت فيه بقدرٍ كبيرٍ، ولكي ينال بوتين الرضا الدولي، سيحاول إضفاء الشرعية على انتصاره في سوريا، إذا ما نجح في تحقيق عملية السلام بها، حتى إن كان هدم حلب هو ثمن تحقيق السلام في سوريا.
من الممكن أن يؤدي قصف بوتين لحلب إلى خضوعها لسيطرة بشار الأسد، عن طريق انتخابات رئاسية زائفة، ليتمكن بوتين من عرض حل القضية السورية، لكن ما لا يعلمه بوتين وبشار، أنك لا يمكن أن تجبر من قتلتهم، وتسببت في معاناة من بقيوا أحياء، على أن يحبوك، ولن ينجح أي نظام يؤسسه بوتين، طالما فشل في استيعاب أن رغبات الأشخاص الخاصة، أهم من رغباته هو.
في ذات الموضوع أشارت صحيفة الـ” نيويورك تايمز” إلى الحملة الجوية المتواصلة من جانب روسيا والنظام السوري على حلب في سوريا، وقالت إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقصف المدنيين المحاصرين بحلب دون شفقة أو رادع كقصفه للمدنيين في غروزني الشيشانية.
فقد نشرت الصحيفة مقالا للكاتب “أوليفر بولوه” أشار فيه إلى تحرك بوتين الحاسم لاستعادة السيطرة على الشيشان في تسعينيات القرن الماضي، وإلى القصف الجوي الروسي على العاصمة الشيشانية غروزني حينئذ.
وأضاف الكاتب أن الأوضاع اليوم في حلب السورية تشبه تلك التي كانت تمر بها غروزني إلى حد كبير، وأن بوتين يعرف الآن أنه لا يمكنه تحقيق الانتصار على الأرض في سوريا، تماما كما كانت الحال معه في غروزني في ما مضى.
كما أشار الكاتب إلى إدراك بوتين لأهمية الإعلام وإلى إنشاء محطة روسيا اليوم الناطقة بالإنجليزية في 2005، وإلى نجاح هذه المحطة في تشويش المعلومات، وأنها مستمرة في نشر وتأييد رسالة بوتين المتمثلة في أن قصفه السوريين هو لصالحهم تماما كما سبق وقصف الشيشان، وأن الحرب هي من أجل السلام.
وأضاف أن الاستمرار بقصف حلب وإجبارها على الاستسلام وفرض الأسد على الأنقاض رئيسا عبر انتخابات مزورة هو ما يمكن لبوتين ولمحطة روسيا اليوم تقديمه على أنه الحل في سوريا، وقال: ولكن لا يمكن قصف الناس لإجبارهم على محبتك.
وقال إن بوتين طالما فشل في فهم رغبات السكان، وإن أي نظام يحاول بوتين فرضه في سوريا بهذه الطريقة فإنه سيكون هشا تماما كما هو الحال في الشيشان.
أما صحيفة الـ ” إزفيـستيا” الروسية” فقد عنونت، “حاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف ستبحر باتجاه سواحل سورية ومصر الشهر الحالي”.
أعلنت الصحيفة أن حاملة الطائرات “الأميرال كوزنيتسوف” ستبحر الشهر الحالي باتجاه سواحل سورية مع كامل حمولتها من الطائرات والأسلحة للمشاركة في عمليات محاربة الإرهاب ولتتوجه بعد إنجاز مهمتها هناك إلى السواحل المصرية.
وذكرت الصحيفة أن الحاملة تضم طائرات من طراز سو 33 وسو 25 ومروحيات كا 27 وكا 29 كما تتدرب في الوقت الراهن على متن السفينة مجموعة جوية جديدة تستخدم مقاتلات ميغ 29 كا ومروحيات كا 52.
وأشارت الصحيفة إلى أن موسكو تبحث مع القاهرة إمكانية مشاركة الحاملة الأميرال كوزنيتسوف في مناورات مشتركة في المتوسط في الربيع المقبل بغية التدريب على مكافحة الإرهاب لافتة إلى أنه وبعد إنجاز مهمتها في المتوسط ستعود إلى روسيا حيث ستخضع لعمليات تحديث عميقة.
بدورها نشرت صحيفة الـ “غـارديـان” البريطانية موضوعا بعنوان “إذا كانوا بالفعل يرغبون في وقف الحرب في سوريا لاستهدفوا روسيا”.
الموضوع الذي كتبه “جوناثان فريدلاند” يركز على الطريقة التي يتعامل بها الرأي العام مع روسيا موضحا أنه لو قامت الولايات المتحدة بقصف حلب لتظاهر دعاة السلام ومؤيدوهم وحاصروا السفارات الأمريكية في مختلف مدن العالم ويتساءل لماذا يتم التسامح مع بوتين؟
ويقول فريدلاند ساخرا، “لسوء حظ الأطفال في حلب فإن القنابل التي تتساقط عليهم من السماء فتقتلهم وتدمر بيوتهم وتشرد أسرهم ليست بريطانية ولا أمريكية وإلا لكانت شوارع لندن مزدحمة بالمتظاهرين المطالبين بوقف القصف”.
ويضيف فريدلاند، أنه للأسف فإن القنابل التي تستهدف حلب وترهب وترعب المدنيين تأتي من الجانب الآخر من جانب بشار الأسد وفلاديمير بوتين وبالتالي فإن ذلك لا يؤهل حلب للحصول على تعاطف جماعات السلام ومناهضة الحرب في الغرب.
ويخلص فريدلاند إلى أن المطلوب هو مزيد من الضغط على روسيا لوقف ممارساتها في سوريا موضحا أن المطلوب ليس بالطبع مواجهة حربية لكن كل الأنواع الأخرى من الضغط سواء على المستوى السياسي او الاجتماعي او الاقتصاد.
المركز الصحفي السوري _ صحف