سيطرت الدولة الإسلامية مؤخرا على مدينة تدمر في سوريا, مما عرض آثارها الثمنية إلى الخطر وأثار سؤالين: لماذا لم تقاتل الحكومة وجيشها بصورة أقوى للحفاظ على السيطرة على المدينة وحقولها النفطية؟ وهل سيدخل الإسلاميون في نوبة تدمير ثقافية, كما فعلوا من قبل العراق؟
سوف تمر فترة من الزمن, قبل أن نعرف الظروف الدقيقة التي تمت فيها السيطرة على تدمر. ولكن كان هناك صاحب مقهى يصرخ قائلا :” خيانة, إنها خيانة” فيما كان الجنود والشرطة يهربون في ظروف مشبوهة. العلاقات العامة جزء من الحرب, وخسارة تدمر ربما تكون لصالح الرئيس بشار الأسد.
أمر مماثل حصل حول دوبروفنك, جوهرة الأدرياتيكي في كرواتيا, عام 1991 خلال حرب يوغسلافيا. الحرب من أجل دوبروفنك كانت نقطة تحول في الصراع, ليس بسبب كلفة المصادر التي صبت في المدينة للدفاع عنها, ولكن لأنهم – سواء بالخيار أو بسبب نقص المصادر- لم يجلبوا لها المصادر قبل ذلك. قائد المدينة الكرواتي, الجنرال نوجكو مارينوفتش ( الذي كان يظهر وجها شجاعا في البيان الصحفي اليومي أمام الصحفيين أمثالي) قال بعد ذلك أنه سرعان ما أدرك بأن “المدينة كانت دون دفاع“.
الرديف الصربي للجيش اليوغسلافي الذي توجه إلى دوبروفنك, كان بطيئا بسبب التعقيدات اللوجستية وعمليات النهب, والحصار. لقد طمسوا معالم المدينة الحديثة خارج أسوار المدينة القديمة, وكانوا أغبياء بما يكفي لإسقاط عدد كبير من القنابل على المدينة القديمة التي لا تقدر بثمن (مع أنهم قالوا إنهم لن يفعلوا ذلك). تصلب الرأي العام الدولي وشعر بأن الصرب كانوا همجيين في الحرب, التي حتى ذلك الوقت, كان كثير من الناس يشعرون مثل وزير الخارجية جيمس بيكر بأنه ليس لهم فيها ناقة أو بعير.
العالم لم يقف إلى جانب نظام الأسد حتى الآن. منذ بداية الصراع السوري قبل أربعة أعوام, كان هدف الأسد هو إقناع العالم بأنه الطرف الأقل شرا, وأنه ضروري لعدم ظهور المتطرفين الإسلاميين. وهذا هو السبب الذي جعله يمكن ظهور الدولة الإسلامية, وتصويب قوته النارية تجاه قوات المتمردين المعتدلة. ولهذا ولأن تدمر شكلت نجاحا مهما للدولة الإسلامية, فإن تراث المدينة بالنسبة للأسد – سواء بالصدفة أو أنه أمر مخطط له- سوف يوفر له ذلك النوع من دعاية النصر التي كانت عليها دوبروفنك بالنسبة للكروات.
السؤال الآن بالنسبة للدولة الإسلامية هو ما إذا كانت سوف تلبي التوقعات من خلال تدمير كنز بشري آخر لا يقدر بثمن للتاريخ الإنساني. انطلاقا من سجلهم في العراق, فإنهم سوف يقومون بذلك. ولكن نظرا لأن تدمر تقاطع الانقسامات في سوريا, وأثبتت الدولة الإسلامية في عدة مناسبات أنها لا زالت موجودة وهناك حاجة لأن تثبت أنها أكثر سورية من كونها أجنبية, من أجل الحصول على الدعم. فإن ذلك هو الأمل الوحيد الموجود.
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي