لندن – “القدس العربي”: يتوقع أصدقاء أمريكا سلوكا متقلبا من الرئيس دونالد ترامب خلال الأشهر الأربعة المقبلة قبل الانتخابات الرئاسية.
قادة الدول الحليفة لأمريكا توصلوا لنتيجة أنه يجب عليهم الرد على تحركات ترامب نظرا لعدم قدرتهم على التكهن بما يريد عمله.
توصل قادة الدول الحليفة لأمريكا لنتيجة أنه يجب عليهم الرد على تحركاته نظرا لعدم قدرتهم على التكهن بما يريد عمله. ومن هنا يمكن أن يتوقع تصعيدا جديدا مع الصين أو محاولة للهجوم على حلف الناتو.
وفي تقرير أعده إيان ويشارت وكيتي بولونغارو وأرني ديفلس قالوا فيه إن أصدقاء أمريكا القدامى اعتقدوا بعد انتخاب ترامب أنهم يستطيعون التكهن بخطوته المقبلة، فطريقة عمل الملياردير لم تكن تقليدية ومع ذلك كان هناك منطق للأشياء. واكتشف الكثيرون الآن أن تفكيرهم لم يكن خطأ لكن بدون قوة للتأثير عليه. وهناك شعور بالخوف من قيام الرئيس المحاصر باتخاذ أي قرار لتأمين إعادة انتخابه في ظل تراجعه في استطلاعات الرأي خلف المرشح الديمقراطي المنافس جوزيف بايدن.
ومن هنا فتداعيات أي قرار مفاجئ قد تتردد أبعد من مرحلة ما بعد الانتخابات والفائز بها. وبحسب التقرير فقد اعترف المسؤولون من برلين إلى طوكيو بعدد من الحقائق، منها أن حلفاء أمريكا عند تعاملهم مع ترامب الذي يحب الصدمة ،أن تكون له اليد العليا، ويفاجؤون بقراراته. أما الحقيقة الثانية فهي محاولة الابتعاد لن يكون حاجزا لهم من الاستهداف.
وفي الوقت الذي ينفع التملق مع الرئيس لكن هناك حدود لهذا. والحقيقة الكبرى هي أن التعددية الدولية التي ظهرت فيما بعد الحرب العالمية الثانية كما عبر عنها الناتو والأمم المتحدة لم تعد ناجعة. وبحسب مسؤول مقرب من مجموعة الـ7 الكبار، فقد توصل قادة الدول إلى أن تعاملهم مع ترامب يظل قائما على ردود الفعل. ولذلك فمن الصعب التخطيط للأمام مع رئيس متقلب. ويحضر قادة الدول العشرين أنفسهم لتصرفات لا يمكن التكهن بها. فقد وصف ترامب رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو بالمنافق أو “ذو الوجهين” وتهجم على المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ووصفها بـ “بالحمقاء”.
وفي الوقت الذي منح فيروس كورونا عددا منهم المبرر للابتعاد عن ترامب إلا أن الأشهر القليلة المتبقية للإنتخابات واستعداد ترامب تحميل بقية العالم مصاعب أمريكا الإقتصادية قد تجعلهم هدفا له في حمى الحملة الإنتخابية. ففي الشهر الماضي أعلن ترامب عن نيته الخروج من منظمة الصحة العالمية وسحب عدد كبير من القوات الأمريكية من ألمانيا منهيا ترتيبا تم الاتفاق عليه منذ الحرب العالمية الثانية. وهو في حالة حرب مع الصين والاتحاد الأوروبي كجزء من هوسه بالعجز التجاري الأمريكي. وربما كان للصين صاحبة الاقتصاد الضخم استراتيجية لمواجهة ترامب أما الإتحاد الأوروبي فهو عالق في الوسط. ويقول بيير فيمون، السفير الفرنسي في الفترة ما بين 2007 – 2010 “يريدون تجنب أي تحرش من ترامب خلال الحملة الانتخابية” و “حتى لو ظلوا صامتين فمن الصعب التصديق أنه لن يتحدث عن التجارة غير المتوازنة مع أوروبا لأن كلاما كهذا يثير قاعدته الانتخابية”. وتعلم الساسة كيفية التعامل والتكيف مع ترامب.
وتعرف المستشارة الألمانية هذا أكثر من غيرها، فقد ظلت هدفا لترامب. وفي مؤتمر عبر الفيديو لقادة الاتحاد الأوروبي للبحث عن أفكار حول الأشهر المقبلة للاتحاد، حذرت من الانتخابات الأمريكية كواحدة من المخاطر. ووجدت نفسها مجبرة للانخراط في قراره لعملية إعادة ترتيب مجموعة الدول السبع رغم انتشار كوفيد-19 في أمريكا.
ولم تكن ميركل الوحيدة التي أصيبت بالدهشة عندما قرأت تغريدته في 20 أيار/مايو إعادة جدولة الاجتماع. وكانت مترددة لأنها لم تكن ترغب بمساعدة حملته الانتخابية. ولكنها عادت وعبرت عن استعداد للمشاركة بعد تأجيلها لما بعد الصيف بروحية “التعددية”.
وربما كانت ميركل في الخط الأول للمعركة إلا أن الشعور معها يتردد حول العالم، فلو عقدت القمة كما يريدها ترامب فسيكون القادة مشاركون في قمة تعقد قبل أسابيع من موعد الانتخابات الرئاسية. وقال مسؤول مقرب من الرئيس إيمانويل ماكرون، إنه من أجل عدم تحويل القمة إلى نقطة تعبئة لصالح ترامب تريد فرنسا وضع أجندة مقدما. ويعتبر هذا التفكير غرورا إن أخذنا بعين الاعتبار الطريقة التي يتصرف فيها ترامب بالمؤتمرات التي يحضرها فكيف بقمة يستضيفها. ففي المؤتمرات الدولية التي حضرها جعل ترامب الدبلوماسيين يشعرون بالغضب. ففي قمة الناتو ببروكسل عام 2017 تردد بالمصادقة على بند مقدس في حلف الناتو والذي ينص على أن هجوما على حليف يعتبر هجوما على الجميع.
لدى الاتحاد الأوروبي نفس النهج، أي الحفاظ على القنوات مفتوحة وعدم تقديم أية إشارة عن تفضيل لجوزيف بايدن في البيت الأبيض.
وفي قمة الدول السبع بكندا عام 2018 وافق على بيان ختامي ليتراجع عنه ويشجب ترودو في تغريدتين بعد مغادرته القمة إلى قمة حول كوريا الشمالية. ولأن التجارب السابقة تلسع فإن ترودو يحاول الابتعاد عن أي شيء قد يضر بالعلاقات مع البيت الأبيض. وفي الوقت الذي سافر فيه الرئيس المكسيكي أندرياس مانويل لوبيز أوبرادور إلى واشنطن للقاء ترامب اعتذر ترودو بطريقة مؤدبة. ولدى الاتحاد الأوروبي نفس النهج، أي الحفاظ على القنوات مفتوحة وعدم تقديم أية إشارة عن تفضيل لجوزيف بايدن في البيت الأبيض. ويعرف المراقبون كم يكون الجو مشحونا، ففي ظل فشل الولايات المتحدة باحتواء الفيروس والزخم الذي باتت تحققه حركة حياة السود مهمة، حاول ترامب إعادة تفعيل حملته المتراجعة. ففي الرابع من تموز/يوليو احتفل ترامب بعيد الاستقلال عن بريطانيا واتهم من قال إنه “اليسار الراديكالي” الذي يهدد حياة الأمريكيين، وأضاف آخرين مثل الصين التي هاجمها في نفس الخطاب واتهمها بالسرية والخداع والتستر على فيروس كورونا.
وفي الوقت الذي تقوم به الحكومات بتصميم السياسات من قبل وبعد الانتخابات فإن عليها أن تعمل هذا بالترادف مع تشكيل سياسة تتوافق مع الصين الحازمة التي فرضت سيطرتها على هونغ كونغ. وهو ما وضع بريطانيا التي سيطرت هونغ كونغ حتى عام 1997 أمام تحد. وهي تريد من ترامب أن يفي بوعده في معاهدة تجارية تنعش اقتصادها في مرحلة ما بعد البريكسيت ومستعدة للتوقف عن التعاون مع شركة هواوي في شبكة فايف جي. ويحاول الإتحاد الأوروبي ألا يقف مع جانب، ولا يساعد المجموعة أنها منقسمة بين فرنسا وألمانيا التي يشعر قادتها بالشك من الصين مثل شكها بترامب. وتعبر إيطاليا عن هذا التوتر، فهي قريبة من ترامب ولكنها مستعدة لتعميق العلاقة مع مشروع شي جينبنغ “الحزام والطريق”. ويقول ديفيد مالروني، السفير الكندي السابق للصين “لم تكن رئاسة جيدة للتحالف الذي بنته الصين في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية” و “استغلت الصين هذا وبدأت بالضغط على القوى في الوسط مثل كندا وأستراليا”. إلا أن فترة ترامب في منصبه كانت جيدة للأنظمة الشعبوية في هنغاريا وبولندا التي شعرت بقرابة منه وشعاره “أمريكا أولا”. ووجدت في الاتحاد الأوروبي عدوا مشترك. فالكتلة الشرقية تحصل على أكبر قدر من دعمه ولكنها تتحدى قواعده.
وتشعر السعودية بالامتنان من دعم ترامب لها بعد اتهام ولي العهد بقتل الصحافي جمال خاشقجي. قال مسؤول سعودي إنه من الواجب تحسين علاقات قوية مع أي رئيس أيا كان. وفي كوريا الجنوبية كان ترامب جزءا مهما من استراتيجية الحوار مع كوريا الشمالية ورئيسها كيم جونغ أون. فترامب ومون جائي إن “لديهم كيمياء”، كما يقول بو سوينغ- تشان، المستشار السابق لوزير الدفاع الكوري. وهي نقطة ناقضها جون بولتون، مستشار الأمن القومي في كتابه الجديد. وبالنسبة للذين يأملون بتغيير جوزيف بايدن السياسة الأمريكية حالة فوزه وإعادة دورها كشرطي للعالم فإن المسؤولين يحذرون أن السياسة الأمريكية قد تغيرت وللأبد. ويتساءل الدبلوماسي الياباني السابق كوني مياكي “من هو أفضل لليابان، بايدن ام ترامب؟ إجابتي لا أحد منهما، فقد كان التعامل مع الإدارة الأمريكية صعبا خاصة مع الإدارة الجديدة”.
نقلا عن القدس العربي