عندما لايكون لنا وطن سوى وطننا.. والدخول إليها شبه مستحيل، فالأوطان بالنسبة لأهلها هي الدواء لكل الأسقام والأحزان، ولكن هل المقيمون فيها بظروف الحرب والتهجير أكثر حزنا أم الغربة هي الحزن والألم الأكبر؟؟
الغربة في الغربة شيء طبيعي لمغتربيها، أما شعور الغربة في الوطن فقاتل.
في حديثه عن مناطق وادي بردى حيث تربى، يقول رئيس المجلس المحلي في وادي بردى سابقا، والموظف في جامعة مارع حاليا، قبل دخول النظام إلى منطقة وادي بردى كان الناس يعيشون حياة مستقرة، ولكن بعد دخوله إليها في عام 2017 تضررت عين الفيجة كثيرا، ولم يبقَ منها أي اثر لأي بناء، بعد أن دمرها بواسطة الجرافات.
ويتابع حديثه فيقول بأن بسيمة وعين الخضرة وعين الفيجة غنائم حرب سيطر عليها النظام واستملكها، وأن العقارات التي تركها الأهالي في هذه المناطق لها أوراق ثبوتية تخصهم، ولكن لم يستطيعوا جلبها إلا من خرج قبل القصف، فقد استطاع إخراج الوثائق التي تثبت ملكيته لعقاراته، أما من بقي فلم يستطع جلب الوثائق التي تثبت ملكيته للعقار أو تثبت بأنه سوري أحيانا.
دمر النظام بجرافاته مابقي سالما من عقارات أهالي وادي بردى، بعد قصفهم وتهجيرهم نهاية عام 2016 وأصدر المرسوم رقم واحد لعام 2018 لإنشاء حرم للنهر، والذي بموجبه تم سلب ملكيات الأهالي للعقارات والأراضي في منطقة وادي بردى .
وفي نصيحة وجهها المهجرسالم لأهالي وادي بردى الموجودين في الشمال السوري، والذين آثروا الخروج من منطقتهم على التصالح مع النظام، بأن باستطاعتهم اللجوء إلى محاكم الأمم المتحدة أو إلى الإعلام، لثبيت حقوق الملكية لعقاراتهم التي سيطر عليها النظام .
كما يروي محمد هاجر العمر من سكان وادي بردى، قصة تهجيره وفقده لممتلكاته فيقول “هجرنا قسريا بفعل آلة النار التي استعملها النظام وحلفائه ضدنا في منطقة وادي بردى”
كان المهجر محمد يمتلك مطعما ومنتزها في عين الفيجة، وكان لديه منزل بمساحة 400 متر إضافة إلى المحل، ولديه أرض زراعية في وسط البلدة، وكلها مثبتة في السجل العقاري ولديه الأوراق الثبوتية التي تؤكد ملكيته لها ،في حين تم أخذ صور جوية للبلدة، قبل خروجه مع باقي السكان منها، والتي تبين وتثبت ملكية الأهالي للعقارات فيها .
بعد خروج الأهالي من عين الفيجة لم يسمح لأحد من أهالي البلدات بسيمة ونبع الفيجة الدخول إليها، لاخراج الوثائق والأوراق الثبوتية خاصتهم، ولم يستطع أحد معرفة ماحصل لعقاراته إلا من مدة حوالي ثلاثة أشهر، فقد تم السماح لبعض الأهالي التجول في شوارع البلدة فقط، وبموافقة أمنية دون الدخول إلى منازلهم، إذ لم يكن هناك أي أثر لأي ملكية قائمة بعد تدمير المنطقة وعدم إمكانية المطالبة بأي شيء من النظام وإلا فهو ضمن الخطر .
وفي نصيحة من قبل محمد هاجر العمر وجهها إلى الأهالي داخل مناطق النظام، بمحاولة الحصول على الوثائق التي تثبت ملكيته لعقاراته، أما من هاجر إلى الشمال أو دول أوربا فعليه المحاولة بقدر الإمكان في حال وجود صور أو أوراق ثبوتية، بأن يحتفظ بها لربما في المستقبل تعود الحقوق لأصحابها وتفيده بإثبات حقه وملكيته لما يملك من أراضٍ وعقارات .
ويبقى الحنين لمن ترك وطنه وأهله هو الشعور السامي الذي لا يقابله ولايساويه أي شعور، فالوطن كالأم مقدس ،حيث الشعور بالدفء والأمان والإحساس بالكرامة، فكل ألم شخصي سيزول عندما تنزل بالوطن نازلة ولا يهم الموت أو الحياة بقدر أهمية الوطن. فالحياة حيث حرية الأوطان والعودة إليها والعيش بها بكرامة .
المركز الصحفي السوري