تخيلوا ما سيحدث إذا انقلبت إحدى مؤسساتكم الرسمية الأكثر ثقة،التي تعتمدون عليها في حمايتكم وسلامتكم. قبل عام واحد، شهد المواطنون الأتراك هذه الخيانة التامة، عندما حاول أفراد أقسموا يمين الدفاع عن البلاد ضد التهديدات الخارجية لديمقراطيتها الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا.
كان هذا أسوأ عمل إرهابي شهدته الجمهورية التركية في تاريخها،إذ شن أتباع فتح الله غولن المسلحون، وهو رجل يطلق على نفسه اسم “إمام الكون”، حملة إرهاب ليلة 15 يوليو/ تموز. قصف الجناة البرلمان التركي والمجمع الرئاسي ومقر الشرطة وغيرها. واستخدموا أسلحة الجيش ضد المدنيين الذين نزلوا إلى الشوارع للدفاع عن الديمقراطية.
لقد دافع الشعب التركي عن الديمقراطية، واعتلوا أسطح الدبابات، وأغلقوا الطرق والجسور. وقد لقي مائتان وخمسون شخصا مصرعهم وأصيب الآلاف بعد أن نجحوا فى صد الجنود المؤامرين.
كانت تلك الليلة اختبارا للديمقراطية التركية. ما نزال نشعر بالفخر بأبناء الشعب التركي من جميع الخلفيات والآراء السياسية الذين توحدوا في مواجهة الانقلابيين. والآن اتحد الشعب التركي مرة أخرى في دعم التحقيقات للكشف عن شبكة غولن التي تغلغلت في الجيش والقضاء، وغيرهما من المؤسسات، وتوسعت بعنف على حساب سيادة القانون والمصلحة العامة.
منظمة فتح الله غولن الإرهابية ” فيتو” هي جماعة إجرامية جديدة تسعى إلى السيطرة على تركيا وتأسيس نظام ديني. يغالي أتباع المنظمة في غولن، ويعتقدون أنه المهدي، وهم على استعداد لانتهاك أي قوانين أو دينية أو أخلاقية لتعزيز مصالحه.ليست منظمة فيتو حركة تربية مدنية معتدلة، مثلما يحاول البعض تصويرها، فهي مؤسسة عالمية لها تطلعات إلى السلطة والهيمنة. ولهذه الشبكة وجود في أكثر من 150 بلدا، من خلال المدارس والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والشركات، بما في ذلك في الولايات المتحدة.
وقد اتخذت تركيا بالفعل إجراءات ضد هذه المنظمة ومواردها المالية قبل محاولة الانقلاب التي وقعت في العام الماضي. ومع ذلك، فإن مواجهة هذا الهيكل السري ليس سهلا. وبعد عام من محاولة الانقلاب ما تزال تركيا تكافح من أجل التغلب على الصدمة. لقد كان من الصعب علينا أن نعرف عمق هذا التهديد الوجودي لبلدنا. وتعمل الحكومة بجد لتحديد هوية الجناة واتخاذ التدابير اللازمة والمناسبة للتغلب على هذا التهديد الوشيك.
نعمل اليوم جاهدين، مثلما تفعل كثير من الحكومات اليوم، على ضمان أمن البلد مع الحفاظ على حريات شعبنا. وكانت حالة الطوارئ ضرورية لضمان اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة التهديدات الموجهة ضد الدولة. وليس المقصود منها التدخل في الحياة اليومية لمواطنينا.
ونحن نعمل عن كثب مع مجلس أوروبا والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وما زلنا ملتزمين بتعزيز مصداقيتنا الديمقراطية، ونعلم أن هذه هي الطريقة الوحيدة لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله.
إن قضايانا الداخلية لم تضعف التزامنا تجاه العالم الأوسع. ونواصل العمل الجاد من أجل التوصل إلى حل للصراع في سوريا. والأهم من ذلك أننا نواصل توفير المسكن والتغذية والرعاية لأكثر من ثلاثة ملايين لاجئ، معظمهم من السوريين الذين فروا من الصراع ومن الفظائع التي ارتكبتها داعش. ما تزال تركيا ب البلد الأكثر سخاء في مجال المساعدة الإنسانية، وهي محور الاستقرار الإقليمي.
في يوم السبت سيجتمع أبناء الجالية الأمريكية التركية في بوسطن لإحياء ذكرى شهداء الخامس عشر من يوليو 2016.وفي هذه الأوقات الحرجة، ما نزال بحاجة إلى الدعم والتشجيع من أصدقائنا، ولاسيما من سكان بوسطن.
ترك برس