تزداد شهية النظام من جديد مع فتح باب الاتفاقات بينه وبين المعارضة على مصراعيه في مناطق شرقي دمشق وأحياء شرقي دمشق وأرياف الغوطة، استكمالاً لما سبق من عمليات التهجير القسرية وسياسة التغيير الديمغرافي بدءاً من داريا ومن ثم مضايا ووادي بردى، في محاولة من النظام لتحقيق نجاح تلوّ الآخر في هذا السياق.
استكمالا سياسة الحصار والتجويع لإفراغ بؤر الثورة السورية من سكانها ومن الفصائل الثورية، ما هي إلا وصفة روسية بامتياز بعد أن بارك العمل فيها وحثّ على استمرارها وزير خارجيتها لتصبح العاصمة ومحيطها تحت سيطرة النظام مثبتةً أن خطة الحصار والتجويع لسنين طوال لم تعد محتملة ويترتب على من وقع داخل دائرتها الخضوع لخلفيات سياسية.
ليظهر السؤال المطروح بحد ذاته على الأرض السورية، هل كل ما حصل حتى الآن من سياسات سابقة في محيط العاصمة السورية وما حصل من تهجير لشرقي حلب وما حصل في أستانه عن إعلان المناطق (خيفة التصعيد) مرتبط بمشروع سياسي حضر له من قبل موسكو وواشنطن؟.
ربما أول ما يؤكد السؤال هو الصمت المطبق لما يتبع من سياسات وحلول غير متوقعة والدعم الروسي والإيراني المطلق لقوات النظام التي لا تصب في مصلحة الثورة السورية والتي تشكل بحق الشعب السوري عملياً جرائم حرب ضده.
حيث بات واضحاً أن العاصمة وريف العاصمة دمشق ذاهبة بشكل عملي نحو ما يسميه النظام بعمليات التطهير من كل الفصائل الثورية.
ليكشف الستار عن دور الفصائل الإيرانية وفصائل حزب الله على التشجيع في شراء عقارات في أحياء دمشق القريبة من الجامع الأموي والسيدة “زينب” لما لهذه المناطق من أهمية، وبذاك وضوح تام لعمليات التهجير الديمغرافية التي ستغير من شكل ومضمون العاصمة ومحيطها.
يطوي حيّ برزة صفحته من تاريخ الثورة مع خروج الدفعة الثانية من الأهالي والمقاتلين، بعد أن نص الاتفاق بين المعارضة والنظام على الخروج بدفعات ثمانية إلى الشمال السوري، وبذلك يتم وضع حدٍّ لمعاناة تمثلت في حصار وقصف على مدار أربع سنوات، أحياء ثلاثة (برزة والقابون وتشرين) التي لا يمكن فصل مصيرها عن بعض فهي تمثل بوابة دمشق ويشكل اتصالها الخط الدفاعي الأول عن أبرز معاقل المعارضة المسلحة في محيط العاصمة (الغوطة الشرقية).
وفي عملية الاستعجال في التهجير لم يكن مفاجئاً الإعلان عن الاتفاقات المماثلة في حيّ تشرين والسماح لمن يرغب من سكان الحيّ بالخروج، دون قوائم ودون شروط ليخرج من ذلك الحيّ أكثر من 400 شخصا، سلسلة من الاتفاقات أنهت الوجود المسلح للمعارضة في دمشق ومحيطها، كما أنهت من قبل وجود المسلحين في مدينة حلب وبنفس الاستراتيجيات المتبعة
ويبقى السؤال المتناول على ألسنة السوريين، ما هو الشكل الديمغرافي الذي ستكون عليه العاصمة وأريافها على الصعيد الميداني بعد تنفيذ الاتفاقات بالكامل؟.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد