الارتباك والتشتت، الخوف ثم الفرار السمات الأبرز التي اتسمت بها قوات الأسد وميليشياته خلال المعارك التي تتصدر الساحة العسكرية مع الثوار هذه الأيام، حيث توالت هزائم النظام أمام إصرار الثوار بالتقدم في المعارك الدائرة في ريف حماة الشمالي وفي حلب.
فمن الملاحظ للعيان بشكل جلي أن قوات المعارضة المسلحة تتزايد عزيمتها للمضي قدما وإحراز مكاسب حقيقية في المعركة ضد النظام وقواته، وتكبده المزيد من الخسائر في العتاد والقوات (قتل عددا من قوات النظام وجرح العشرات بالإضافة لأسر سبعة عناصر من القوات الخاصة بعد اشتباكات عنيفة مع الثوار…….كما تمكن الثوار من تدمير دبآبة “72ت” ورشاش 14.5 أخبار كثيرا ما نسمعها في الآونة الأخيرة) هذا بعضا من أخبار المعارك بحسب إحدى الوكالات الإعلامية.
تلك الانتصارات المتلاحقة للثوار تدل على اليقين الراسخ داخل مقاتلي الثورة بصدق عقيدتهم وإيمانهم القوي بقضية الشعب السوري وحقهم بالخلاص من استعباد النظام.
حالات الهرب اليومية لجماعات الأسد وقواته من ساحة المواجهة بات مسلسلا يوميا أبطاله عناصر من قوات النظام، فما أن يشعر جنود النظام باقتراب الثوار من مناطق سيطرة النظام وأن النصر حليفهم حتى يسارعوا للهرب، ويتركوا النقاط والمتاريس ويهربون.
يُطلعنا “همام” جندي من قوات النظام أسير لدى الثوار خلال المعارك في ريف حماة – على بعض من مجريات الأحداث عند قادة النظام ( نحن ما منسوى شي، نحن دائما لازم نكون بالصفوف الأولى قدام الميليشيات الطائفية السورية والأجنبية، يا رجل بتقول كأن ببدلوا بواطن العسكرية ببواط رياضة، ما في أسرع منهم بالهرب).
هذا الهرب الذي يتبعه الجنود وسيلة للخلاص إنما مرده حالة الإحباط واليأس اللذين يشيعان بصفوف الجنود نتيجة الخسائر المتكررة التي يعاني منها النظام رغم كل الدعم الروسي والإيراني له.
دعنا نضع النقاط على الحروف بخصوص الأسباب التي تدفع جنود النظام وميليشياته للفرار؛ فهي إما بسبب الضغوطات النفسية التي يتعرض لها جنود النظام، فحالة التشتت والضياع. وكثير من حالات الهذيان الذي يعيشها الجنود سببها على الغالب ضعف الإيمان بقضية الأسد وإيمانهم الراسخ أنهم الخاسرون في هذه القضية.
يخبرنا همام عن مكالمة هاتفية سمعها بين ملازم من قوات الأسد وضابط أعلى رتبة منه يقول: (ياسيدي أنت مانك عرفان الحواجز اللي أخدوها شو بالنسبة لحماة، خط أول حماة بنص ساعة بتخلص بعد الجبل.. يسكت قليلا وبيرجع بقول: شوعم تقول يا سيدي بيكرشوهون من هدول اللي بيكرشوهن مابقي حدا، أنا راجع للقرداحة ماني مضطر دافع عن ابن حماة، كمان بيسكت شوي وبتابع بعدها… أي وطن هدا… مرحبا وطن.. بس ليدخلوا حماة فينك تقلي كيف بدي أطلع؟ ليك الشهداء متجي بالجملة على حماة والجرحى اكتر منن).
ويتابع همام: (ما استنا حتى لتغيب الشمس وخلال ساعات ضب اغراضه وهرب لبلده) ذلك يعني ان الطائفة العلوية غير مقتنعة بما يدافع عنه الأسد وهم على يقين أن الأسد يدافع عن ممتلكات خاصة بزعم الأسد وهم إنما ينافقون على أنفسهم في الحقيقة، لذلك من السهل عليهم التخلي عن دفاع عن قضية خاسرة، أما بالنسبة للأبناء السنة فهم إما محاصرون بشكل يمنعهم من اتخاذ الانشقاق وسيلة للخلاص من أن يكونوا رقما آخر بحصيلة القتلى في المعارك وما أن تتوفر لهم الفرصة حتى يغتنموها ويلوذون بالفرار، أو إنهم مضللون لدرجة يعجزون فيها من قراءة الوقائع الحتمية التي تدل على استراتيجية الأسد المتبعة والتي مفادها (أبناء السنة خط أول في الدفاع لصد هجمات الثوار) كما ذكر همام في مجرى حديثه.
وبالتعمق أكثر بالأسباب نجد أن المطامع المادية والتي تدفع الكثير من المرتزقة للدخول في صفوف النظام تتوقف عند حدود التهديد بالموت ضمن المواجهات مع الثوار، بالتالي يسارعون للتخلي عن الأسد في أول مواجهة تهدد حياتهم ويلوذون بالفرار، همام الذي سمع الكثير من قصص المرتزقة يطلعنا على إحداها (واحد من المرتزقة عبى جيبه مصاري من النظام ووقت إعلان الثوار وصولن طيبة الإمام قرر الهرب وعلى قوله “يا روح ما بعدك روح” بس الحظ ما حالفه وكان الموت أسرع منه؛ لأن ضباط النظام خلصوا عليه، ههه النظام ما بسامح بخيانته وكمان ما بيسمح بالسرقة السرقة خط أحمر عنده … يبتسم همام في سخرية).
ربما هناك أكثر من سبب لكن أبرزها كان ما تم ذكره.. ولكن يبقى السؤال مطروحا: متى ستحين ساعة تخلي القوات الداعمة للأسد عنه؟ وأي دافع يمكن أن يحقق هذا الأمل علّهم يكتفون من دماء السوريين.
هدى محمد _ المركز الصحفي السوري