اعلنت الهجمات المتجددة التي تشنها المدفعية السوريا تساندها قوات خاصة من الجيش والحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني عمليا، نهاية هدنة وقف النار في سوريا ووقف الأعمال العدائية بين الفرقاء، وذلك بعدما قامت المجموعات المسلحة بخرق اتفاق وقف النار الاسبوع الماضي وأعادت سيطرتها على مواقع عدة حول حلب، مثلما تبرر دمشق وحلفاؤها سبب عودتهم للقتال على نطاق واسع في الأيام الأخيرة.
وقالت مصادر في غرفة العمليات المشتركة لقوات الأسد وحلفائه في حلب انها “ستبدأ الأعمال القتالية فورا باعتبار أن وقف اطلاق النار لم يعد قائما، وأن الجبهات كلها التي اشتعلت الاسبوع الماضي ستشهد اعمالا حربية لإعادة السيطرة عليها، وأن جميع مواقع المسلحين ستُقصف بعدما نقضوا الهدنة”.
وتشير المصادر إلى جبهات تلّ العيس وبلدة العيس والزربة وصوامع خان طومان في ريف حلب الشرقي والجنوبي، وعلى جبهة قطاع المرح غرب دمشق.
ويتركز القصف على مواقع جبهة النصرة والفرقة الـ13 واحرار الشام وجيش الاسلام وفيلق الشام والجبهة الشامية وأجناد الشام ولواء الحق ونور الدين زنكي، وهي المجموعات التي شاركت في معركة الاسبوع الماضي، التي أوقعت 40 قتيلا و60 جريحا في صفوف الجيش السوري والحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني.
وتميّز القصف المدفعي بوتيرته المرتفعة اذ سجل اطلاق الآلاف من القذائف وسط إسناد جوي بأكثر من 265 ضربة جوية، خصوصا على تلة العيس التي استطاع المسلحون عبرها اسقاط طائرة “ميغ 22” كان يقودها العميد خالد السعيد الذي ألقت جبهة النصرة القبض عليه بعد مقتل مساعده العقيد مسعد زيد هيدان.
وكانت النصرة بثت فيديو يظهر فيه العميد الطيار السعيد، قائد السرب 677 من اللواء 50 في مطار الشعيرات في حمص، وهو يصرّح انه قصف تلة العيس وبلدتها مرتين قبل ان يصاب اثناء قيامه بالغارة الثالثة ويُقتل فيها مساعده ويهبط بمظلته في معرة النعمان ويلقى القبض عليه.
وعاد الطيران الحربي الروسي للمرة الأولى الى اجواء المعركة فشارك في قصف جنوب حلب وغربها بعدما كانت المشاركة الروسية اقتصرت في الاسابيع الماضية على المروحيات المتقدمة من نوع ‘كي إيه 52″ المعروفة بالتمساح، والتي شاركت في تحرير القريتين وتدمر من تنظيم الدولة الاسلامية.
وتدلّ هذه التطورات على أن خرق الهدنة اتخذ طابعا اوسع من الردّ على المسلحين بهدف استعادة ما خسرته دمشق وحلفاؤها الاسبوع الماضي اثناء الهجوم المباغت على مناطق انتشارهم، بل ان الرد الواسع يستند الى التحضير العسكري الكبير المعلن والذي أيقظ سكان حلب ليلا على اصوات القصف، ما يؤشر الى ان المهاجمين الجدد ينوون الذهاب الى ابعد من تلة العيس وجنوب حلب، بل ايضا الى شمال حلب ليلامسوا الحدود التركية والى شمال شرق ادلب، لفكّ الحصار عن الفوعة وكفريا المحاصرَتيْن منذ الأيام الاولى للحرب.
وهذه التطورات الميدانية التي يدفع نحوها النظام السوري وحلفاؤه، تأتي ضد رغبة حليف قوي آخر هو روسيا.
وكانت روسيا قد رفضت طلب ايران ودمشق بالتوسع في الهجوم واستعادة حلب والحدود مع تركيا قبل وقف اطلاق النار، وذلك بسبب اتفاقها مع الولايات المتحدة على إعطاء فرصة للحل في سوريا.
واعتبرت موسكو ان خرق الهدنة من المعارضة السورية المدعومة من دول المنطقة ما هو الا نسف للاتفاق الاميركي – الروسي ترجمة لنيات دول المنطقة بإكمال الحرب، في انتظار انتخاب رئيس اميركي جديد، في إطار الرهان على امكان قلبه الطاولة ودفع الولايات المتحدة للانخراط في الحرب السورية أكثر مما هو عليه الحال اليوم، ما يدل على ان الضمانة الأميركية بمعزل عن الضمانة الإقليمية لن تؤدي الى صمود الهدنة طويلا، ما دامت دول في المنطقة تُخضِعها لأجنداتها، كما يقول محللون.
ومن الطبيعي أن لا تلتزم جبهة النصرة بأي اتفاق لوقف اطلاق النار لأنها لم تكن مشمولة به أصلا، وكذلك الحال بالنسبة الى تنظيم الدولة الإسلامية، لكن الأمر بالنسبة لفصائل المعارضة السورية هو على خلاف ذلك.
مشاركة عدد كبير من هذه الفصائل – ذات الولاء الاقليمي – في معركة الاسبوع الماضي التي خرقت الهدنة على نطاق واسع، أوحى للطرفين الاميركي والروسي بأن دول المنطقة لا تريد وقف الأعمال العدائية وتفضل الانتظار، الى حين وصول رئيس أميركي جديد اعتقادا منها بإمكان اتخاذه منهجا اكثر حدة في التعامل مع دمشق، مما سيطيل امد الحرب الى وقت اطول.
وفي خضم ذلك، تستمر الاغتيالات في صفوف جبهة النصرة وبالتحديد تلك التي تستهدف قيادتها.
فبعد اغتيال ابو خالد السوري، احد أهم الشخصيات التي واكبت اسامة بن لادن، قُتلت شخصيات كانت ايضا مع القاعدة ايام افغانستان مثل محسن الفضلي وابو يوسف التركي وسافي النصر وابو فراس السوري وآخرهم القائد العسكري العام لجبهة النصرة ابو همام السوري.
وقتل مقاتلون إسلاميون القيادي في جبهة النصرة خالد الحمد (أبو صقّار) والذي ظهر في مايو عام 2013 في تسجيل فيديو وهو يلتهم قلب جندي نظامي، وذلك اثر اطلاق النار عليه في محافظة ادلب.
ميدل ايست أونلاين