تشهد الأيام الأخيرة انتعاشة واضحة في التعاون بين نظامي قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي والرئيس السوري بشار الأسد، يضاف ذلك إلى الدعم السياسي والعسكري الذي تقدمه مصر إلى سوريا منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013.
واتخذ التقارب بين النظامين أشكالا متعددة، من بينها الدعم السياسي وزيارات الفنانين المصريين لدمشق، وفتح الباب أمام احتراف لاعبي كرة القدم السوريين في مصر.
دعم فني ورياضي
وفي هذا السياق، اتخذ اتحاد كرة القدم المصري قرارا بمعاملة اللاعبين السوريين المحترفين في البلاد كالمصريين، وعدم اعتبارهم لاعبين أجانب اعتبارا من الموسم المقبل.
وترتب على هذا القرار تعاقد نادي الزمالك مع لاعبين سوريين اثنين هما علاء الشبلي مدافع نادي النفط العراقي، ومؤيد العجان مهاجم نادي الوحدة السوري، لمدة موسمين، وتعاقد نادي سموحة مع لاعبين آخرين هما مؤيد خولي ونصوح النكدلي.
وتعددت الزيارات التي تقوم بها وفود فنية وثقافية مصرية أظهرت الدعم والتأييد لنظام بشار الأسد، وكان آخرها زيارة وفد من الفنانين المصريين يوم الأحد الماضي للمشاركة في معرض دمشق الدولي، من بينهم محمد صبحي وإلهام شاهين وندى بسيوني والمخرج عمر عبدالعزيز.
“من القاهرة هنا دمشق”
إلى ذلك، دشنت شخصيات عامة مصرية يوم السبت الماضي حملة لجمع التوقيعات للمطالبة بعودة العلاقات المصرية السورية بشكل كامل تحت شعار “من القاهرة هنا دمشق”.
وطالبت وثيقة الحملة بثلاثة مطالب، هي: عودة العلاقات الدبلوماسية كاملة، والتنسيق التام مع الدولة السورية لإعلان الحرب المشتركة ضد الإرهاب وتنظيماته، وتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين.
وكان أكثر من مائة شخصية عامة مصرية، من بينها رؤساء أحزاب ونواب برلمانيون وسياسيون وأكاديميون، قد طالبت النظام، قبل نحو أسبوعين، بإعادة التمثيل الدبلوماسي مع سوريا إلى ما كان عليه.
وأصدرت هذه الشخصيات بيانا، دعت فيه الدولة المصرية إلى ضرورة التنسيق التام مع النظام السوري في كافة المجالات، قائلة إنه من غير المعقول أو المقبول أن يستمر قرار قطع العلاقات الذي اتخذته جماعة الإخوان المسلمين حتى الآن.
وأكد البيان أنه في الوقت الذي يحقق فيه الجيش السوري انتصارات على الأرض في مواجهة المجموعات الإرهابية، يجب دعم الدولة السورية عبر إعادة السفير المصري إلى دمشق والسوري إلى القاهرة وتفعيل الدور المصري في ما يتعلق بالتوصل إلى حل للأزمة في سوريا وإعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية.
وكانت مصر قد قامت مؤخرا برعاية اتفاقين لوقف إطلاق النار شمال مدينة حمص وفي منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، توصلت لهما روسيا بعد مفاوضات بين النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة استضافتها القاهرة، الأمر الذي أظهر تصاعدا كبيرا للدور المصري في الأزمة السورية.
بقاء الأسد انتصار للسيسي
وتعليقا على هذا التقارب، قال الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع إن النظام يعتبر أن دعمه لنظيره السوري هو دعم لمصر من النواحي القومية والعسكرية، مشيرا إلى أن السيسي، ذا الخلفية العسكرية، يرى نفسه قريبا من فكر الأسد.
وأوضح ربيع، في تصريحات لـ “عربي21“، أن الإخوان في سوريا خاضوا حربا مسلحة ضد النظام، وتحالفوا مع جماعات يعتبرها السيسي والأسد جماعات إرهابية، لذلك فمن الطبيعي أن يرى السيسي في بقاء الأسد انتصارا شخصيا له، لأنه يعتقد أن الأسد إذا هُزم فمعنى ذلك أنه انهزام لفكرة الدولة العسكرية وفكرة الأمن القومي، وهذا بالطبع سينعكس على مستقبل السيسي ونظامه العسكري.
وأضاف أن السيسي يريد أيضا أن يكون طرفا هاما في التحالفات الجديدة بالمنطقة، لذلك فإنه يحاول أن يكسب ود روسيا من خلال دعمه للأسد الذي يعرف جيدا أنه الحليف الاستراتيجي لروسيا في المنطقة كلها.
تنسيق أمني وعسكري
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية إن هناك تنسيقا أمنيا وعسكريا كاملا بين أجهزة المخابرات المصرية والسورية بسبب وجود ارتباط وتعاون بين التنظيمات الإرهابية المسلحة في البلدين، لافتا إلى أن هذا التنسيق موجود بين النظامين منذ فترة طويلة قبل ثورة كانون الثاني/ يناير 2011.
وأضاف عطية، لـ”عربي21“، أن ما يحدث الآن من تقارب ليس جديدا، لكن السيسي يحاول أن يضفي صبغة شعبية وجماهيرية على تلك العلاقات.
وأكد أن السيسي يحاول أيضا ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول هو إعادة العلاقات مع بلد عربي كبير لتوجيه ضربة للإخوان الذين قطعوا العلاقات مع سوريا عام 2013 على يد الرئيس محمد مرسي، أما الأمر الآخر فهو تأمين مجال الأمن القومي والاستراتيجي لمصر، وضمان تحالفه مع النظام السوري الذي يسيطر على منطقة جغرافية حيوية في الشرق الأوسط تتصارع عليها القوى الكبرى في العالم.
عربي 21 _ تامر علي