انتشرت في عموم سورية ظاهرة رمي الأطفال حديثي الولادة، حيث تكرر وجود الأطفال الخدج في الشوارع وبجانب حاويات القمامة ووسط البساتين وأمام المساجد والمنازل، في مشاهد تثير الكثير من التساؤلات حول أسباب رمي مثل هؤلاء الصغار، والحال الذي دفع بذويهم إلى تركهم بهذه الطريقة.
الأطفال حديثو الولادة على الأرصفة وبين الأزقة
عُثر على طفل في ١٧ كانون الثاني خلال العام الجاري مرمياً في مدخل أحد الأبنية في حي الخضر بمحافظة حمص، وبعد فحصه من الطبيب في مشفى كرم اللوز تم تقدير عمر الطفل حوالي الأربعين يوم.
تكررت الحادثة يوم ١٣من ذات الشهر في مدينة حماة حيث عُثر على طفل رضيع لا يتجاوز عمره الشهرين، عند مدخل أحد الأبنية بضاحية أبي الفداء وإلى جانبه ورقة مكتوب عليها (ابن حلال).
وطفلة عُثر عليها مرمية على باب أحد المستشفيات الخاصة في مدينة اللاذقية وأطلق عليها روح.
ونشرت طبيبة الأطفال لمى القاضي عبر صفحتها على فيس بوك في 24 يناير من العام الجاري، صور ة طفلة ووضحت الطبيبة بأن هذه الطفلة قد وجدت مرمية في أحد شوارع مدينة حلب بعد ولادتها وتم إسعافها إلى المشفى، وعلقت بالقول: “بأي ذنب تُلقى هذه الطفلة بعد ولادتها في أحد الشوارع لتنهش الجرذان وجهها وطفولتها وروحهاـ بأي ذنب تقضي عمرها مشوهة الروح والوجه”.
على ماذا نص القانون السوري بشأن الأطفال غير الشرعيين؟؟!
نشرت جريدة الوطن المقربة من النظام اليوم، قول المحامي سمير أبو حمود أن المادة 484 من قانون العقوبات نصت على «أنه من طرح أو سيّب ولداً دون السابعة من عمره أو أي شخص آخر غير قادر على حماية نفسه بسبب حالة جسدية أو نفسية عوقب بالحبس من 3 أشهر إلى سنة، وإذا طرح الولد أو العاجز أو سيب في مكان مقفر كان العقاب من سنة إلى 3 سنوات أي ينال عقوبة «الجنحة»، متجاهلا الوضع الاقتصادي المتردي وقلة الدعم الحكومي وارتفاع الأسعار وضعف الخدمات الصحية وندرة الأدوية ما دفع إلى انتشار مثل هذه الظاهرة بشكل كبير دون العمل على تحسين الوضع المعيشي والخدمي للأهالي.
وتابع المحامي أبو حمود أن المادة 486 تشددت بالعقوبة إذ نصّت على أنه “إذا كان المجرم أحد أصول الولد أو العاجز أو أحد الأشخاص المولين حراسته أو مراقبته أو معالجته أو تربيته، شددت العقوبة على نحو ما نصت عليه في المادة 247 التي تضاعف كل عقوبة من الثلث إلى النصف وتضاعف الغرامة المالية أيضاّ”.
ونوّه أبو حمود أن الفقرة الثانية من المادة 486 نفسها استثنت عدم تطبيق التشديد في حال «أن الأم التي أقدمت محرضة أو فاعلة أو متدخلة على طرح مولودها أو تسيّبه صيانة لشرفها (خطيئة أو سفاح) أي «تعاقب لكن تعفى من التشديد».
وأردف أبو حمود عن الرجل الذي ترك أطفاله الثلاثة دون أن يذكر حالة الفقر التي دفعت به إلى رمي أطفاله وعدم قدرته على تأمين احتاجاتهم الضرورية، كما ذكر أن المادة 226 تحت بند (القوة القاهرة) تعفي وتنص على أنه «لا عقاب على من أكرهته قوة مادية أو معنوية لم يستطع إلى دفعها سبيلاً. «وأيضاً في حالات كالجنون والعته والسكر والتسمم بالمخدرات).
واعتبر أبو حمود أنه لا تهاون في البت بمثل قضايا كهذه، وبيّن أن النيابة العامة تقوم بمهمة تحريك الادعاء في حال لم يتقدم أحد أطراف العائلة بذلك، دون تطرقه إلى الحوادث الأخرى كالخطف والاغتيال والقتل والتي باتت متكررة بشكل شبه يومي.
رمي الأطفال حديثي الولادة في الشمال السوري
الجدير ذكره أن ظاهرة رمي الأطفال حديثي الولادة لم تقتصر على مناطق سيطرة النظام بل تكررت في الشمال السوري.
فقد عُثر أمام المساجد وفي أماكن مهجورة وقريبة من المشافي خلال العامين الماضيين على العديد من هؤلاء الأطفال، ضمن علب كرتونية أو أغطية شتوية وهم على قيد الحياة يصارعون الجوع والبرد وفق صحف محلية.
ما مصير الأطفال حديثي الولادة في المستقبل؟
يُحرم الكثير من الأطفال الذين تخلى عنهم آباؤهم من العيش حياة طبيعية، نتيجة حرمانهم من التسجيل بشكل رسمي أو الحصول على أوراق ثبوتية، وهو ما يعني حرمان الطفل من جميع حقوقه المدنية.
و ورد في المادة 29 من قانون الأحوال المدنية السوري عام 2018 “يُلزم أمين السجل المدني بتسجيل اللقيط، وينظم له وثيقة ولادة ويكون محل الولادة المكان الذي عُثر عليه فيه، ويمنحه اسمًا واسمًا للأب وللأم وللجد، ويكون اسم الجد كنية للطفل”.
وكذلك جاء في المادة 3 من قانون الجنسية السوري “يُعتبر عربيًا سوريًا من وُلد بالقطر من أم سورية ولم يثبت نسبه لأبيه قانونًا”.
كما جاء في الفقرة ج من نفس المادة “من وُلد بالقطر من والدين مجهولين أو…، أي أن مجهول النسب الذي عُثر عليه بسوريا يُسجل ويُعتبر سوري الجنسية”.
ولكن رغم صعوبة تحديد حجم الظاهرة لغياب الإحصائيات الرسمية، يؤكد تكرار الحوادث استفحالها، وسط غياب مؤسسات مختصة بالتعامل مع هذه الحالات.
أمل الشامي/تقرير خبري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع