بدأت في العاصمة السعودية الرياض الأربعاء قمة قادة مجلس التعاون الخليجي، في مرحلة يصفها المراقبون بأنها الأكثر دقة بالنسبة لدول مجلس التعاون المنشغلة بالنزاعات في اليمن وسوريا وانخفاض اسعار النفط.
ومن المتوقع ان تعلن القمة تأييدها لجهود توحيد مختلف اطياف المعارضة السورية المدعومة من معظم دول الخليج والتي تبدأ اليوم في الرياض ايضا اجتماعا للاتفاق على رؤية مشتركة من الحل في سوريا تمهيدا لمفاوضات محتملة مع نظام الرئيس بشار الاسد.
كما تأتي القمة الخليجية قبل ايام من مباحثات في سويسرا بين طرفي النزاع اليمني الذي حصد آلاف الضحايا خلال أشهر، وحيث تنخرط دول خليجية عدة في التحالف العربي بقيادة السعودية ضد المتمردين الحوثيين دعما للرئيس عبد ربه منصور هادي.
ويقول الباحث اليمني الزائر في مركز كارنيغي الشرق الاوسط فارع المسلمي “تأتي هذه القمة بينما يشهد الخليج واحدة من سنواته الاكثر دقة”.
ويرى وجود “تباين داخلي” بين دول مجلس التعاون، السعودية والامارات والبحرين والكويت وقطر وعمان، في ظل التحديات الامنية والاقتصادية التي تواجهها.
ومن ابرز هذه التحديات الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وايران التي تجمعها علاقة خصومة وتباين مع عدد من الدول الخليجية.
وسيرفع الاتفاق عن كاهل الجمهورية الاسلامية وطأة عقوبات اقتصادية دولية مفروضة عليها منذ اعوام، في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وتنظر دول خليجية ابرزها المملكة العربية السعودية، بعين الريبة الى تنامي نفوذ ايران في الشرق الاوسط والخليج، لا سيما في اليمن حيث تدعم الرياض الرئيس هادي مقابل تأييد ايران للحوثيين، وفي سوريا حيث تدعم الرياض المعارضة مقابل دعم طهران للنظام.
ويرى نيل بارتريك، مؤلف كتاب عن السياسة الخارجية السعودية يصدر في يناير / كانون الثاني، ان “التحدي الاساسي الذي يواجه قمة دول مجلس التعاون الخليجي، كالعادة، هو ضمان جبهة موحدة حيال التحديات الاستراتيجية الاساسية في المنطقة”.
“دعم عام” للمعارضة السورية
وتتزامن القمة مع انطلاق اعمال مؤتمر يجمع قرابة مئة شخصية من مختلف الاطياف السياسية والعسكرية للمعارضة السورية، وتريده المملكة لتوحيد المعارضة حول رؤية مشتركة حيال الحل السياسي قبل مفاوضات محتملة مع نظام الرئيس بشار الاسد.
وكانت دول كبرى بينها الولايات المتحدة والسعودية وروسيا وايران اتفقت في فيينا نوفمبر / تشرين الثاني على خطوات لإنهاء النزاع الذي اودى بأكثر من 250 الف شخص، تشمل تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج.
كما تأمل هذه الدول في عقد مباحثات بين النظام والمعارضة بحلول الاول من كانون الثاني / يناير.
وشهدت الاعوام السابقة تجاذبات وصراعات على النفوذ بين دول خليجية داعمة للمعارضة، لا سيما قطر والسعودية، للاستئثار بولاء هذه المعارضة.
ويرى بارتريك ان ما يمكن ان يخرج به مؤتمر القمة الخليجية في موضوع النزاع السوري هو الاعراب عن “دعم عام” للمعارضة.
وتعد السعودية من ابرز الدول المطالبة برحيل الرئيس بشار الاسد. واعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نهاية تشرين الثاني / نوفمبر ان الخيار العسكري لا يزال مطروحا لتحقيق ذلك.
وفي اليمن، تقود السعودية منذ آذار / مارس تحالفا عربيا بدأ بتوجيه ضربات جوية ضد المتمردين الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، قبل ان يقدم بدءا من الصيف دعما ميدانيا مباشرا لقوات عبدربه منصور هادي.
وتشارك الدول الخليجية في هذا التحالف، باستثناء عمان التي شاركت في التوسط لإنهاء للنزاع الذي اودى بقرابة 5 آلاف و 700 شخص منذ آذار / مارس ووفرت مكانا للقاء المتنازعين.
ويقول بارتريك انه يفترض “توقع القليل جدا في ما خص اليمن”، مرجحا ان تعيد الدول الخليجية تأكيد دعمها للقوى “الشرعية”.
وترعى الامم المتحدة جولة جديدة من المفاوضات بين طرفي النزاع اليمني في سويسرا في 15 كانون الاول / ديسمبر، يمكن ان تترافق مع وقف لإطلاق النار بين الجانبين.
على المستوى الاقتصادي، تواجه الدول الخليجية التي تعتمد بشكل اساسي على مداخيل تصدير النفط، الانخفاض الكبير الذي يطاول اسعاره منذ العام 2014.
وتعتبر كينينموت ان هذا الانخفاض “يجب ان يجعل قادة دول مجلس التعاون يركزون” على الاندماج الاقتصادي وتطوير البنى التحتية المشتركة.
وخسر برميل النفط اكثر من خمسين بالمئة من سعره منذ حزيران / يونيو 2014. وسجلت اسعاره الثلاثاء اكبر انخفاض لها منذ سبع سنوات بسبب تخمة العرض وضعف الطلب.
وبدأت دول خليجية باعتماد اجراءات تقشف محدودة في ظل انخفاض اسعار النفط، مع توقع صندوق النقد الدولي انخفاض عائدات هذه الدول بنحو 275 مليار دولار هذه السنة.
ميدل ايست أونلاين