جاء هذا التصعيد عقب دخول 6 سيارات من الهلال الأحمر السوري تحمل نحو 200 سلة غذائية وبعض لقاحات وأدوية الأطفال والحليب التي لا تكفي شهراً واحداً، فحي الوعر يسكنه نحو 100 ألف نسمة متواجدين ضمن نطاق الحي السكني الذي لا يتجاوز الـ 5 كيلومترات.
كما وألقى طيران النظام المروحي صباح اليوم منشورات تطالب من أهالي الحي وثواره الرجوع عن الخطأ، وفي الوقت نفسه تمنع قوات النظام خروج العوائل التي تحاول الخروج من الحي هرباً من الموت والجوع.
تلاعب بالأرواح
ويتلاعب نظام الأسد بأرواح الناس والقرارات الدولية دون أي رادع، حيث يحذف من قوائم الأمم المتحدة أثناء دخولها المناطق المحاصرة ما هي بحاجته فعلاً هذه المناطق، كالأدوية الطبية والسيرومات وأكياس الدم وسيرنكات الإبر، واليوم يسعى النظام جاهداً بالتعاون مع حلفائه منع إلقاء المساعدات جواً على المناطق المحاصرة من أجل فرض سيطرته على ما يدخل هذه المناطق وحرمانها مما هي بحاجته الفعلية أمام فرق الأمم المتحدة العاجزة.
كما وقام نظام الأسد يوم الاثنين 30 مايو الماضي باعتقال لجنة تفاوض الحي التي تتواصل مع الأمم المتحدة الدافعة بملف التفاوض للأمام وتعلم بكل حيثياته.
تحدث “أبو خالد” أحد المفاوضين الذين كانوا معتقلين عند النظام لـ”العربية نت” قائلاً: “دخلنا المفاوضات مع النظام من أجل محافظة حمص كاملةً، وطالبنا بخروج جميع المعتقلين في حمص ريفاً ومدينة، وقدمنا للنظام لائحة بأسماء 7365 اسم كدفعة أولى ولا يزال لدينا أكثر من 3000 اسم كملحق لهم، وطالبنا النظام مراراً بإخراجهم أو تقديم بيان مصيرٍ بحقهم، ولكن النظام تلاعب بالاتفاق الذي كانت الأمم المتحدة مشرفة عليه ومتابعة له وفرض علينا تنازلنا عن هذا البند وتركه أو أن نرضى بإخراج بعض المعتقلين الذين يختارهم لنا النظام”.
وأضاف “أبو خالد”: “أثناء اعتقالنا تم التعامل معنا كأسرى رغم خروجنا من الحي تلبية لدعوة النظام لنا، بهدف الجلوس باجتماع هدفه حل بعض العقد في ملف التفاوض، وأعلمنا الأمم المتحدة بخروجنا ومع ذلك تم اعتقالنا في الفرن الآلي بدايةً من قبل شبيحة النظام، ومن ثم سوقنا إلى فرع أمن الدولة وأخيراً عدنا للحي سالمين بعد إجراء عملية تبادل مع 15من عناصر وضباط مشفى البر رئة الحي الطبية، والأمم المتحدة لم تعبر بأي شيء.
أصدرت لجنة مفاوضات الحي أمسٍ الأربعاء بياناً عقب خروجها من معتقل النظام، بعملية تبادل مع 15 عنصرا من عناصر النظام كانت متواجدة ضمن مشفى البر داخل الحي، وأكد البيان أن لجنة المفاوضات كانت تعلم عند دخولها في التفاوض مع النظام أنها ستدخل إلى محرقة ولم تكن عملية التفاوض هذه إلا من أجل تحسين حال المدنيين الصعبة التي باتت تسوء يوماً بعد يوم.
وأضاف “البيان” أيضاً أن النظام أحرق المراكب التفاوضية في حي الوعر ولم يعد من السهل بناء مصداقيةٍ مع أهالي الحي، إضافةً لقطع الكهرباء وحصار الحي المطبق وقصف مناطق تمركز المدنيين عمداً بالصواريخ والاسطوانات وغيرها من الأسلحة الثقيلة.
وختم “البيان” أن حي الوعر الآن أمام خيارات مفتوحة ونحن كمفاوضين لن ندخر أي جهد يحقن دماء المدنيين ويخفف عنهم معاناتهم أمام نظام لا يردعه دين أو خلق أو إرادة دولية جدية.
بيان ضد الأمم المتحدة
بعد متابعة الأحداث داخل الحي وملاحظة دور الأمم المتحدة غير الفعال من المدنيين والجهات المدنية والنشطاء، لوحظ تواطؤ الأمم المتحدة الواضح مع نظام الأسد وعدم ممارستها أي ضغط حقيقي عليه وتركها للمدنيين يموتون جوعاً وقصفاً أمام شاشات التلفاز ووسائل الإعلام دون تقديم أي مساعدة أو عملٍ أو حتى بيان استنكار، بل كانوا يعبرون عن سعادتهم عندما يسمح لهم النظام بإدخال بعض المساعدات التي تكفي لمدة معينة ومنعهم لأشهر طويلةٍ بعدها.
لقد وصل عجز الأمم المتحدة في بعض الأوقات عن إخراج طفل بحاجة للعلاج إلى مستشفيات متخصصة، بل وعجزوا عن إدخال مواد طبية تقدم لمشافي الحي، وفي الوقت ذاته نجدهم حاضرين عند إخراج الناس وإخلاء المناطق من سكانها وتسليمها للنظام بعد الجوع والموت العظيم الذي يصيب أصحاب هذه المناطق، لذا توافق جميع المدنيين داخل حي الوعر على إصدار بيانهم يوم الثلاثاء 31 “مايو” 2016م.
نص “البيان” على مطالبة الأمم المتحدة تبريراً لإلغاء برامجها ووعودها الضخمة التي قدمت للمدنيين والجهات المدنية داخل الحي عشية قبول الاتفاق مع النظام، ومطالبتها بتبرير التجاوب مع النظام وحذف المواد من قوائمها حسب ما يراه النظام مناسباً للحي ومدنيه، ومطالبتها أيضاً بتوضيح الطرف الذي يعرقل عملها ووصولها للحي وتبرير الوعود التي أطلقت من قبل أعلى مستوياتها بما يخص الخبز والكهرباء، وعدم تنفيذها من قبل النظام.
كما وطالب “البيان” بالاستجابة العاجلة والفورية من قبل مكاتب الأمم المتحدة لتأمين المستلزمات الإنسانية للحي، والعمل الحقيقي من أجل المدنيين.
واليوم حي الوعر يعيش حالة من التوتر والتأهب لما هو قادم فالضعف الغذائي والطبي يسيطر على الموقف، ولا توجد موارد غذائية ذاتية داخله فهو حي سكني بامتياز لا توجد فيه مساحات زراعية، بينما تمضي الناس حياتها داخله في الملاجئ هاربةً من الموت المحدق بهم، مع ترافق قطع مستمر للكهرباء ومنع دخول أي مواد للحي.