أصبح السوريون في المهجر ومخيمات النزوح والشتات ضحيةَ الاستملاك الذي ينتهجه النظام في إطار قانوني جردهم من ممتلكاتهم.
كيف يُشرع النظام السوري السيطرة على الأملاك
وجّهَ رجلُ الأعمال السوري رامي مخلوف قبل يومين رسالةً إلى قريبه رأس النظام، لقّبه فيها بأنه رئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس السلطة التنفيذية، والعسكرية، والأمنية. مفادُ هذه الرسالة قيامُ عناصر من النظام بتنفيذ تهديداتهم له ببيع أملاكه وشركاته، فضلاً عن منزله ومنازل أبنائه، من خلال عمليات بيع بعقود ووكالات مزورة.
قضية مخلوف ليست حالة فريدة من نوعها، فقد عمد النظام في السنوات الماضية إلى الاستيلاء على ممتلكات السوريين عبر قوانين؛ كان أبرزها المرسوم التشريعي رقم 63 لسنة 2012؛ للاستيلاء على ممتلكات الأشخاص المشمولين بقانون مكافحة الإرهاب، وقد لفق النظام لهم هذه التهمة لأنهم من المعارضة فقط.
أصدر النظام القانون رقم 10 لعام 2018 مطلع أبريل/نيسان، الذي سمح بموجبه بإنشاء مناطق تنظيمية في جميع أنحاء سوريا مخصصة لإعادة الإعمار، وهذه ذريعة منه لسلب أملاك آلاف السوريين.
فقد فرض المرسوم إجراءات وقيود؛ لإثبات الملكية خلال فترة قصيرة لشهر واحد من قبل الشخص ذاته، أو عبر تعيين وكيل بشرط الحصول على موافقة أمنية من النظام، وإلا سيتم مصادرة العقارات لصالح دولة النظام دون تعويض.
خسر الآلاف من النازحين واللاجئين سندات الملكية ووثائقهم التعريفية، فضلاً عن أن الشريحة الكبيرة منهم ملاحقة من النظام. ومعظم ذوي المفقودين والمختفين قسرياً والمتوفين لايملكون الوثائق المطلوبة، ما يعني عدم مقدرتهم على تقديم طلب لإثبات الملكية.
كان التنظيم العمراني ستاراً لإجراء عمليات هدم واسعة النطاق، علاوة عن إقامة المزادات العلنية، ومناقصات استثمار في الأراضي المسلوبة المزروعة بأشجار مثمرة بقرار من اللجان الأمنية.
في حين انتشرت سندات البيع والوكالات المزورة في مناطق سيطرة النظام، بإشراف ثلة من المنتفعين والمحسوبين على النظام ورموزه.
وظّف النظام عملية الاستيلاء كخطة منهجية لترسيخ سياسة التهجير القسري والتغيير الديموغرافي بحق السوريين، فالاستملاك سيخلق عقبة كبيرة أمام عودة قسم كبير من السوريين الفارين من مناطق النظام، من دون منزل أو ممتلكات للعودة إليها.
تخالف قوانين الاستملاك هذه الشرائع الدولية التي تكفل حقوق الملكية لكل الأفراد على اختلاف توجهاتهم السياسية، ولاتبيح الاستيلاء عليها بصورة تعسفية في أي حال من الأحوال.
يبقى السوريون من اللاجئين والنازحين بين فكي كماشة؛ الخوف من العودة خشية بطش النظام من جهة، وخسارة ممتلكاتهم وثمرة عمرهم في عقوبة جماعية ضد المعارضين للنظام من جهة أخرى. ومن هنا تنبثق أهمية الحل السياسي الشامل الذي يضمن حقوق المهجرين السوريين شرطًا مسبقًا أساسيًا لا تنازل عنه.
صباح نجم
المركز الصحفي السوري