يبدأ في موسكو، يوم الأحد المقبل، وفد من النظام السوري وإلى جانبه مجموعة من القوى التي يطلق عليها الأخير “المعارضة الوطنية”، سلسلة لقاءات مع الخارجية الروسية على رأسها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ضمن تنشيط الحراك الدبلوماسي الروسي الخاص بملف الأزمة السورية.
وعلم “العربي الجديد”، من مصادر مطلعة طلبت عدم ذكر اسمها، أن “الزيارة يتزعمها وزير المصالحة الوطنية في النظام السوري، علي حيدر، رئيس الحزب “القومي السوري الاجتماعي”، إضافة إلى عدد من متزعمي الأحزاب المرخصة وشبه المرخصة”، مبيّنة أن “الزيارة تأتي بطلب من النظام، الذي يصر على أن هذه القوى هي قوى المعارضة الوطنية، في حين يعتبر باقي أطياف المعارضة الداخلية والخارجية مرتهنين للخارج وداعمين للإرهاب”.
وأوضحت المصادر أن “الزيارة ستكون بهدف تأييد وجهة نظر النظام بأولوية محاربة الإرهاب على الحل السياسي، الذي يبنيه على أساس قيام الدول الإقليمية بقطع الدعم عن الفصائل المسلحة المعارضة، إضافة إلى منع دخول المقاتلين الأجانب الذين بدورهم يلتحقون بالفصائل الجهادية والتنظيمات التكفيرية، إضافة إلى قيام تحالف عسكري لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، يضم بشكل رئيسي السعودية وتركيا وسورية إضافة إلى العراق، في حين يبدي النظام استعداده لتشكيل حكومة وطنية وإجراء تعديلات دستورية وإجراء انتخابات نيابية، مستثنياً من ذلك إجراء انتخابات رئاسية إضافة إلى إبقاء المؤسسة الأمنية والعسكرية بيد الرئيس الحالي بشار الأسد”.
وفي السياق نفسه، نفت مصادر مسؤولة في “هيئة التنسيق الوطنية” المعارضة في دمشق، وفي “لجنة تمثيل مؤتمر القاهرة” و”حركة البناء الوطني”، في اتصالات مع “العربي الجديد”، أن يكونوا مشاركين في اللقاءات المقرر عقدها خلال الأسبوع المقبل.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التقى قبل نحو عشرة أيام وفدين من المعارضة السورية يمثلان “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” برئاسة خالد خوجة، ووفداً يمثل مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، برئاسة هيثم مناع، والتي رشح منها أنباء عن تقارب في وجهات النظر إضافة إلى رغبة في وقف العنف وبدء حل سياسي في سورية.
وقال مصدر مطلع على لقاءات المعارضة مع الدبلوماسية الروسية، طلب عدم كشف هويته، لـ”العربي الجديد”، “على ما يبدو أن عملية تأسيس حل الأزمة السورية قد بدأت على قاعدة محاربة داعش والتنظيمات وأشباهها، جراء توافق أميركي خليجي، وإيراني روسي على بدء عملية حل الأزمة السورية على أساس ضمان مصالح جميع الأطراف، في وقت فوّضت الولايات المتحدة روسيا بهذه العملية، والتي لا يعني إنجازها بعيداً عن الإرادة الأميركية حيث لن تكتمل العملية إلا ببصمتها، التي يتوقع أن تكون من أولى مهام الإدارة الأميركية الجديدة”.
ولفت المصدر إلى أن “الموضوع ليس جديداً على الملف السوري حيث سبق أن فوّضت واشنطن موسكو بكتابة بيان جنيف الخاص بالأزمة السورية، والذي تحوّل إلى وثيقة دولية يستند إليها الحل السياسي للأزمة السورية، ومعتمدة من قبل مجلس الأمن الدولي، وخاصة موضوع هيئة الحكم الانتقالية”.
وذكر المصدر أن “روسيا لديها رغبة جدية بإنهاء الأزمة السورية لعدة أسباب أهمها مخاوف على أمنها القومي، وبدء تمرد النظام عليها”، مشيراً إلى أن الروس “أخبروا وفد المعارضة تمسكهم بالحفاظ على مؤسسات الدولة، باعتبارها الضامن الوحيد لعدم القفز بالفوضى”، معربين عن “عدم تمسكهم بالرئيس الأسد، إلا أنهم في الوقت ذاته مصرون على أن يأتي أي تغيير في الرئاسة نتيجة عملية سياسية، تتلخص في وجود هيئة حكم انتقالية تقود مرحلة انتقالية”.
وأكد أن “الروس غير موافقين على أي عملية محاصصة جغرافية أو سياسية تقوم على أسس طائفية أو إثنية وقومية، وبذلك ليست هناك موافقة على طرح الايرانيين أن يكون هناك دستور يضمن حقوق الأقليات”.
وقال المصدر إن “المشكلة لدى روسيا وأميركا وغيرهما من الدول الإقليمية الفاعلة في الأزمة السورية، أنها لا تمتلك برامج وآليات واضحة لحل الأزمة، وما الدعم الذي ناله المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا من قبل مجلس الأمن وتشكيل اللجان الأربع إلا للتحضير لهذه البرامج، التي ستكون أساس تطبيق الحل في سورية”، موضحاً أن “العملية غير محددة بجدول زمني، إلا أن العملية انطلقت وهذا شيء جيد، ويجب أن يكون للسوريين دور فاعل ورأي وازن في مخرجات هذه اللجان، التي سيعود لها الجميع ولو عقب سنوات”.
واستدرك المصدر بالقول “من اللافت خلال لقاء المسؤولين الروس مع المعارضة، أنهم لم يتعرضوا بأي شكل للقاءات موسكو 1 أو 2، أو ما رشح منها، مستوضحين عن رؤية المعارضة للعدالة الانتقالية، في وقت طلب وفد مؤتمر القاهرة أن تكون أي عملية تفاوض مقبلة إن كانت جنيف 3 أو غيرها، بعيدة عن الإعلام، على أن تعقد لإعلان الاتفاق على الحل السياسي وآلياته، مع الحفاظ على مرجعية بيان جنيف”.
العربي الجديد ــ ريان محمد