جولة جديدة من مباحثات جينيف ستعقد غداً, برعاية دولية لإيجاد مخرج حقيقي للأزمة السياسية والعسكرية المستمرة حتى اليوم في سورية, هي النسخة السابعة من سلسلة جينيف التي اعتاد السوريون على متابعتها متابعة باهتة مثلها كأي مؤتمر عالمي للبيئة “مثلاً”!, ففي كل مرة لا شيء جديد, سوى مراوغة من قبل النظام وداعميه الذين مازالوا حتى اللحظة يعولون على حسم الموقف العسكري على الأرض, إضافة إلى شراء الوقت واللعب عليه, وهذا ما نجحوا به مؤخراً, حيث أعادوا السيطرة على قسم كبير من الأراضي والمساحات التي كانت خارج سيطرتهم, وتغيرت الخارطة الجغرافية “الحمراء” على الأرض لتعود للتمدد مرة أخرى, في حين انكمشت المعارضة السورية المسلحة في مساحات قليلة وضيقة أغلبها يقع تحت الحصار, كل هذا كان بسبب التعويل على مؤتمرات كجينيف وأستانة وغيرها, تحت حجة أن المعارضة السورية ترحب بجميع أساليب الحراك التي من شأنها إيجاد حل جذري لإيقاف حمام الدم النازف في البلد الجريح.
هل من جديد في هذه النسخة الجديدة؟
تبدو العبرة من هذه اللقاءات والمسميات سواء جينيف 1 او حتى جينيف 7 غير مجدية على أرض الواقع نتيجة عدة عوامل سياسية وعسكرية تخلق عقبة كبيرة أمام تمخض حلول حقيقية, فالمؤشرات تشير إلى عدم وجود إرادة دولية لفرض حل سياسي حقيقي يضع مصلحة السوريين بالمقام الأول, وإنما الأولوية من هذه المؤتمرات هو شد “حبل” النفوذ للدول اللاعبة والمؤثرة بالساحة السورية كل إلى جانبه لتأمين مصالحهم ليس أكثر, فلو أراد المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية إنهاء الملف السوري لانتهى بشكل عاجل, رغم التحولات الكبيرة على المسارين السياسي والعسكري والتي تمثلت بمحاولة إنشاء مناطق تخفيف التصعيد, إلا أن هذه المحاولة تبدو غير جدية وغير فاعلة, خصوصاً بعد أن بدت هذه التجربة أشبة بالفخ الذي تريده موسكو, بحيث تتساقط المناطق واحدة تلو الأخرى كأحجار الدومينو تماماً بيدها وبيد النظام والمليشيات الطائفية التي بات وجودها بالقرب من حدود الدول المحاذية لسورية كالأردن وتركيا يشكل هاجساً حقيقياً لأمن هذه الدول.
جينيف 7 والانتقال السياسي:
دائما ما حاولت المعارضة السورية التمسك بفكرة الانتقال السياسي للسلطة في سورية, ودائما ما حاول وفد النظام بقيادة “بشار الجعفري” تمييع هذا المطلب والالتفاف عليه وحرف البوصلة نحو مطالب أخرى, ولكن المضمون الأساسي لما يريده المجتمع الدولي من جينيف مازال حاضراً ولو بخجل إن صح القول, كإعلان المبعوث الدولي إلى سورية “ستيفان ديمستورا” أن السلال الأربع التي سبق وأن قدمها ديمستورها كآلية حل للأزمة السورية ستناقش “بالتوازي” مع مسألة الإنتقال السياسي خلال لقاء جينيف المرتقب, وأن هناك طرح للمشاورات الدستورية والقانونية بشأن هذا الإنتقال السياسي للسلطة والذي تصر المعارضة السورية على جعله أولوية من اولويات مطالبها في سلسلة جينيف.
فمحاور البحث على الطاولة ليست جديدة, وإنما هي موجودة ومطروحة خلال المؤتمرات السابقة التي دأب النظام على عرقلتها, وقد أعلن عدد من أعضاء اللجنة العليا للتفاوض عن لقاءات غير معلنة لهم مع عدد من الساسة الغربيين وتم تناول هذه الطروحات التي أيدها هؤلاء الساسة, وكل هذه المحاور التي يتم التركيز عليها تصب في خانة واحدة, وهي أن تكون سورية بلداً واحداً موحداً في ظل حكم ديمقراطي يتمتع به الجميع, لذلك يعتبر طرح السلال الأربعة بالتوازي في جينيف هي مسألة إيجابية, ولكن تبرز عثرات متوقعة من جديد, وهي أن التوافقات الدولية ذات الإطار العسكري, والتي لا تضع مصلحة الشعب السوري ضمن هذه المحاور بالمقام الأول, هي المؤثر الأكبر على سير أي مفاوضات ذات رعاية دولية, بحيث يبدو أن الملف السوري أصبح رهينة التفاهمات بين الدول العظمى ومن بعدها الإقليمية, وهذا ما يفرغ أي مؤتمر من محتواه الرئيسي..
المركز الصحفي السوري – حازم الحلبي