عاد اسم “الموك” (غرفة عمليات عسكرية لعدة دول مقرها عمّان) ليتصدر المشهد في الجبهة الجنوبية السورية، بعد تصريحات وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر، بإعادة فتح الجبهة من جديد.
وكان كارتر كشف قبل أسبوع، أن التحالف الدولي يسعى لفتح جبهة جديدة ضد تنظيم الدولة انطلاقا من جنوب سوريا، بالتزامن مع هجوم الجبهة الشمالية، ولم يصدر أي تعليق رسمي أردني حول تصريحات كارتر، إلا أن الحكومة الأردنية نفت في أكثر من سياق؛ وجود ما يعرف بـ”غرفة الموك”.
والغرفة التي تقدم الدعم المالي والعسكري واللوجستي لبعض الفصائل “المعتدلة” في الجنوب السوري منذ سنوات؛ تنشط هذه الأيام بعمليات دمج للفصائل الصغيرة ضمن قوة أو قوتين كبيرتين، مستخدمة سياسة الثواب والعقاب المالي، بحسب تصريحات قادة فصائل في الجنوب السوري لـ”عربي21“.
وقال هؤلاء القادة إن “الموك قطعت التمويل المالي، المتمثل برواتب بعض الفصائل لمدة ثلاثة أشهر؛ بهدف إجبارها على الاندماج، بينما حُرمت فصائل أخرى من التمويل نهائيا”.
وأكد قائد لواء فرسان حوران، أبو وسيم الحوراني، أن “أغلب الفصائل الموجودة في الجبهة الجنوبية المحاذية للحدود الأردنية؛ هي تابعة للجيش الحر، وتتبع في الوقت ذاته لغرفة “الموك” الموجودة في الأردن، والتي تديرها دول كأمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات والأردن.
وقال الحوراني لـ”عربي21” إن “هذه الغرفة تدير فصائل الجبهة الجنوبية، وتقدم لها رواتب شهرية، وذخائر، وطرودا إغاثية”.
20 فصيلا يتلقى الدعم
من جهته؛ قال العقيد خالد الحبوس، رئيس المجلس العسكري لدمشق وريفها والمنطقة الجنوبية في الجيش الحر، إن عدد الفصائل في المنطقة الجنوبية يبلغ 120 فصيلا، منها 20 فصيلا تتلقى الدعم، واصفا المدعومين بـأنهم “مجموعة فاسدين؛ ليس لديهم لا قيادة، ولا تنظيم، ولا إدارة، ولا مقدرة على استطلاع المعارك”.
واتهم في حديثه لـ”عربي21” بعض الأطراف “وخاصة أمريكا” بـ”محاولة عدم إيجاد أي نوع من التنظيم، أو القيادة الموحدة ضمن الجيش الحر”، مبينا أن “أمريكا تدعم كل فصيل على حدة، وأي قائد قادر على توحيد الثوار فإنهم يستبعدونه، ويختارون الانتهازيين والوصوليين فقط”.
وبحسب تقديرات القادة العسكريين؛ فإن عدد المقاتلين الموزعين بين الفصائل الجنوبية يقارب الـ30 ألف مقاتل؛ يسيطرون على مناطق جنوب سوريا، بما فيها ريف دمشق ودرعا وحوض اليرموك والقنيطرة والسويداء، وبعض المناطق المحاذية للحدود الأردنية الشرقية.
ويُعد فصيل “جبهة ثوار سوريا” البالغ تعداده سبعة آلاف مقاتل؛ من أكبر الفصائل التي تتلقى دعما من غرفة “الموك”، تليها “قوات شباب السنة” التي يبلغ تعدادها ستة آلاف مقاتل، ثم “جيش اليرموك” البالغ تعداده ثلاثة آلاف مقاتل، وجميعها تتبع للجيش السوري الحر.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الجبهة الجنوبية السورية، الرائد عصام الريس، خارطة الفصائل الفاعلة في الجنوب السوري، قائلا لـ”عربي21″ إن “من أبرز الفصائل؛ جبهة ثوار سوريا، وجبهة أنصار الإسلام، وألوية سيف الشام، وألوية الفرقان، وجميعها تتبع للمجلس العسكري في القنيطرة. ويضاف إليها فرقة عامود حوران، وفرقة شباب السنة، وفرقة لواء فجر التوحيد، وفرقة المعتز، وفرقة الحمزة، كما تتواجد بشكل مستقل أفراد من جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) لا يتجاوز عددهم الـ150 شخصا”.
بوادر الدمج
ومن بوادر استراتيجية “الموك” في دمج الفصائل الجنوبية؛ ظهور فصيل “تجمع الحق” الذي يضم لواء الحرمين الشريفين، ولواء عاصفة الجنوب، ولواء شهداء الحارة، والفرقة 99 مشاة، بحسب ناشطين إعلاميين في الجنوب السوري؛ أكدوا لـ”عربي21” اندماج الفرقة 24 مشاة، والفرقة 69 قوات خاصة، واللواء الأول مهام خاصة، تحت تحت مسمى “الفرقة 46 مشاة” بقيادة العقيد يوسف المرعي.
وقال الناطق الرسمي باسم مؤسسة القيصر الإعلامية، إسكندر الحوراني: “بشكل عام؛ كل من يندرج تحت فصائل الجبهة الجنوبية؛ يتلقى دعما من غرفة الموك”، مضيفا لـ”عربي21” أن “هناك فصائل في الجبهة الجنوبية تظهر وتختفي بسبب توفر الدعم أو توقفه”.
وقال أبو وسيم الحوراني، إن ظهور تنظيم الدولة في الريف الغربي لدرعا والقنيطرة؛ كان له أثر على تنشيط الجبهة الجنوبية.
وتأتي محاولة “الموك” لدمج الفصائل السورية؛ عقب محاولة “فاشلة” كانت اتبعتها في حزيران/ يونيو 2015، بعد فشل ما يعرف بـ”عملية عاصفة الجنوب” في درعا السورية، بهدف تحرير مدينة درعا من القطع العسكرية المتبقية للنظام هناك؛ لتختفي “الموك” من الساحة نهائيا عقب التدخل الروسي في سوريا.
وأرجع المتحدث الرسمي باسم الجبهة الجنوبية السورية، عصام الريس، أسباب فشل التقدم على الجبهة الجنوبية إلى “صعوبات داخلية وخارجية، منها عدم مناسبة الدعم المقدم للوصول إلى دمشق، كون السلاح المتوفر غير نوعي، إذ إن الجبهة الجنوبية تتلقى ذخائر بكميات قليلة جدا، مع وجود أهداف استراتيجية بحاجة إلى سلاح نوعي وثقيل”.
العربي21