ليس غريباً على إعلام النظام الموجه والمقيد بقيود “المخابرات” أن يسخر من الدماء النازفة, كيف لا وهو الذي ما انفك عن الكذب والتدليس وتزوير الحقائق منذ اندلاع أحداث الثورة السورية وحتى هذه اللحظة, بل كثيراً ما ساهم هذا الإعلام العقيم والمفضوح في التشجيع على القتل وارتكاب المجازر بحق الأبرياء من المدنيين السوريين في المناطق المحاصرة والمحررة عن طريق التحريض وتزييف الأحداث أمام الرأي العام في الداخل والخارج.
تزييف جديد:
مؤخراً نشرت في موقع “سورية الآن” الموالي للنظام مقالة بعنوان “تنظيم القاعدة يحرز أول أوسكار له في التاريخ”, وذلك رداً على الإنجاز المستحق والذي حققه أبطال “الخوذ البيضاء” عندما نال فيلم “وايت هيلميتس” جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير في حفل توزيع جوائز الأوسكار ال89 الذي أقيم فجر يوم الاثنين الفائت في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية حيث روى الفيلم قصة لمجموعة من رجال الدفاع المدني السوري تتحدث عن قيامهم بمساعدة الناس في المناطق المحررة, وما تعانيه هذه المؤسسة من مصاعب كبيرة في تأدية عملها الإنساني في ظل طروف الحرب والقصف, حيث ادّعت المقالة أن أعضاء هذه المجموعة يقومون نهاراً بالعمل الانساني, ومساءاً يحملون البندقية ويقاتلون في صفوف الجماعات المسلحة المتشددة التي تحمل نفس فكر تنظيم “القاعدة على حد زعمها, و حاولت المقالة إثبات كلامها بالحديث عن مصور الفيلم “خالد الخطيب” صاحب ال21 عام وكيف كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعطته الفيزا لدخول البلد وحضور الحفل, ولكن في آخر ربع ساعة تم رفع اسمه على قوائم الحظر للشبهات الامنية, بمعنى آخر حاولت المقالة أن تستدل على صحة كلامها من خلال التركيز على قيام الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بالتشكيك في الشاب المصور صانع الفيلم والذي كان في البداية متطوعاً في إحدى فرق “الخوذ البيضاء” ثم تحول لمصور.
حاولت المقالة أيضاً أن توثق كلامها وذلك من خلال نشر صورة لأحد عناصر مؤسسة الدفاع المدني السوري بخوذته البيضاء مرفقة بصورة أخرى للشخص نفسه وسط مظاهرة مرفوع فيها راية “جبهة النصرة” سابقاً.
المضحك المبكي:
اتهام وسائل إعلام النظام رجال “الخوذ البيضاء” بانتمائهم لتنظيم القاعدة ولجماعات متشددة ليس جديداً, بل سبق وأن أشار رئيس النظام “بشار الاسد” إلى ذلك عندما تحدث لمراسلة إحدى الصحف الأمريكية ساخراً بالقول:
“إن رجال الخوذ البيضاء الإنسانيين, هم أنفسهم من يتراقصون حول جثث الجنود القتلى للجيش العربي السوري”.
والمضحك المبكي حقيقةً هو قيام هذه المواقع الصحفية التابعة لإعلام النظام بالتركيز على تبعية عناصر الخوذ البيضاء لتنظيم القاعدة, واستجداء انتباه الولايات المتحدة الامريكية لهذه النقطة حتى تلصق صفة الإرهاب في أعظم مؤسسة إنسانية تشكلت في وقت سريع للغاية بإمكانيات بسيطة, ولكن إن دل هذا الامر على شيء, فهو يدل على مدى “غيظ” النظام ومواليه من نجاح أعمال هذه المؤسسة الإنسانية في إنقاذ أرواح العديد من المدنيين الذين طالهم القصف الهمجي لآلة النظام العسكرية, في حين عجز النظام وإعلامه عن تسويق جانب مضيء واحد يعبر عن دعواتهم الإنسانية لحماية أبناء الشعب السوري من بطش الآلة العسكرية للجماعات “الإرهابية” على حد وصفهم, فيما قدمت هذه المؤسسة الصورة الحقيقية للأحداث الدامية في سورية وعمقت الحقيقة المطلقة بأن النظام ومن يحالفه هم المسئولون عن كل هذا الدمار والخراب, وعدّاد المجازر التي لا تنتهي بحق المدنيين الابرياء في سورية.
يذكر أن فيلم “الخوذ البيضاء”, ومدته 40 دقيقة والذي صوره الشاب خالد الخطيب عام 2015, للمخرج البريطاني “أورلاندو فون أشي نديل” والمنتجة “جوانا ناتاسيغارا”, وعرضته شبكة “نيتفلكس” الأمريكية المشهورة, أحرز جائزة افضل فيلم وثائقي في حفل الأوسكار الأخير..
المركز الصحفي السوري- حازم الحلبي.