تعتبر “الهلال الأحمر من المنظمات الإنسانية الرائدة في سوريا، وكان لها دور كبير خلال سنوات الحرب لا يمكن لأحد إنكاره لما قدمته من خدمات وتضحيات تمثلت بخسارتها عددا من موظفيها في مختلف أنحاء البلاد أثناء تأديتهم عملهم الإنساني بمساعدة وإسعاف جرحى العمليات العسكرية، وتعمل المنظمة في مجال الصحة وحالات الطوارئ، والإسعافات الأولية، والرعاية الصحية الأولية والإغاثة والدعم النفسي- الاجتماعي.
ورغم جهودها الواضحة في خدمة المواطنين، إلا أن ذلك لم يشفع للمنظمة أن تكون نقطة استهداف من قبل طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والتي من المفترض أن تستهدف غاراتها بدقة قياديين ومواقع ومقرات تابعة لما تسميها التنظيمات الإرهابية “تنظيم الدولة، وجبهة فتح الشام”.
فقد استهدفت طائرة تابعة للتحالف الدولي مقر الهلال الأحمر في مدينة ادلب بغارة فجر اليوم الأربعاء، ضاربين بعرض الحائط جميع الاتفاقيات الإنسانية، ماتسبب بدمار كبير في المبنى وتضرر في المكاتب الإدارية، وإصابة رئيس المنظمة في المدينة “مأمون خربوط” في رأسه والذي عرف بتفانيه في عمله وإخلاصه للعمل الطوعي الإنساني وإصابات متفرقة في صفوف متطوعيه المناوبين في المبنى، فضلا عن نشوب حريق ضخم في أحد الطوابق وشوهدت ألسنة اللهب عن بعد.
ليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها مقرات تابعة للهلال، بل سبقها عدة غارات من الطيران السوري والروسي استهدفت المشفى والمقر أحدها تسبب باحتراق المشفى التابع لهم وخروجه عن الخدمة، فضلا عن استشهاد أحد المسعفين مؤخرا.
ولعل روح التفاؤل والأمل والتعامل كعائلة واحدة من أهم مايميز فريق عمل المنظمة، فلم تثبط الغارة التي دمرت ذكرياتهم ومكان عملهم من عزيمتهم، بل على العكس، زادتهم رغبة وإصرارا في متابعة عملهم الإنساني ومواصلة مشوارهم الذي بدأوه طوعا.
يقول مصطفى أحد متطوعي الهلال الأحمر أثناء مساعدته رفاقه في تنظيف مخلفات الغارة والشظايا المتناثرة هنا وهناك:” الغارة لم تدمر المكان ماديا فحسب، بل دمرت معه ذكرياتنا بأحزانها وأفراحها، دمرت معه قصصا ومواقف لاتنسى، ومع ذلك لن نيأس ولن نتوانى لحظة عن القيام بواجبنا تجاه المدنيين، فنظرة الاحترام والشكر بعيونهم ترد لنا اعتبارنا وتنسينا التعب، فنحن منظمة حيادية وإنسانية بغض النظر عن توجهاتنا ومهمتنا إنقاذ أرواح الأبرياء قدر المستطاع وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، فضلا عن الجانب الإغاثي”.
وتساءل كثيرون عن الهدف الرئيسي من استهداف منظمة إنسانية وتدمير آلياتها، ربما هي خطة مدروسة بالتنسيق مع النظام السوري لتدمير البنى التحتية واستهداف المنشآت الخدمية كالمشافي والمدارس والأفران وحرمان المدنيين من خدماتها وبالأخص بعد أن أصبحت محافظة ادلب الخارجة عن سيطرة النظام مجمعا للمعارضة إثر عمليات التهجير التي تزج بهم فيها.
المركز الصحفي السوري _سماح الخالد