أدت المليشيات الأجنبية ولا تزال، دوراً كبيراً في الحرب السورية، خصوصاً تلك التي تقاتل إلى جانب قوات النظام السوري، والتي تكون غالباً على شكل تنظيمات أو مجموعات منفصلة، ومكوّنة بالكامل من عناصر أجنبية، وليس عناصر أجنبية منخرطة في تنظيمات محلية قائمة، كما هو حال المسلحين الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب قوات المعارضة.
بعض هذه التنظيمات الأجنبية التي تُقاتل إلى جانب قوات النظام، أنشئت أساساً لهذا الغرض، أي أنه لم يكن لها وجود قبل الحرب السورية، ولا تقاتل في مكان آخر غير سورية، بينما بعضها الآخر كان موجوداً أو تشكّل خلال الحرب السورية، وأرسل مجموعات من عناصره للمشاركة بالقتال في سورية.
ويتعاظم دور المليشيات الأجنبية، مع الضعف التدريجي والمتواصل لقوات النظام التي مُنيت خلال السنوات الخمس الماضية بخسائر ضخمة، وباتت تعاني من شح كبير في المصادر المحلية للتجنيد، مع الافتقاد لروح القتال، نتيجة عدم وجود أفق في نهاية الطريق، فكان لا بد من الاعتماد على عناصر أجنبية، إما عقائدية لديها توجّه معين لا ينضب من الحماسة، مثل معظم التنظيمات ذات الهوية المذهبية، أو تنظيمات مأجورة، تضم عناصر مختلطة الهويات الطائفية، فضلاً عن وجود تنظيمات قد لا تُعتبر أجنبية لأنها موجود أصلاً على الأرض السورية، وأن كان عناصرها لا يحملون الجنسية السورية، مثل “جيش التحرير” وبعض التنظيمات الفلسطينية، وهذه لا تعمل بدوافع عقائدية ولا هي مأجورة، لكن تحكمها ظروف أخرى مشابهة لما يحكم قسم من الجنود والضباط المغلوبين على أمرهم في قوات النظام.
الإيرانيون ومليشياتهم
لا يُخفى أن إيران هي المُجنِد الأول للمقاتلين الأجانب لصالح قوات النظام، سواء عبر استغلال العواطف المذهبية بدعوى الدفاع عن الأماكن الشيعية المقدّسة في سورية، أم من خلال تمويل هذه المليشيات وتسليحها وتدريبها. ولعل التطور الأحدث، واللافت في الوقت نفسه، هو إعلان المسؤول في القوات البرية التابعة للجيش الإيراني، العميد أمير آراسته الإثنين الماضي، أن بلاده أرسلت مستشارين عسكريين وعناصر تابعين للقوات الخاصة في اللواء 65 إلى سورية، مشيراً إلى إنه تم إرسال مستشارين عسكريين من هذا اللواء ومن ألوية وفرق عسكرية أخرى إلى سورية في وقت سابق. وكان هذا المسؤول نفسه قد أعلن في شهر مارس/آذار الفائت، أن بلاده ستستخدم عناصر تابعين للقوات الخاصة ووحدات القناصة كمستشارين عسكريين في سورية بعد خضوعهم لتدريبات مكثفة.
وهذه هي المرة الأولى التي يجري فيها الإعلان عن إرسال قوات من الجيش النظامي الايراني، وليس متطوعين أو من الحرس الثوري، إلى سورية. ويأتي ذلك، بعد توالي الإعلان في الأيام الأخيرة عن سقوط قتلى إيرانيين، بينهم ضباط، في مختلف جبهات القتال في سورية، خصوصاً في ريف حلب. وظلت إيران ترفض الاعتراف الرسمي بوجود قواتها العسكرية في سورية، وتطلق على قتلاها اسم “المتطوعين”، فيما تدّعي أنّ ضباط الحرس الثوري الذين لقوا حتفهم في المعارك السورية من المتقاعدين، أو هم مجرد مستشارين.
ويُقدَّر عديد العسكريين الايرانيين في سورية اليوم، خصوصاً ممن ينتمون إلى الحرس الثوري، ببضع مئات أو آلاف قليلة، لكنهم فاعلون وممسكون بالمفاصل الحساسة في التخطيط والإشراف على العمليات العسكرية الرئيسية، بالتكاتف مع ضباط وعناصر “حزب الله” اللبناني، حتى بات ضباط جيش النظام، يضيقون ذرعاً بتدخّلاتهم، وتعاملهم المتعالي معهم.
والقوة الرئيسية الأخرى التي تقاتل إلى جانب النظام بفاعلية كبيرة، وبتنسيق كامل مع الحرس الثوري الإيراني، هي حزب الله اللبناني، إذ ينشر عدة آلاف من مقاتليه في عموم الأراضي السورية، وتفيد بعض التقديرات أنهم يصلون إلى نحو خمسة آلاف مقاتل، يزداد عددهم وينقص بحسب التطورات العسكرية والسياسية.
وأبرز عمليات الحزب، قيادته عملية السيطرة على مدينة القصير في ريف حمص، ومعارك القلمون، وحصار الزبداني ومضايا وريف حلب. كما أنه مُتهم بالمشاركة في ارتكاب مجازر في درعا، والبيضا في بانياس، ومجازر في ريف اللاذقية. وتكمن قوة الحزب بارتباطه الجغرافي مع معسكراته وقيادته في لبنان، إذ يؤمن سرعة وصول الدعم البشري، والأسلحة لمقاتليه في سورية.
ومن التنظيمات البارزة التي قدمت إلى سورية برعاية إيرانية أيضاً، “لواء فاطميون”، الذي قُدّر عديده في أوج قوته بـ3500 مقاتل، جنّدهم الحرس الثوري الإيراني من بين اللاجئين الأفغان المقيمين على الأراضي الإيرانية، مقابل راتب شهري يتراوح ما بين 500 و600 دولار، ومنحهم إقامات وتسوية أمورهم غير القانونية في إيران، ومن ثم قام “فيلق القدس” بتدريبهم وتسليحهم، وهم يُعتبرون جزءاً من “حزب الله أفغانستان” ويتمركزون أساساً جنوبي سورية.
أما “لواء أبو الفضل العباس”، فهو أقل عديداً بقليل من “لواء فاطميون”، ويُعتبر من أوائل الفصائل الشيعية التي قاتلت في سورية تحت رعاية إيران، بحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب في ريف دمشق. تشكّل هذا اللواء أساساً من اللاجئين العراقيين المقيمين في سورية، ويضم مقاتلين سوريين من أبناء بلدتي نبل والزهراء، إضافة إلى مقاتلين من لبنان، ومن جنسيات آسيوية عدة. ويُقدر عدد عناصر هذا اللواء بنحو 4800 مقاتل، يتلقى كل منهم نحو 500 دولار كراتب شهري، وانضمت إليه بعض المجموعات الأقل شأناً مثل “لواء اللطف” و”لواء المعصوم”. ويتمتع اللواء بهيكلية وقيادة عسكرية واضحة، وينسّق عملياته مع قوات النظام السوري.
أما “حركة النجباء” التي يوجد مقرها في العراق، فقد تعزز وجودها في سورية منذ منتصف العام الماضي، وهي مُشكّلة من عناصر من “حزب الله العراقي” وتنظيم “عصائب أهل الحق”، وتم رصد هبوط طائرات إيرانية وعراقية في مطار دمشق الدولي تحمل مقاتلين عراقيين، بحسب ما صرح ضابط في الجيش السوري الحر لوكالة “آكي”، مشيراً إلى أن المقاتلين العراقيين يصلون بشكل منتظم مرتين أو ثلاثة بالأسبوع عن طريق مطار دمشق برحلات للطيران المدني العراقي والإيراني.
وقبل ذلك في أواخر شهر مايو/أيار الماضي، نقلت وكالة “فرانس برس” عن مصدر أمني في نظام الأسد قوله إن “آلاف المقاتلين العراقيين والإيرانيين وصلوا في الآونة الأخيرة إلى سورية للدفاع عن دمشق وضواحيها”.
المليشيات المحليةكما أشارت معلومات إلى أن المقاتلين في المليشيات الأفغانية والإيرانية يصلون إلى سورية عبر ميناء طرطوس البحري، بسفن صينية قادمة من إيران، عبر قناة السويس، ويتم نقلهم بالحافلات إلى جبهات القتال، بينما تُنقل القيادات الإيرانية التي تشرف على المعارك وتساند قوات نظام الأسد جواً عبر مطار مدينة جبلة.
وفي مايو/أيار العام الماضي، أظهرت تسجيلات مصوّرة من هاتف جوال، مقاتلين باكستانيين شيعة ينتمون إلى لواء “الزينبيون”، يحاربون إلى جانب قوات النظام في حلب ويقومون باحتلال بيوت المدنيين وسرقتها. وأظهرت تلك التسجيلات، التي قالت وكالة “الأناضول” إنها عثرت عليها، الحياة اليومية لعناصر اللواء، وهم يلعبون الكرة الطائرة ويرقصون على أنغام الموسيقى المحلية الباكستانية، كما أظهرت قيامهم بتدريبات عسكرية وإطلاقهم قذائف مدفعية. وتحدث العناصر مع بعضهم باللغة الباشتونية، كما تحدثوا باللغة الأوردية وهي لغة رسمية في باكستان. وتقول مصادر مختلفة إن مئات المقاتلين الباكستانيين والأفغان قُتلوا في سورية حتى الآن.
كما تنتشر في سورية مجموعات شيعية عراقية أقل شأناً، مثل “لواء عمار بن ياسر” و”لواء الحمد”، وقوة محمد باقر الصدر التابعة لمنظمة “بدر”، و”كتائب سيد الشهداء”، و”جيش المهدي”، و”فيلق الوعد الصادق”، و”لواء ذو الفقار”، و”لواء السيدة زينب”، و”عصائب أهل الحق”، بعضها انسحب من سورية نتيجة تصاعد المعارك في العراق مع تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) وأخرى ما زالت تحتفظ بوجود محدود.
كما ظهرت في أواخر شهر سبتمبر/أيلول، “سرايا طليعة الخراساني” وزعمت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنها تتخذ من مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، مقراً لها. وحسب البيانات التي صدرت عن السرايا، يبدو أن نطاق عملياتها العسكرية ينحصر في المناطق الريفية الواقعة حول دمشق. ويضع أفراد المجموعة شعار الحرس الثوري الإيراني على الراية الخاصة بهم. وراجت أخبار عن وجود معسكر لمليشيات الحوثيين في مدينة أزرع في محافظة درعا يضم مئات المقاتلين.
وفي مطلع مايو/أيار من العام الماضي، وثّق ناشطون مشاركة مرتزقة أفارقة يقاتلون مع قوات النظام في معارك جسر الشغور بريف إدلب، حيث عثر على جثث لعناصر أفريقية ذات بشرة سوداء. وفي منتصف الشهر العاشر من العام الماضي، قالت قناة “فوكس نيوز” الأميركية، إن مجموعة من جنود قوات النخبة في الجيش الكوبي، توجّهت إلى سورية للإشراف على تدريب القوات السورية وقيادة الدبابات. كما ذكر مدير معهد الدراسات الكوبية-الأميركية جيم سوتشليكي، أن طائرتين روسيتين تقلان جنوداً كوبيين هبطتا في مطار دمشق الدولي.
وفي الإجمال، يُقدّر العدد الإجمالي لعناصر المليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب نظام الأسد ما بين 60 ومئة ألف مقاتل أجنبي، يقودهم بشكل عام قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
كما تبرز “كتائب البعث”، المؤلفة من موظفين حكوميين وفتيات وشباب جامعيين، تطوّعوا كأعضاء في حزب البعث الحاكم. وكان هدف وجود هذه المليشيا في البداية، حراسة المباني الحكومية والمنشآت الحيوية، ثم تعزز دورها للقتال على الجبهات، ويُقدر عدد عناصرها بنحو 6 آلاف مقاتل، مع راتب يصل إلى 200 دولار أميركي لكل منهم.
وبرز أيضاً اسم مليشيا “صقور الصحراء”، وهي تابعة لقوات النظام، وتتكوّن من عناصر علوية وشيعية وأبناء من عشيرة الشعيطات، خُصصت مهامها من أجل قتال عناصر “داعش” الذين لم تستطع قوات النظام السوري مواجهتهم. وتضم هذه المليشيات عناصر مدربة، منهم ضباط وعناصر متقاعدون في الجيش ومتطوعون من الشباب السوري، وهي مليشيا مختصة في نصب الكمائن وتنفيذ المهمات الخاصة الصعبة. وأغلب مهام المجموعة حماية منابع النفط والغاز في سورية. كما أنها تقوم بحماية أكبر مخزن للأسلحة في سورية، وهو مخزن مهين.
وتشكّلت أيضاً مليشيا “مكتب الحماية السرياني” بعد سيطرة تنظيم “داعش” على بلدة مهين في ريف حمص، وما أثار ذلك من مخاوف لدى سكان قرية صدد ذات الغالبية المسيحية، والذين شكلوا على الإثر قوات “السوتور” عام 2013 أو الحماية كما تسمى باللغة السريانية، لحماية المناطق المسيحية بشكل عام. وتلقّت هذه المليشيا تدريبات عسكرية وحصلت على السلاح من القوات الكردية في سورية، وهي تتبع المجلس العسكري السرياني، وتنتشر في مدينتي القامشلي والمالكية، وتعتبر أن التصدي لتنظيم “داعش”، و”جبهة النصرة” من أهم أهدافها، لكنها اتُهمت بسرقة العديد من البلدات المسيحية الواقعة شمال شرق سورية.
أما أبرز القوى الفلسطينية التي تُقاتل إلى جانب قوات النظام، فهي “جيش التحرير الفلسطيني” الذي يضم ثلاثة ألوية تنتشر إجمالاً بالقرب من الحدود مع فلسطين المحتلة، وهي “قوات حطين”، ومقرها في مدينة قطنا بريف دمشق، و”قوات أجنادين” ومقرها في جبل الشيخ، و”قوات القادسية” وتنتشر بالقرب من مدينة السويداء جنوبي البلاد. وشهد “جيش التحرير” الذي يقوده اللواء محمد طارق الخضراء، ويخضع نظرياً لقيادة منظمة التحرير، وعملياً لقيادة قوات النظام السوري، صراعات داخله نتيجة ضغوط النظام وقيادته لزجّه بالقتال، ورفض العديد من الضباط والعناصر هذا الأمر، ما أدى إلى إعدام العديد منهم ميدانياً.
ومن القوات الفلسطينية أيضاً، “لواء القدس” الذي ينشط في حلب شمال البلاد، ويُعتبر من أكبر المليشيات التي تقاتل هناك لصالح النظام. شكّل هذا اللواء الفلسطيني محمد سعيد المتعاون مع الاستخبارات الجوية، وذلك بعد اندلاع الثورة السورية بوقت قصير. وكان يتكوّن من أبناء مخيمي النيرب وحندرات للاجئين الفلسطينيين في حلب. وسعت قيادة اللواء في الفترة الأخيرة إلى زيادة عدد عناصره عن طريق إغراء عناصر قوات “الدفاع الوطني”، للانضمام إلى صفوف اللواء عن طريق إغرائهم برواتب مرتفعة نسبياً قياساً برواتب “الدفاع الوطني”.
كما وقفت مع النظام بعض التنظيمات الفلسطينية التي مقرها في دمشق، وترتبط قياداتها بالأجهزة الأمنية السورية، مثل “الجبهة الشعبية-القيادة العامة” بقيادة أحمد جبريل، و”فتح الانتفاضة”، و”جبهة النضال الشعبي” الفلسطيني. وتسهم تلك الفصائل بشكل أساسي في حصار مخيم اليرموك جنوبي دمشق.
ويقول قائد “الفرقة الثانية مشاة” في منطقة القلمون العميد هاني الجاعور، لـ”العربي الجديد”، إن الثقل الأكبر للمليشيات يتركز في حلب وحماة واللاذقية وعلى مثلث الموت الذي يربط ريف دمشق الغربي بريفي القنيطرة ودرعا، مضيفاً أن “قسماً كبيراً من المليشيات العراقية خف نشاطه في سورية، وتم تعويض النقص عن طريق الحرس الثوري الايراني من مرتزقة من باكستان وأفغانستان”. ويشير الجاعور إلى أن “حزب الله” يحاول في الفترة الأخيرة تقليل مشاركته في المعارك لتخفيف خسائره. أما النظام فهو يعمل على زج عناصر “الدفاع الوطني” في معاركه الحالية بقيادة ضباط من النظام، بينما يقوم هو بتأمين الدعم الناري والدعم الجوي.
لماذا يقاتلون؟
إضافة إلى الدوافع الدينية لدى بعض عناصر هذه المليشيات، يُعدّ الدافع المادي من أهم أسباب التطوع في صفوف هذه التنظيمات، إذ تتراوح رواتب “حزب الله” بين 1000 و2000 دولار شهرياً، بحسب ما ذكر عناصر تم أسرهم من الحزب في معارك القلمون، في حين لا يزيد راتب السوري التابع للعديد من المليشيات المحلية عن 75 دولاراً. وقال ناشطون إن الكثير من عناصر قوات النظام يتركون قطعهم في الجيش وينضمون إلى “حزب الله” أو “لواء أبو الفضل العباس”، للحصول على راتب أعلى وعلى دعم بالطعام والرعاية الصحية والإجازات أثناء الخدمة.
كما أشارت تقارير صحافية إلى أن أحد دوافع المليشيات الأجنبية للذهاب إلى سورية هو الإعفاء من الأحكام الجنائية الصادرة بحقهم، كما هو الحال مع المقاتلين الأفغان الذين ترسلهم إيران إلى سورية مقابل العفو عن جرائمهم.
وقالت مصادر في المعارضة المسلحة من مدينة حلب، إنه خلال التحقيق مع بعض المقاتلين الأجانب الذين وقعوا في الأسر، تبيّن أنهم مدانون بأحكام جنائية في إيران تصل إلى 15 عاماً وأتوا إلى سورية للتخلص منها، إذ نصّ العقد بين المتطوّع المحكوم جنائياً و”الحرس الثوري الإيراني”، على القتال في سورية لمدة عامين مقابل الحصول على العفو. كما ذكرت تقارير صحافية أن إيران تعتمد على إغراء المقاتلين الأفغان بالحصول على الإقامة على أراضيها مقابل القتال في سورية، وإلا يتعرضون للترحيل.
وتشير المعطيات اليومية إلى ان هذه المليشيات تتعرض لخسائر كبيرة على جبهات القتال المختلفة، إذ يُزَج بها مباشرة على الجبهات الساخنة من دون تدريبٍ كافٍ، فضلاً عن جهل عناصرها للأرض والجغرافية السورية. وخلال الأشهر الخمسة الاخيرة، وإثر التدخل الروسي في سورية، ارتفعت وتيرة مشاركة إيران في القتال، ليرتفع معها عدد قتلاها، فوصل العدد المعلن عنهم إلى 215 قتيلاً بينهم العديد من الضباط.
وفي المعارك الاخيرة قرب بلدة العيس بريف حلب الجنوبي، قُتل العشرات من المقاتلين الأفغان، فضلاً عن سقوط عشرة من مقاتلي “حزب الله” أيضاً في تلك المعارك. وقدّر قائد ميداني في “فيلق الشام” خسائر المليشيات الأجنبية في سورية بأكثر من ألف عنصر اضافة إلى أسر المئات.
صراعات داخلية ومع النظام
خلال محادثات جنيف، شكّك وفد المعارضة السورية بقدرة نظام الأسد على تنفيذ التزاماته التي قد يتعهد بها في جنيف، خصوصاً التي يتطلب تطبيقها قوة وسيطرة فعلية على الأرض، باعتباره لا يملك الأرض وحده، بل تسانده ما لا يقل عن 50 مليشيا أجنبية، وفي بعض المناطق تمتلك هذه المليشيات القرار الفصل، وعادة ما يكون ولاؤها أشد لإيران، خصوصاً الموجودة في محافظتي حمص واللاذقية.
استشهد الوفد بالاتفاق الذي توصلت إليه إيران وحركة “أحرار الشام” لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى مدينة الزبداني بريف دمشق، وكفريا والفوعة بريف إدلب، واستُبعد النظام تماماً من هذا الاتفاق واقتصر دوره على التنفيذ فقط.
كما تشهد العلاقة بين هذه التنظيمات نفسها، وبينها وقوات النظام، صراعات ومواجهات بسبب الخلافات على النفوذ والغنائم، وعادة ما ترفض بعض هذه المليشيات، التي تقاتل على أساس طائفي، مشاركة قوات النظام لها في معاركها مع المعارضة، بسبب فقدان الثقة بين الطرفين. وأدى ذلك إلى تراجع مكانة المليشيات المحلية المعروفة باسم “الشبيحة” أمام تعاظم نفوذ المليشيات العراقية، خصوصاً في أماكن سيطرة قوات النظام في مدينة حلب.
كما أشارت مصادر إلى تزايد حالات هروب عناصر من قوات النظام وانضمامهم إلى المليشيات الشيعية العراقية واللبنانية، لأن هذه المليشيات تهتم بعناصرها بشكل أفضل من النظام من حيث تأمين الأموال والطعام والملبس، فضلاً عن أنها تملك سلطة واسعة على الأرض.
العربي الجديد