إنها نسمات الصباح التي تحمل للناس شعور التفاؤل لكنها لم تحمل إلى عبد المالك الذي ينتظر ركوب الباص إلى مخيمات أطمة سوى اليأس وانعدام الأمل.
عبد المالك ذو الثامنة والثلاثين ربيعا معلم لمادة التربية الدينية، اتخذ قراره الأخير بالنزوح إلى المخيمات عله يجد فيها ما يسد رمق أطفاله بعد الحيرة واليأس.
بعد تحرير مدينة إدلب من قبل جيش الفتح، تم تحويل رواتب العاملين في قطاع التعليم التابع للنظام إلى مدينة حماه التي مازالت تحت سيطرته، لتظهر معاناة جديدة للمعلمين، فقد فرض النظام عليهم الذهاب إلى حماه لقبض رواتبهم.
يقول عبد المالك: “نذهب في بداية الشهر إلى حماه بقصد الحصول على الراتب الذي يعد الدخل الوحيد لي ولعائلتي، أعاني كثيراً فحواجز النظام التي ازدادت شراسة وحقداً على أبناء إدلب بشكل عام، ليقوموا باستفزازنا وإهانتنا، عدا اقتصاص أجزاء من الراتب وكثير من الأحيان يصل إلى نصف الراتب ويمكن أكثر، ولكن لا خيار لنا إلا الذهاب”.
عبد المالك ليس المعلم الوحيد الذي يتعرض للإهانه على الحواجز، فجميع المعلمين يتعرضون لنهب أجزاء من رواتبهم وإجبارهم على دفع المال من أجل المرور، وأحيانا الاعتقال والسوق للتجنيد الإجباري لمن لم يتجاوز الثانية والأربعين من العمر.
يقول علي وهو أحد المعلمين على لسان أحد عناصر الجيش المتواجدين على الحواجز حين قال له: ” أنتم تدعمون الإرهاب ويجب ألا يتم تقبيضكم، ورواتبكم هذه من جيوبنا ونحن أحق بها منكم”.
ومع كل ما يفعله النظام وعناصره من جيش ودفاع وطني والميليشيات الأخرى التي تقف بجانبه لم يجد العديد من المعلمين دخلاً من الائتلاف أو الحكومة الموقتة ويقول عبد المالك اتصلنا برئيس المجمع التربوي للمدارس الحرة في مدينة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي فقال لنا: ” نحن نجري استبيانات سريعة للمعلمين الذين يقارب عددهم عشرة آلاف بقصد استيعابهم فور الموافقة على مشروع تحويل منحة اليونسيف من النظام إلى التربية الحرة”.
وأما أحمد الذي يعمل مدرساً في ريف إدلب فيقول: ” لم أجد جدية بموضوعهم”.
ويتابع متحدثاً: “أنا أب لخمسة أطفال ومنذ ثلاثة أشهر لم أتقاضى ليرة واحدة من أي جهة وليس لنا مصدر رزق آخر، وأنا في حيرة من أمري والراتب أساسا لم يكن يكفي في ظل غلاء الأسعار، ولكنه أفضل من اللاشيء”.
وفي حديث لرئيس المجمع التربوي في جيش الفتح في منطقة معرة النعمان وخان شيخون في ريف إدلب، “حسن الحسين” قال: ” أبشركم باندماج التربية في جيش الفتح والتربية الحرة وهناك ألف فرصة عمل سيتم استيعابها فورا وألف وستمائة فرصة أخرى قريبة جداً”.
كثير من الوعود لكن هل تكفي هذه الوعود لانتشال عشرة ألاف أسرة تعيش على الأمل وهل يعود الأمل إلى عبد المالك ليعود إلى أرض فارقها مكرها؟؟، لندع الأيام القادمة تجيب على ذلك!!!
مصطفى الإسماعيل
المركز الصحفي السوري