سعت بريطانيا وفرنسا الاثنين لإقناع الاتحاد الأوروبي بإدانة الحملة الجوية الروسية المدمرة في سوريا وتمهيد الطريق لفرض المزيد من العقوبات على حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، لكن محاولتهما قوبلت بمعارضة من حلفاء قلقين من إغضاب موسكو، فيما تعكس تضارب المواقف خلافات بين الدول الاعضاء في الاتحاد حول الأزمة السورية.
وادانت بروكسل مرارا الحملة العسكرية على حلب وغيرها من المناطق السورية التي تحاصرها قوات النظام، إلا أنها لم تخرج بموقف موحد حول فرض عقوبات على النظام السوري وحليفته روسيا.
وبعد فشل جهود دبلوماسية قادتها الولايات المتحدة في مطلع الأسبوع في تحقيق انفراج، اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج للدعوة لإنهاء قصف أحياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة السورية حيث يعيش نحو 275 ألف شخص تحت الحصار والإسراع بتوصيل مساعدات إنسانية للمدينة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو “الضغط على روسيا يجب أن يكون قويا وكلما أظهر الاتحاد الأوروبي موقفا موحدا وتصميما تمكنا من المضي قدما في ما يعتبر التزاما أخلاقيا وهو وقف مذابح السكان في حلب.”
لكن الاتحاد منقسم بشأن استراتيجية التعامل مع روسيا أكبر مورد للطاقة له وهناك خلافات بشأن مدى انتقاد موسكو وما إذا كان هناك ما يدعو لفرض عقوبات على الروس.
وتريد بريطانيا وفرنسا فرض حظر سفر على 20 سوريا آخرين وتجميد أصولهم للاشتباه في أنهم يوجهون هجمات على مدنيين في حلب لتضاف أسماؤهم إلى قائمة يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليها بالفعل وإلى حظر توريد النفط والسلاح لسوريا.
وقال دبلوماسيون إن باريس ولندن أثارتا كذلك احتمال فرض عقوبات على روس لهم دور في الصراع الدائر في سوريا لتضاف أسماؤهم إلى قائمة للاتحاد الأوروبي تضم 208 أشخاص و69 شركة تشمل أيضا ثلاثة إيرانيين.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الذي أجرى محادثات مع نظيره الأميركي جون كيري الأحد إن قصف روسيا لحلب “عار على الإنسانية” ووصف روسيا بأنها من يحرك الحكومة السورية.
وتقول بريطانيا والولايات المتحدة إنهما تبحثان فرض عقوبات إضافية على الأسد ومن يدعمونه دون ذكر روسيا بالاسم.
وقال خوسيه مانويل غارثيا مارجايو القائم بأعمال وزير الخارجية الإسباني إن بلاده التي رعت مع فرنسا مشروع قرار في الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار استخدم الكرملين حق النقض (الفيتو) ضده هذا الشهر ستدعم العقوبات الروسية إذا ساعدت في “تقريب موقف روسيا من موقنا”.
وسيبحث زعماء الاتحاد الأوروبي مسألة روسيا واحتمال فرض عقوبات جديدة عليها خلال قمة في بروكسل يوم الخميس، لكن أقرب حلفاء روسيا داخل الاتحاد مثل اليونان وقبرص والمجر يعارضون ذلك.
وأبدت النمسا وهي نقطة لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا معارضتها كذلك اليوم.
وقال سيباستيان كيرتس وزير خارجية النمسا للصحفيين “فكرة فرض عقوبات إضافية على روسيا قد تكون خاطئة… نحن لا نحتاج للمزيد من التصعيد.”
وبدت ألمانيا متحفظة كذلك ورفض وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير فرض إجراءات عقابية على روسيا رغم أن صحيفة ألمانية نقلت عن مصادر قولها إن المستشارة الألماني أنغيلا ميركل تؤيد ذلك.
وفرض الغرب عقوبات واسعة النطاق على روسيا بعد ضمها لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014 ودعمها للمتمردين في أوكرانيا.
هل للاتحاد الأوروبي دور في السلام؟
وأطلع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا وزراء الاتحاد الأوروبي على فرص السلام بعد المحادثات التي جرت من دون الاتحاد في مدينة لوزان السويسرية يوم السبت.
وحاول دبلوماسيون في الوقت نفسه إعداد بيان دبلوماسي نيابة عن جميع حكومات التكتل الثماني والعشرين يندد بالغارات الجوية الروسية.
وتريد فرنسا وبريطانيا بيانا شديد اللهجة إذ تشعران بالغضب والاستياء من الحملة التي تساندها روسيا والتي أودت بحياة بضع مئات من الأشخاص بما في ذلك عشرات الأطفال منذ انهيار هدنة توسطت فيها الولايات المتحدة وروسيا.
وتفيد مسودة بيان أن وزراء الاتحاد الأوروبي سيدينون “التصعيد الكارثي” لهجوم الحكومة السورية لاستعادة شرق حلب حيث يتحصن ثمانية آلاف من المعارضين في مواجهة قوات مدعومة من سوريا وروسيا وإيران.
وتقول المسودة إن الضربات الجوية على مستشفيات ومدنيين “قد تصل إلى حد جرائم حرب” وسيدعون إلى مثول “سوريا وحلفائها” أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ويقول دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي سيدعو كذلك إلى وقف لإطلاق النار مع إرسال بعثة مراقبة وإعطاء دفعة جديدة لمحادثات السلام تشارك فيها فيدريكا موغيريني مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي وحرية دخول فورية لمساعدات الاتحاد الأوروبي التي أعلن عنها يوم الثاني من أكتوبر/تشرين الأول.
ويبحث الاتحاد الأوروبي الذي ليس له وجود عسكري في الصراع السوري عن دور كصانع سلام وقد يحاول قيادة عملية للإتيان بقوى إقليمية ومنها السعودية وإيران وتركيا إلى محادثات بشأن تسوية سلام نهائية إذا أمكن التوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتوزيع المساعدات أولا، بينما تصر باريس على ألا يكون لموغيريني أي اتصال بالأسد.
ميدل ايست اونلاين