فرضت حياة الحرب على السوريين واقعاً مريراً من نزوح وتشرد لفقر وفقدان وغيرها من المآسي، فكان الإعلام الثوري بكافة أشكاله نافذة أمام العديد لنقل الواقع وفضح ممارسات النظام أمام العالم أجمع .
وكان الفن أحد تلك النوافذ ومنبراً لإيصال صوت وهموم المواطنين عبر الفن التشكيلي والكاريكاتيري والدراما التلفزيونية والإذاعية والمسرحية وغيرها من الفنون، حيث كانت قبل الثورة السورية مقيدة ومسيسة لخدمة النظام السوري وخاضعة لرقابته وضمن مسار لا يمكنها الخروج عنه.
ويشكل المسرح الثوري أحد أهم دعامات الفن في ظل الثورة السورية كونه وليد الحرب ويحمل صوت الشعب وضميره من خلال رسائل مسرحية من وحي الواقع، تلقي الضوء على حالات كانت ضحية للعنف والقصف الذي يمارسه النظام ضد شعبه، ويعتبر المسرح من أكثر الوسائل الفنية التفاعلية كونها لاتحتاج لوسيط بين الفنان والمشاهد.
وشارك في تأسيس المسرح الثوري مجموعة من الفنانين المعارضين للنظام وفي مقدمتهم الفنان نوار بلبل ابن مدينة حمص ونجل الفنان فرحان بلبل، حيث قام بإخراج عدد من المسرحيات التي تحاكي الواقع السوري بمشاركة الأخوان ملص المعروفان بأعمالهما المسرحية السابقة. ”
“سفينة الحب” مسرحية جديدة بتوقيع الفنان نوار بلبل كتابة وإخراجاً ويتم التحضير لها في العاصمة الأردنية عمان، ويشارك في المسرحية 7 أطفال وشبان سوريين معظمهم يعاني من إصابات وإعاقات جسدية وبتر أطراف نتيجة تعرضهم لقصف من طيران النظام أثناء تواجدهم داخل سوريا.
وتعالج المسرحية أربع قضايا رئيسية ألا وهي لجوء السوريين إلى أوروبا وجرحى الحرب بسبب وحشية النظام والمعتقلين عند قوات الأمن السوري والقضية الأخيرة والتي تشكل نقطة ارتكاز المسرحية الفتيات المغتصبات من قبل شبيحة النظام، وتعتبر هذه المسرحية الثالثة لبلبل بعد نجاح مسرحيتي “شكسبير في الزعتري” و”روميو وجولييت”.
“طريق الخبز” فرقة مسرحية تأسست في آب الماضي، والذي يميزها عن غيرها أنها تعمل في الداخل السوري من قلب المعاناة في مناطق حلب المحررة، وتقدم عروضاً مسرحية بإمكانيات متواضعة وشحيحة حيث تحدى طاقمها حياة القصف شبه اليومي الذي يطال المنطقة.
” حفلة عربية لأجل الحرية” عمل جديد للفرقة ويطرح فكرة كيف ينظر العالم إلى الانتهاكات التي تمارس في زمن الطغاة للحرية؟ وما دورهم في لعبة الحرب التي يعيشها الشعب؟ وتدور أحداث المسرحية حول صحفي يتم اعتقاله من المطار لحظة وصوله لحضور مؤتمر عن حرية الصحافة، وتنتهي بمشاهد إيمائية يحاكون بها الثورات العربية.
تواجه الفرقة معوقات عدة أهمها القصف العشوائي والذي تسبب في كثير من الأحيان بإصابة أحد عناصر الفرقة مما يجبرهم على تغيير مكان العرض بين الحين والآخر خوفا من استهدافه، وشح الإمكانيات والمعدات فمعظمها مصنع بطرق بدائية كخشبة المسرح وهي عبارة عن خشبة بناء، إذ لاتوجد جهات داعمة تساهم في تمويل مثل هذه الفرق .
سيبقى المسرح منبراً فنياً يحاكي بواقعيته حياة السوريين عبر تصويره للاعتداءات والممارسات القمعية التي تطال إنسانيتهم وكرامتهم من قبل نظام حاول بشتى الوسائل قهرهم وإذلالهم، لكن لن يتمكن من ذلك مادام أملهم بالنصر القريب ما زال حاضراً.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد