تنعكس الأزمة الاقتصادية سلبا على الفلاحين في ريف حلب، فالزراعة في نظرهم لم تعد مصدر رزقهم الوفير.
أبو علاء فلاح من بلدة كلجبرين بريف حلب الشمالي، كان يعتمد في زراعته لمواسم عدة على الخضار والفواكه، لكنه اليوم يعتمد على زراعة البعل التي لا تحتاج سقيا دوريا، ذلك أن غلاء المحروقات بات هاجسه، بالإضافة إلى غلاء البذور والأسمدة والمبيدات الحشرية.
يقول أبو علاء “الزراعة بات وضعها سيئا جدا، كل شيء غالٍ لأننا نشتري بالدولار وليس بالليرة السورية كما كان سابقا، فحتى حرث الأرض باتت تكلفته كبيرة”.
ويضيف “بسبب هذا الغلاء اعتمدت على زراعة البعل، مع العلم أن مردوده قليل جدا ولا يكاد يغطي تكاليفه ومعيشتي مع عائلتي، ولكن رغم ذلك هو أفضل من العمل عاملا في أرض الغير”.
إغلاق الحدود والمعابر
تنتقل المحاصيل بعد حصادها إلى سوق الهال، وهو سوق لبيع الخضار بالجملة وبات يغص بالمنتجات الزراعية الوافدة إليه يوميا، مما يتسبب في كسادها.
ويرجع التجار ذلك إلى إغلاق المعابر والحدود، وتوقف حركة التصدير خارج المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وهما من أبرز أسباب تدني أسعار المنتجات الزراعية لضعف سوق التصريف.
ويقول جمال كنو أحد تجار الخضار “مع إغلاق المعابر والحدود بتنا وكأننا في منطقة محاصرة، فلا مجال لتصريف تجاري خارج المنطقة، والتخوف من الكساد هو عدم إمكانية التخزين لمدة طويلة للمنتجات الزراعية”.
ويضيف كنو “لا نستطيع الشراء من الفلاحين بأسعار تناسبهم لأن التلف اليومي هو هاجس كبير وخسارة ضخمة للفلاح الذي يجني الخضار لكنه لا يجني تكلفتها”.
منتجات مستوردة
يرى الفلاحون والتجار أن استيراد المنتجات الزراعية وخصوصا تلك الموجودة في المنطقة بوفرة، له دور كبير في خسارة الفلاحين ويتسبب في تدهور القطاع الزراعي، لأن المنتجات المستوردة تصل إلى السوق قبل وصول المنتجات المحلية وبأسعار تكلفة أقل، وهذا الأمر يجعل الفلاح أمام خيارين، إما البيع بأسعار أقل من التكلفة وإما خسارة كامل المحصول بالتلف، في حين يلجأ التجار للمنتجات المستوردة لسعة مجال الربح فيها.
ورغم تدني أسعار المنتجات الزراعية، يراها الأهالي مرتفعة بالمقارنة مع دخلهم اليوم، ويقول المواطن عزيز “أسعار الخضار لا تطاق لأنها شيء نحن بحاحة إليه يوميا ونعتمد عليها في معيشتنا، ومتوسط الدخل اليومي للفرد اليوم لا يسمح له بشراء كل ما يحتاجه، ويفرض عليه مثلا التخلي عن الفواكه التي أصبحت اليوم من الكماليات”.
ويقطن في الشمال السوري أكثر من 4 ملايين شخص نصفهم من المهجرين والنازحين جراء العمليات العسكرية للنظام وحلفائه، وقد تسبب ذلك في فقدانهم مصادر رزقهم، علاوة على الأوضاع الاقتصادية المتردية في المنطقة التي خلفت نسبة فقر وبطالة تجاوزت 60% من الشباب، ليزيد لهيب الحرب ولهيب الفقر مأساتهم.