المركز الصحفي السوري – عاصم الإدلبي
تعتبر المراكز النسائية التي انتشرت في عدد من المدن والبلدات في ريف إدلب الجنوبي خطوة إيجابية كبيرة في الاتجاه الصحيح لبناء المجتمع السوري وخصوصاً “المرأة” وإعادة تأهيله بعد أن دمرته الحرب المستعرة في البلاد منذ أكثر من أربع سنوات ، ومركز مزايا هو واحد من هذه المراكز التي تقدم خدماتها للمرأة في الداخل السوري.
هذا المركز هو مركز نسائي بحت، يشمل أنشطة تتعلق بالمرأة لا سيما المجال الحرفي، حيث يقوم بتنفيذ دورات خاصة ومكثفة داخل المراكز المنتشرة في المنطقة وذلك لرفع سوية المرأة السورية وجعلها أكثر فاعلية في المجتمع، حيث تشمل الدورات الإسعافات الأولية، دورة نسيج الصوف، دورة خياطة، دورة قص شعر، بالإضافة إلى دورات علمية خاصة كـ “دورات محو الأمية” و”دورات تعليم لغة انكليزية”، وذلك بإشراف عدد من المتخصصات في هذه المجالات.
قام هذا المركز باستقطاب العنصر النسائي في المجتمعات الريفية التي تعتبر محافظة لدرجة كبيرة وتعارض هذه الأنشطة وتعتبرها غير ضرورية، إذ أن هذه المجتمعات تعتبر أن الرجل هو القيم على كل شيء ولا يجوز إعطاء المرأة أي دور يذكر والاقتصار فقط على القيام بالشؤون العائلية، وهذا المركز يحاول تغيير هذا المنظور لدى عامة الناس في هذه المجتمعات، حيث يشدد القائمون على هذا المركز أنه مركز نسائي بحت هدفه تغيير النظرة السلبية للمرأة داخل المجتمع.
السيد “عبد الرحمن الإسماعيل” المسؤول الإداري عن هذه المراكز يتحدث لنا عن انجازات مركز بلدة معرة حرمة في ريف إدلب الجنوبي في الفترة الماضية فيقول:” من خلال هذا المركز تم تخريج 300 امرأة خضعن لدورة إسعافات أولية، وتم منحهن شهادات نظامية مكتوبة ومختومة، كما أن المركز قام أيضاً بعمل حفلين ضمن المركز لأمهات الشهداء المعتقلين، ويسعى المركز خلال فترة قريبة أن ينشئ مركز علمي للإناث من الصف الأول حتى السادس”.
في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها سوريا، كانت كافة شرائح المجتمع السوري قد تعرضت لنكبة حقيقية في كافة المجالات، وهذه الشرائح عاشت ولاتزال تعيش ظروفاً استثنائية للنهوض بالمجتمع السوري من جديد، فقد تأثرت المرأة السورية كما بقية الفئات بالحرب، فمنهن من كانت موظفة تركت وظيفتها لأجل عائلتها، ومنهن من تركت جامعتها، والكثير منهن لجأن إلى الخارج مع أطفالهن إلى دول الجوار، وأصبحن عالة على المجتمع همهن الوحيد هو تأمين لقمة العيش لأطفالهن دون النظر إلى أمور هامة أخرى لا سيما التعليم، وهذا الأمر انعكس سلباً على الداخل السوري، فهذا الأمر شكل ضغطاً هائلاً على الرجل حتى يبذل جهوداً غير اعتيادية لتأمين ضروريات الحياة لعائلته، ومن هنا تبرز الحاجة لوجود مثل هذه المراكز لإعادة بناء المجتمع السوري الذي تشكل النساء فيه أكثر من 65% من تركيبته.
يضيف السيد عبد الرحمن متحدثاً لنا : “هذا المركز يتم دعم أنشطته من خلال نشطاء سوريين في الداخل حصراً، وهو بإمكانيات بسيطة استطاع خلال فترة قصيرة لا تتجاوز عام أن يشكل نقلة نوعية في العمل المهني والعلمي لدى شريحة كبيرة من المجتمع السوري لا تزال مهمشة وهي شريحة “المرأة السورية”، وطالب السيد عبد الرحمن بإيلاء أهمية أكبر لهذه الخطوة ودعمها لكي تستمر بالنجاح والتطور .
إن المركز وكونه يقدم للمرأة السورية هذه الخبرات يعتبر بداية قوية تحتاج للدعم والتشجيع لنشر ثقافة البناء وجعلها عامة لدى كافة مكونات المجتمع السوري وتعميمها على مناطق أخرى لا تزال بعيدة عن الوصول لهذه الانجازات.