أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريراً أعلنت فيه، ان “النساء في سوريا تعرضن للاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والأذى البدني، والتضييق، والتعذيب أثناء النزاع السوري، من جانب القوات السورية، والجماعات المسلحة المعارضة للحكومة”.
ويوثق التقرير المؤلف من 47 صفحة تحت اسم “مازلنا هنا: سيدات على جبهات النزاع السوري” ، تأثير النزاع السوري على المرأة بصفة خاصة، فقد تعرضت السيدات الـ17 اللواتي تتبعهن التقرير لانتهاكات على أيدي القوات السورية وتلك الموالية لها، وكذلك على أيدي الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة
وقالت ناشطات وعاملات إغاثة إنهن تعرضن للتهديد والاعتقال والاحتجاز التعسفيين والتعذيب على أيدي قوات حكومية أو قوات المعارضة المسلحة. وقالت سيدات أخريات إنهن وقعن ضحايا للقيود التمييزية المفروضة على ملبسهن وتحركاتهن، وأصيبت سيدات عديدات أو فقدن بعض أفراد عائلاتهن في اعتداءات عشوائية عديمة التمييز على المدنيين من جانب القوات الحكومية.
وقالت مديرة قسم حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش لايزل غيرنهولتز : “لم تُعف المرأة من وحشية النزاع السوري في أي جانب من جوانبه، إلا أنها ليست مجرد ضحية سلبية، فالمرأة تتولى مسؤوليات متزايدة، سواء كان هذا باختيارها أو بضغط الظروف، ولا ينبغي أن تدفع الثمن ترهيباً واعتقالاً وإساءة، بل وتعذيباً “.
ويعد استعراض اللجنة الأممية فرصة لتسليط الضوء على محنة المرأة في سوريا، وبوجه خاص أن الحكومة السورية والعديد من الأطراف غير التابعة للدولة ترتكب انتهاكات بحق السيدات والفتيات في مناخ من الإفلات التام من العقاب، بحسب هيومن رايتس ووتش. يتعين على اللجنة حض الحكومة السورية على التوقف عن عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفيين وكل أشكال العنف ضد النساء، والتحقيق في تلك الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها.
ورأت منظمة هيومن رايتس ووتش أن على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والحكومة السورية وغيرهما من الأطراف المعنية ضمان التمثيل والمشاركة التامة والجدية للمرأة في مباحثات أو مفاوضات السلام المقبلة كلها، وكذلك ما يتلوها من عمليات لوضع السياسات وإقرار السلم.
ويستند التقرير إلى مقابلات مع 27 لاجئة ومع ممثلي 7 من مقدمي الخدمات في غازي عنتاب وكلس بتركيا في آذار ونيسان 2014. وقال عدد من السيدات لـ”هيومن رايتس ووتش” إن قوات سورية أو جماعات مسلحة غير تابعة للدولة مارست بحقهن التضييق أو التهديد أو الاحتجاز بسبب نشاطهن السلمي، بما في ذلك التخطيط والمشاركة في مظاهرات سلمية، وتقديم المساعدات الإنسانية للسوريين المحتاجين. ووصفت سيدات أخريات خبرتهن بعد تولي عمادة أسرهن أو إعالتها فعلياً حينما اعتقلت القوات الحكومية أقاربهن الذكور، أو حينما أصيبوا أو قتلوا في هجمات عشوائية عديمة التمييز على مناطق مدنية بأيدي جماعات مسلحة.
مايسة، 30 سنة، كانت تقدم المساعدة الطبية لأفراد جماعات مسلحة معارضة للحكومة، وتعمل في قناة فضائية مؤيدة للمعارضة، قبل احتجاز قوات أمنية حكومية لها في دمشق في نيسان 2013، فاعتدى عليها أفراد قوات الأمن بالضرب طوال الليل بخرطوم أخضر: “كانوا يصفعونني على وجهي، ويجرونني من شعري، ويضربونني على قدمي وعلى ظهري وفي كل مكان”. تمت الإشارة إلى السيدات اللواتي تتبعهن التقرير بالاسم الأول فقط، أو باسم مستعار، حسب الوضع الأمني الخاص بكل منهن.
وقد قامت جماعات مسلحة غير حكومية أيضاً بالتضييق على سيدات من اللواتي استعرضهن التقرير واحتجازهن، وفرض سياسات تمييزية على السيدات والفتيات، بما في ذلك القيود على الملبس وحرية التنقل
وقالت أخريات لـ هيومن رايتس ووتش إنهن أصبن أو فقدن أقارب لهن في هجمات عشوائية عديمة التمييز على مناطق مدنية. وصارت العديدات منهن العائل الرئيسي لأسرهن نتيجة للنزاع. قتل أربع من أطفال أمل الخمس في قصف بالقنابل البرميلية على حلب في تموز 2013، وبعد هذا بقليل تعرض زوجها لسكتة دماغية أصابته بشلل جزئي وإعاقة في الكلام، وتعمل أمل، 44 سنة، على راعيته. في آذار رحلت الأسرة إلى تركيا لطلب العلاج الطبي والرعاية التأهيلية للزوج. وهناك كانوا ينامون بمنتزه في العراء ويعتمدون على الصدقات لتناول الوجبات.