كثيرا هي العبارات التي نسمعها عن المرأة ودورها في المجتمع، ولعل أكثرها شهرة “المرأة نصف المجتمع وهي مربية النصف الآخر كما يقال، والأصح تعبيرا أنها مربية المجتمع بأكمله.
منذ اندلاع الثورة السورية السلمية شاركت المرأة في الاحتجاجات والمظاهرات السلمية جنبا الى جنب مع الرجال في الساحات على طول الأرض السورية، سواء في المدن والأرياف وفي الجامعات، ولم تتوانى عن تقديم الدعم المعنوي للرجال في إكمال ثورتهم السلمية حتى النصر منذ البداية.
فأكدت مشاركة المرأة السورية في الثورة على وجود شراكة حقيقية مع الرجل في مرحلة هي الأصعب في تاريخ سوريا، فقد هتفت مع المتظاهرين، وساعدت في كتابة شعارات مناهضة للنظام، وكان لها نشاطها على صفحات التواصل الاجتماعي في نشر كل ما يخدم الثورة وتنظيم الحملات، ولم التبرعات وايصالها لمحتاجيها.
ولم يقتصر دورها داخل حدود سوريا بل تعداه للخارج، في تنظيم الوقفات الاحتجاجية أمام السفارات وأيضا في ساحات القضايا السياسية والاجتماعية.
ولكن هل من الممكن أن يكون للمرأة ذات الجسد الرقيق قوة لتتحمل السلاح، وتخرج إلى ساحات القتال، ولم لا وقد حملت الكثير منهن السلاح وخرجت مع الرجال إلى الساحات وهي إلى الآن تخرج وتقاتل مع الرجال بكل قوة كما في حلب و الغوطة.
شهدت الأرض السورية ولا زالت تشهد حربا لم تشهدها دولة من قبل وعدو هو الأشرس لا يعرف الرحمة ابدا، أجبرهن النظام باحتلاله قراهن وقصفها النزوح إلى الخيام مع عائلاتهن، ومطلوب منها كل شيء، فمعظمن فقدن أزواجهن وإخوتهن وأصبحن يقمن بدور الرجل، فكان عليهن توفير العلاج والرعاية والغذاء لأطفالهن في تلك المخيمات مع صعوبة توفير ذلك فهي الطبيبة والمعلمة والمربية، وزاد من الصعوبة النزوح والترحال بين الحين والآخر، وطبعا لا يمكن أن نخفي دورها الطبي في المشافي الميدانية وما تعرضت له من المخاطر وما زالت هي الكادر الأكثر في تلك المشافي .
وتمر السنين والمرأة السورية تدفع ثمن حرية شعب بأكمله وليس حريتها فقط، فهي المتظاهرة والمعتقلة ومعيلة الأسرة والمهجرة و النازحة وزوجة الشهيد وأخته وأمه، وتتكفل بكل أعباء الأسرة.
ولكن كل هذه المعاناة لا تساوي شيئا أمام معاناة امرأة معتقلة، ففي إحصائية الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مثل هذا اليوم من العام الماضي، فإن النظام قتل ما يقارب 18500 امرأة منذ بدأ الاحتجاجات عبر عمليات القصف العشوائي بالمدفعية و القنابل العنقودية والغازات السامة و البراميل المتفجرة وصولا إلى الذبح بالسلاح الأبيض، وذلك في مجازر عدة حملت طابعا تطهيريا طائفيا، ووثقت أيضا حوالي 6600 حالة اعتقال تعسفي منهن 225 تحت سن ال18 سنة وتقدر الشبكة أنه ما يزال أكثر من 2500 امرأة قيد الاعتقال بينهن 450 في عداد المختفيات قسريا، ووثقت ارتكاب قوات النظام أكثر من 7500 عنف جنسي بينهن 750 داخل مراكز الاحتجاز ومنهن أكثر من 400 حالة لفتيات تحت سن ال18.
وبالنهاية كثيرة هي التقارير بالصوت والصورة والشهادات والبراهين القاطعة التي تشير إلى فظاعة الانتهاكات الإجرامية بحق المرأة السورية وهي جزء لا يتجزأ من بطولات صمود الشعب السوري الذي يواجه بالجسد أعتى آلات الإجرام حقدا وعنفا في تاريخ البشرية.
سالم ابراهيم البصيص