مع دخول شهر رمضان المبارك، تخلو معظم «كرفانات» اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري في محافظة المفرق شمال شرقي الأردن، من مظاهر الشهر الكريم.
وفيما يحوّل تقليص برنامج الأغذية العالمي مساعداته الغذائية أخيراً، حياة هذه الأسر إلى ما يشبه المجاعة، إذ لم تعد تكفي لأن يبلغ أرباب الأسر الإحساس بالشبع، خوفاً من عدم كفاية الطعام لأطفالهم.
وكان البرنامج قلّص من قيمة قسائم الغذاء للاجئين السوريين مطلع العام الحالي، بحجة العجز الخطير في موازنته. ويعيش هؤلاء في المخيم حياة أقرب إلى «البدائية» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فهم مضطرون في رمضان إلى تحمّل حرارة الأجواء داخل «العربة المنزل»، التي تفترش رمالاً ساخنة في منطقة صحراوية قاحلة.
ومنذ إنشائه قبل أكثر من ثلاث سنوات، يضمّ المخيم نحو 10 آلاف كرفان تفتقد التيار الكهربائي. وفي هذة الأجواء، يصبح الحصول على شربة مياه باردة عند الإفطار في رمضان اللاهب هذا العام، ضرباً من الخيال، علماً أن أسراً كثيرة تخلو من عنصر الشباب الذي طحنته المعارك في سورية.
وفيما يشتدّ الصيام عليهم بقساوة حرارة الصحراء نهاراً، تتحوّل الكرفانات إلى مكعبات من الثلج ليلا ًبسبب طبيعة المادة المصنعة منها، وهي غالباً من الحديد والألومنيوم، لا سيما أن المخيم يوجد في منطقة تتميز بأجواء صحراوية شديدة البرودة مساء.
ووسط هذه الظروف، تبدو تفاصيل الحياة أكثر قتامة للأسر أيضاً داخل الكرفان الذي يخلو من أجهزة التلفاز والحواسيب، ما يحرمهم من متابعة المسلسلات التلفزيونية الرمضانية التي اعتادوا على مشاهدتها، خصوصاً مسلسل «باب الحارة» الشهير، كما يقول لاجئ فضّل عدم ذكر اسمه، مؤكداً أن الحياة في المخيم خلال رمضان مليئة بالملل، ويكاد لا يظهر شيء فيه من مظاهر الشهر الكريم.
ويقطن مخيم الزعتري حوالى 85 ألف لاجئ سوري، يعتمدون في معيشتهم على ما تقدّمه منظمات أممية من مساعدات، في مقدّمها المفوضية السامية للاجئين وبرنامج الأغذية العالمي.
ووفق اللاجئ إبراهيم (اسم مستعار)، دفعت هذه الحياة القاسية لاجئين كثراً، وهو واحد منهم، إلى المغامرة بحياتهم، باستجرار الكهرباء في شكل غير شرعي من أسلاك أعمدة إنارة الشوارع.
ويشير إبراهيم إلى أن عدداً كبيراً من اللاجئين دفع حياته في سبيل الحصول على الكهرباء، لتشغيل أجهزة تلفاز استطاع تهريبها إلى كرفانات غير مهيأة للتزوّد بالتيار، ما عرّض كثراً لصعقات. ولفت إلى أن الاستجرار الشرعي للكهرباء، غالباً ما يتم في شكل غير صحيح، ما يؤدي إلى تلامس كهربائي ينتج منه احتراق الكرفان بمن فيه.
وعلى رغم أن منع إيصال التيار قرار اتخذته منظمات إغاثية أممية، وفق اللاجئ أبو محمود (اسم مستعار)، إلا أن موظفين أردنيين مسؤوليين عن إدارة المخيم يتغاضون عن الاستجرار غير الشرعي للكهرباء، تماشياً مع مصلحة اللاجئين. لكنه أدّى وفق مدير المخيم العقيد عبدالرحمن العموش، إلى احتراق ستة محوّلات بسبب زيادة الضغط عليها، خصوصاً أنها غير مؤهلة للعمل بطاقة عالية غير إنارة الشوارع.
وأوضح العموش أن لاجئين يتعاملون مع الاستجرار غير الشرعي للكهرباء وكأنه حق مكتسب، وهو ما ظهر فعلاً من خلال الاعتصام الذي نفّذه عدد منهم أمام مبنى إدارة المخيم أخيراً، بعد احتراق مولّدات وانقطاع التيار عنهم، فاضطرت قوات الدرك والشرطة إلى التدخّل لإنهائه.
وتحظّر تعليمات المنظمات الأممية توصيل الكهرباء الى كرفانات المخيم، خوفاً على سلامة اللاجئين، لأن نوعية الكرفانات غير قادرة على التعامل مع التيار الكهربائي، فضلاً عن الكلفة العالية التي ستتحمّلها هذه المنظمات، وهي أساساً تعاني من عجز مالي في بلد يشهد ارتفاعات قياسية ومتتالية في أسعار الكهرباء، بسبب اعتماده في توليدها على المحروقات المستوردة. وتقدّر الفاتورة الشهرية للكهرباء في مخيم الزعتري، وفق العموش، بنحو 900 ألف دولار، تُستخدم لإنارة الشوارع والمدارس والمستشفيات الميدانية.
ومنذ بدء الأحداث في سورية، يستقبل الأردن أكثر من 1,4 مليون سوري، 400 ألف منهم مسجّلون كلاجئين يقطنون مخيمات، هي: الزعتري وهو الأكبر، المخيم الأردني – الإماراتي، مخيم الأزرق، مخيم السايبر سيتي، وحدائق الملك عبدالله.
الشرق الأوسط”