وعُرفت المدينة بطابعها المحافظ، حيث تتمسك بارتداء النقاب، منذ عقود طويلة، وتعتبره بعض شرائح المجتمع الموصلي، خاصة العوائل الأرستقراطية، دليلا على الرياسة والرفعة، ولا يرتبط باحتلال تنظيم (داعش) للمدينة من قريب أو بعيد.
القرار الذي اتُخذ، مطلع الأسبوع الجاري، وباشرت أجهزة الأمن بتنفيذه، ينصّ على منع ارتداء السيدات النقاب تحت مزاعم تخفّي أفراد تنظيم (داعش) و”الانتحاريين” منهم على وجه التحديد في النقاب وبزيّ النساء.
وأثار تطبيق القرار امتعاضاً شديداً لدى الأهالي، الذين عدّوه مشابها لقرارات تنظيم (داعش) بفرض الإرادات بالقوة، مطالبين القيادات الأمنية باستغلال تعاطف الأهالي وتفعيل التعاون الأمني معهم بدلا من تطبيق القرارات بالقوة.
وقال ضابط في شرطة الموصل لـ”العربي الجديد” إنّ “قيادة الشرطة تسلّمت، منذ ليلة أمس، كتابا رسميّا من الجهات العليا، نصّ على تطبيق قرار منع ارتداء النقاب، ومنع خروج أي امرأة من منزلها إلّا أن تكون كاشفة عن وجهها”، مبينا أنّ “القوات الأمنية المختلفة بدأت فعلا بتطبيق القرار، ومنعت خروج النساء المنقبات من منازلهن”.
وأوضح أنّ “القوات الأمنية المنتشرة في أزقة وشوارع الموصل، خيّرت النساء اللواتي يرتدين النقاب بين العودة إلى منازلهنّ أو رفع النقاب، ما أجبر البعض منهن على خلع النقاب، بينما لم تستطع أخريات خلعه، وأجبرن على العودة إلى منازلهن”.
وأضاف أنّ “القرار لم يترك مجالا لأي تسامح في هذا الباب، بحجة أنّ تنظيم “داعش” يستغل النقاب وينفذ هجماته ويقوم بتحركاته المشبوهة في الموصل، الأمر الذي أوجب اتخاذ القرار”، مبينا أنّ “جهات عشائرية ودينية حاولت التدخّل لدى قيادة الشرطة لمنع القرار، لأنّه يمس المجتمع الموصلي، لكن القيادة أبلغتهم أنّ القرار صادر عن الجهات العليا ولا يمكن التسامح فيه”.
وقال الشيخ باسم الشمّري، لـ”العربي الجديد”، إنّ “المجتمع في الموصل بشكل عام ذو توجه ديني قبل أن يعرف تنظيم (داعش)، وأنّ ارتداء النقاب ليس شيئا طارئا على الكثير من مناطق الموصل والكثير من نسائها، لكنّ داعش عمّم هذا الشيء بالقوة وأجبر جميع النساء على ارتدائه”.وتلقف الأهالي القرار بغضب شديد، خصوصا في قرى الموصل، والتي ترتدي نساؤهم النقاب حتى من قبل دخول تنظيم “داعش” إلى الموصل، بينما تبرّر القوات الأمنية القرار بأنّه إجراء أمني مهم.
وأضاف أنّ “القرار الحكومي بمنع ارتداء النقاب أثار حفيظة الأهالي، الذين عدّوه غير مختلف عن قرارات (داعش)، من خلال فرض الإرادات والقرارات بالقوة، فقد كانت الفرق الجوالة لداعش تعاقب وتحاسب المخالفات للقرار، واليوم القوات الأمنية تحاسب وتعاقب المخالفات للقرار، الأمر الذي يستوجب مراجعة حكومية لهذا القرار، والبحث عن مكامن الخلل الأمني بدلا من تطبيق القرارات غير المدروسة”.
ودعا القوات الحكومية، إلى “اتخاذ القرارات الأمنية المناسبة لفرض الأمن، واستغلال تعاطف المواطنين معها، من خلال تفعيل الجهد الاستخباري، وتفعيل خطوط تعاون مع الأهالي، وعدم استفزازهم بقرارات تفرض بالقوة”.
يشار إلى أنّ المناطق المحرّرة في الموصل ما زالت تشهد تسجيل خروقات أمنية، ولم تستطع القوات العراقية فرض سيطرتها عليها بشكل كامل.
العربي الجديد