من نكبة إلى نكسة ومن فقر إلى استبداد والأنظمة العربية مازالت تتشدق بالإنجازات وتُطير برقيات الشكر والتقدير للقائد التاريخي الذي لا يحوي تاريخه البطولي على نصرًا واحدًا بل هزائم متتالية.
اليوم تحل ذكرى النكسة التي تعرف في سوريا والأردن بنكسة حزيران وفي مصر بنكسة 67، وفي الكيان المحتل تسمى حرب الأيام الستة التي قام خلالها باحتلال سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان.
المضحك المبكي في تلك النكسات والنكبات التي تسببت بها الأنظمة العربية المستبدة، أن ببغاوات إعلامها مازالت تتشدق بالنصر المزعوم والإنجازات، وتوزع ألقاب الفخر عليها في مشهد عبثي من الكذب والنفاق ومداهنة الساقطين لا يمكن تصديقه.
بدأت حرب النكسة بهجوم مفاجئ قامت به الطائرات الإسرائيلية في الخامس من حزيران عام 1967 ضد المطارات المصرية والسورية والأردنية، وأخرجت 420 طائرة مصرية من الخدمة، كما تسببت بخسارة ثلثي القدرة الدفاعية السورية، حتى أن الآلاف من الجنود المصريين قتلوا خلال انسحاب غير مدروس من وسط سيناء نحو القناة، وأعلنت إذاعة دمشق خبر سقوط القنيطرة قبل ثلاث ساعات من حصوله.
الشارع العربي الذي كان “ينام بالعسل” على تصريحات الإعلام السوري والمصري بالانتصارات المزعومة، استيقظ على كابوس الواقع المؤلم، فبدأت دعوات محاسبة المسؤولين عن النكسة وتغيير القيادة الفاشلة، فقام عبد الناصر بحركة استعراضية أعلن فيها تنحيه عن رئاسة مصر، مدعياً تحمله المسؤولية عن الهزيمة، إلا أنه عاد عن الاستقالة بعد أن حشد النظام مظاهرات في القاهرة ومدن أخرى ترفض تنحيه عن السلطة !.
حافظ الأسد الذي كان حينها وزيراً للدفاع في سوريا وقت النكسة قام بالانقلاب واستلام الحكم ..الملك الأردني أقال الحكومة واعتبرها المسؤولة عن الهزيمة ..هكذا ببساطة تمت تصفية النكسة وامتصاص ردة فعل الناس، وبقيت الوجوه المسؤولة عن النكسة بالحكم، وتم خداع الناس للمرة الألف حتى اللاءات الثلاث التي رفعتها قمة الخرطوم بعد النكسة جرى طمسها واستبدلت بالتطبيع السري أو العلني فيما بعد.
طريقة تعامل الأنظمة العربية المستبدة مع الشعب خلال النكسة وبعدها يكشف إلى أي مدى هي تستهين بشعوبها وتلعب بها وتعبث بذاكرتها وتحول الفشلة القتلة إلى أبطال قوميين تقام لهم التماثيل وتوضع صورهم في الساحات ويسبق اسمهم دائماً بلقب القائد التاريخي.
محمد مهنا – مقالة رأي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع