عانت قرى و بلدات الشمال السوري من قصف قوات النظام كثيراً و قد كان لها النصيب الأكبر من القصف، ما دفعها إلى اللجوء لأماكن كانت بنظرهم أكثر أمناً، و نظراً لعدم تواجد منازل في تلك المناطق، اضطر اللاجئون لنصب الخيم لتكون هي المأوى لهم و تقيهم من حرّّ الصيف و برد الشتاء، بالرغم من عدم توفر أبسط مقومات الحياة .
و بدأت تتشكل الكثير من الخيم حول بعضها حتى و أنها شكلت جزءاً كبيراً وأساسياً في الشمال السوري، لكن هل هذه المخيمات هي كل ما يحتاجه اللاجئ، الذي قبل أن يكون لاجئاً، هو إنسان من حقه أن يتوفر له كل ما يتوفر لأي إنسان في أي بلد آخر، خالٍ من الحروب .
ولم تقتصر معاناتهم في خروجهم من منازلهم فحسب، بل هناك ما هو أصعب و أقسى من ذلك؛ فقد شهدت مخيمات الشمال السوري خلال فترة الشتاء لهذا العام التي طالت مدتها و تجاوزت الأربعة أشهر و الأمطار الغزيرة لم تتوقف طيلة تلك الفترة، فيضانات و سيول أدت إلى تدمير عدد من مخيمات اللاجئين و حوّلتها إلى مستنقعات .
وفي لقاء لنا مع ” عدنان الفارس ” أحد المهجرين في المخيم شرح لنا المعاناة التي يعيشونها، فقد تدمرت خيمهم بشكل كلي و لم يعد لهم مأوى يلجؤون له، ما سبب ضغطاً سكانياً على المخيمات الأقل ضرراً، و أدت الفيضانات إلى انقطاع الطرقات مما شكل صعوبة على المهجرين للوصول إلى مراكز المدينة و جعلت من الحركة شبه معدومة، في ظل قساوة العيش و الظروف التي يعيشها الشعب السوري المهجر و المقيم في المناطق المحررة .
و أضاف ” محمد سلطان ” تواصلنا مع المنظمات الإنسانية و لم نتلق إلا وعوداً لا تفيدنا بشيءٍ و إن لم تسع المنظمات لوضع حلول لتلك الأوضاع الصعبة التي يعانيها اللاجئون، سوف تتكرر هذه الحالة في كل شتاء يمر عليهم، و هم يسكنون الخيم، لذا على من يهمهم الأمر أن يتوجهوا إلى المخيمات و يمدوا يد العون لأولئك الذين لا يملكون لأنفسهم وأطفالهم شيئاً، فهم من حقهم أن يعيشوا آمنين مطمئنين .
فصل الشتاء هذا العام قد طال، وكان الأقسى و الأصعب على الشعب السوري، الذي يسكن المخيمات العشوائية، دون رعاية و اهتمام، و دون الحصول على أدنى مقومات العيش، طائرات روسية و أسلحة كيماوية و مجالس و مجتمعات دولية تدّعي الأمن و الأمان و تدّعي حقوق الإنسان، لم يحرك العالم أجمع ساكناً حيالهم، بل زادت الفيضانات و السيول و غزارة الأمطار من معاناتهم و بؤسهم و تشردهم، لم يعد أمامهم إلا العيش في هذه السيول، بعد أن أغلقت جميع الدول حدودها البرية أمامهم، آملين بغدٍ أفضل، و فرج و نصرٍ قريب ….
مجلة الحدث _ حسان محمود