صحيفة القدس العربي
إلياس خوري بعنوان
أن طريقة تعامل لبنان الرسمي مع قضية اللاجئين، حوّلت مقولة النأي بالنفس، التي استنبطتها البعثة اللبنانية في الأمم المتحدة كمخرج عقلاني، إلى مسخرة على أيدي رجال الطبقة الحاكمة اللبنانية، موضحا أن النأي بالنفس صار ستاراً لتخلي السلطة اللبنانية عن مسؤولياتها، وبدلاً من وضع حد لمغامرة “حزب الله” العسكرية في دعم نظام التهافت الاستبدادي، انفتح باب التدخل على مصراعيه، وصار النأي بالنفس إطاراً لرفض التعامل مع المأساة الإنسانية الناجمة عن لجوء ألوف السوريات والسوريين إلى لبنان، وشدد الكاتب على إنها عنصرية العاجزين والخائفين والسفهاء، الذين جعلوا السلطة في لبنان فراغاً تتحكم به الطائفيات المتنوعة، والأصوليات المختلفة، وصار اللاجئ السوري مكسر عصا للجميع، وبدل التعاطف الإنساني والأخلاقي مع مآسي اللاجئين والنظر إلى مأساة العالم العربي في وجوه اللاجئين وآلامهم، تفجّرت عنصرية هوجاء لا رادع أخلاقياً أو سياسياً لها، لتجعل من لبنان كابوساً للغرباء والمشردين، واضعة وصمة عار لن تمحى بسهولة، على تاريخنا اللبناني، واعتبر الكاتب أن ذروة اللامسؤولية هي ذلك القرار العجيب بفرض الفيزا على دخول السوريين إلى لبناني، مبينا أن هذا القرار يدفع إلى طرح سؤالين: الأول، يتعلق بالمستقبل اللبناني نفسه، فهذا التلاعب العنصري بمصائر السوريين سوف ينعكس حتما على العلاقة اللبنانية السورية في المستقبل، فماذا سيحصل عندما تتعافى سورية من محنتها، ويعود اقتصاد لبنان برمته أسير الجغرافيا، وتتأسس عنصرية مضادة في وجوه اللبنانيين، وهل سيتباكى اللبنانيون على الأخوة والمصير المشترك، بعد تلاعبهم الإجرامي بمصير حوالي مليون ونصف مليون لاجئ سوري، أما السؤال الثاني، فيقول الكاتب إنه يتعلق بالأخلاق اللبنانية، التي يشير هذا الموقف العنصري من اللجوء السوري إلى انهيارها الشامل، مضيفا أن فرض الفيزا اللبنانية هو انتقام متأخر وتافه لواقع انهيار السمعة اللبنانية في العالم، التي تجعل من حصول اللبنانيين على فيزا مسألة بالغة التعقيد، وختم الكاتب قائلا إن هذا هو انتقام الجبناء، وسياسة من قرر النأي بنفسه عن معالجة قضايا وطنه.