تشهد محافظة اللاذقية، التي تعد عقر دار بشار أسد وحاضنته الشعبية، وخامس مدن سوريا بعدد السكّان قبل أن يقصدها من هجّرتهم ميليشيا أسد من بيوتهم تحت القصف في محافظاتٍ أخرى، واقعًا اقتصاديًا متردّيًا جراء الارتفاع الساحق للأسعار الذي بلغ ذروته، مطلع حزيران الجاري، إثر انهيارٍ قياسي للعملة المحلية.
غلاء الأسعار مقابل انخفاض الدخل
وتضاعفت أسعار السلع والمواد الغذائية في الأسابيع الأخيرة بما لا يتماشى وقدرة الناس الشرائية، في حين لم تقدّم حكومة أسد أي زيادة في الرواتب أو دعما لأسعار المواد الغذائية في المحافظة التي تشكّل بيئةً حاضنةً وخزانًا بشريًا من عناصر ميليشياته في سبيل بقاء أسد.
ويرى أبو عبدو وهو نازح يقيم في اللاذقية أن الأسعار باتت غير مقبولة، فراتب الموظف الذي بات يتراوح بين 30 – 40 دولار لا يمكن أن يصمد أمام طوفان ارتفاع الأسعار أكثر من خمسة أيام. ورغم اكتفاء أبو عبدو بأساسيات الغذاء، وممارسته لعملين يجد نفسه عاجزًا عن تأمين متطلّبات أسرته.يقول الرجل لـ “أورينت نت”: “لا أعرف كم يبلغ ثمن كيلو اللحمة، فلم أشترها منذ وقتٍ طويل” موضحًا أنه بدل دفع عشرة آلاف ليرة ثمن البنطال يشتري الطعام لأطفاله، وأضاف أبو عبدو: “طفلي الصغير يطلب أن أشتري له موز ولكن سعر الكيلو بلغ 11 ألف ليرة أي حوالي ربع مردودي الشهري”. يأتي ذلك في وقتٍ تقلّصت فيه فرص العمل جراء انتشار فيروس “كورونا”.
أبناء الساحل.. قتال مجّاني
وشرح الباحث الاقتصادي، الدكتور فراس شعبو لـ “أورينت نت” تأثّر اللاذقية بالوضع الاقتصادي، حيث كانت تعتمد إلى حدٍ كبير في اقتصادها على السياحة، في ظل غياب وجود معامل كُبرى تدير عجلة الاقتصاد في المحافظة مع سيطرة الشبيحة الكلّي على مفاصل المدينة وأنشطتها التجارية، إضافةً لانخراط الكثير من أبنائها في العمل العسكري إلى جانب نظام أسد.
وقال شعبو: “قدّم أبناء الساحل الكثير من أجل أسد وكانوا ينتظرون معاملةً وأسلوبًا مختلفًا في التعاطي مع المشكلات المحلّية ولكن تجاهل أسد لمعاناتهم سبّب لهم صدمةً وحالة احتقان كانت تتجسّد على شكل انتقادات لحكومة أسد دون الإشارة للسبب الحقيقي بالاسم”.تعزو حكومة أسد ومؤيدوه على وسائل التواصل الاجتماعي حالة التدهور الاقتصادي التي تعيشها البلاد لقانون “قيصر” الذي فرضته الولايات المتحدة على نظام أسد، في السابع عشر من حزيران ردًّا على 55 ألف صورة لـ 11 ألف معتقل قتلتهم ميليشيا أسد تحت التعذيب في المعتقلات حتّى منتصف 2013.
ذكرت “اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا” التابعة للأمم المتحدة (إسكوا) في تقريرٍ لها مطلع أيار/ مايو 2016، أن 28% من السوريين كانوا تحت خط الفقر حتّى 2010 أي قبل اندلاع الثورة السورية.
ورغم الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يعانيه السوريون الذين بات أكثر من 90% منهم تحت خط الفقر، قبل تطبيق قانون قيصر، بحسب ممثّلة “منظمة الصحة العالمية” في سوريا، يستمر أسد في تزويد ميليشياته بالسلاح والنفط لحصد أرواح مزيد من السوريين على حساب لقمة عيشهم.
يشار إلى أن بشار أسد، منذ توليه السلطة في السابع عشر من تموز 2000، عمل على وأد الطبقة المتوسّطة وتعزيز التفاوت الطبقي في بنية المجتمع السوري، فوضع خيرات البلاد تحت تصّرف رجال أعمال وضبّاط مقرّبين منه، على حساب الطبقة الفقيرة.واختزل امتيازات الاقتصاد السوري الغني والمتنوّع بمجموعة من رجالاته الذين يقايضونه الولاء بقوت الشعب، في وقتٍ كدّس دخل البلاد القومي في حساباته البنكية، من عائدات النفط والثروات الباطنية والزراعية.
نقلا عن اورينت نت