المركز الصحفي السوري _ زهرة محمد
((يا يما بتوب جديد .. زفيني جيتك شهيد يا يمااا))
وقد جئتها شهيد، يا ساروت، قد جئتها عريسا ليس كأي عريس، قد زفك الجميع حبا وعشقا، وقد زغرد لك كل السوريين، ماذا أقول لك، فأنت لو لم تعرفني أخي وصديقي، أنت الذي كنت أغرد باسمه لأنه أيقونتي في هذه الثورة، أنت الابن الذي أريد لابني أن يكون، و الحبيب الذي أتمناه لكل فتاة تبحث عن رجل بحق!!.
وأنت الذي أضع صورته أمام عيني ككل غال وعزيز على قلبي، رحلت ومارحلت، أو هكذا يقال عندما يغادرك عزيز و لا تسطيع تصديق غيابه، تبتدع خيالات كثيرلاستحضاره، لسماع كلماته، ترسم الصور وترى بعضها عبر مواقع التواصل، تعلق إحداها على صفحتك حبا به و إكراما له!!.
الساروت الذي ولد 1992 ونزح من القنيطرة، لتكون حمص وطنه الجديد وعشقه الأبدي، و الذي مات وهو يحن للقياها، متحسرا على خيانتها من الجميع، والذي اتفق الكل عليه و على الأحرار الذين كانوا معه. فخرج حزينا ولكن ليس مذلولا، ليعود لساحات القتال من جديد.
هل أنستنا ذاكرتنا أنه حفر نفقا بيده، ليدخل الحليب والخبز لحمص العزيزة، أم ظننا أن هذا من حكايا ألف ليلة وليلة، هل أنستنا هموم الدنيا أن هناك من دفع كل فواتيرنا عنا في هذه الثورة، لنعيش كراما على أنقاض ما فعله ومن معه .
وسؤالا يظل بروادني وإياكم هل فعلنا ما يكفي لذكراه، ذلك الأسمر الذي ترجل باكرا، ولكن ليس باكرا من عمر ثورة أعياها كل خائن و عاث بها فسادا كل ظالم على ضعيف، عبد الباسط الساروت الذي ابتعد عن حراسة الكرة، ليحرس ثورة بأكملها من المتسلقين و الظلمة والخونة، والذي حار كارهوه ماذا يلصقون به من تهم، وفي كل مرة كان الفشل بانتظارهم ليقول لهم حب الملايين دافع عنه لأنه منهم ولهم.
نزح عن حبيبته حمص ليذكرها في مقام ومقال، و أرغم الجميع على احترامه حتى من لا يتخذ منهجه، أبكي رحيله السوريين فهو الأخ والصديق والخل الوفي في زمن لا خل فيه وثورة لا شجاع فيها إلا ما ندر، ترأس منصب الحب فكان ملكا في جبهة شهدت على شجاعة أمثاله، هل دفعت له الثورة ما دقع لأجلها، أم تخلت عنه في غمرة كل من تخلت عنهم !!!
سبعة وعشرين ربيعا، كانت كافية جدا ليروي تراب سوريا بدمه، كانت كافية ليشهد شابا كل أنواع الحب والكره في هذه الثورة، ويعرف كل هؤلاء المحبين وكل الحاقدين الذين سعوا لتحزيبه، وفي كل مرة يكون فشلهم أكبر، كيف استطاع ذلك الشاب أن يوازن بين ثورته و كل ما يحيط به من تخبط وتشرذم وكيف اجتمع الجميع على كلمته وهو الذي كان يقول أنا لا أحد !!. ولكنه كان الكل في واحد، أبصر بعينيه ما لم يبصره أحد من القادة والمتشدقين، فكان الكل في واحد وكان دون أن يقصد قائدا من وللشعب السورين بلا صناديق انتخابات وهمية،و لا خطابات مزيفة، فالحب وحده جعله في هذه المنصب
وإخلاصه لما خرج لأجله ثمان سنوات دون كلل ولا ملل، دون تخطيط و حشود ودعايات.
كانت 2019 تاريخا ليس ينسى حيث عشقته الشهادة كما عشقها وتمناها دائما، ضمه تراب سوريا، اشتياقا بعد أن كان بلبلا صدح بالحق، حتى أخر تغريدة! وحارسا لكرامة شعب دفع ثمن كلمته غاليا جدا، هل نجدد الوداع يا ساروت، أم نقول أنت السابق يا حبيبنا ونحن على دربك لاحقون سائرون ثائرون …!!.